الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

موعد مع «الخواجة بايدن»!


الانتخابات الأمريكية قصة مختلفة عن أى انتخابات أخرى فى أى دولة .. ولايات متنوعة ديموجرافيا ومجتمع مركب متعدد الشرائح والطبقات .. ودوائر إعلام تُسخِّر أدواتها وشبكاتها للاستقطاب السياسى والمواطن الأمريكى وحده يدفع ثمن التضليل والتخدير الممنهج .. وسباق ملتهب بين فريقين كل منهما له أسلحته الهجومية وترسانته الدفاعية لتغرق المناظرات التليفزيونية فى سهام الاتهامات وفواصل السباب والسخرية اللاذعة للانتقاص من رصيد وأسهم الخصم، ثم تخضع خطابات المرشحين  لسيل قراءات المحللين  والخبراء بما يؤثر على الرأى العام وقرار الناخب أمام الصندوق .. وكاتالوج أصوات من الصعب توقع اتجاهاته وإلى أى معسكر سينحاز، فتقع مفاجآت وتختفى حقائق وتغيب معلومات مع "حُواة" السياسة داخل غرف البيت الأبيض و"كهف" الكونجرس الحاكم!.

لعبة معقدة وخيوطها متشعبة .. وعيون العالم تتطلع إلى كلمة "الإعلان الأخير" .. من الرئيس؟! .. وتخرج هذه السطور أثناء فرز المرحلة الحاسمة بين الجمهورى دونالد ترامب، والديمقراطى جو بايدن .. ويمر عقرب الساعة وتفوح رائحة السياسى العجوز من أركان البيت الرئاسى مع اقتراب دخوله ليطيح بالتاجر القديم من مقعده الوثير .. وساذج من يحلم بالخير والعطاء من "سارق التاريخ" وقاتل الحضارات، وهذا ما تقدمه دائما السياسة الأمريكية بكل ثوابتها ومبادئها المقدسة .. تلك السياسة التى تؤمن بضمان أمن وأطماع إسرائيل أولا وأخيرا .. ورسم خريطة العالم بمقاييس "مسطرة الحرية" ووفقا لأجندة محددة الخطوات وسيناريوهات محبوكة ومتقنة لينتهى أى فيلم سياسى بانتصار منفرد لـ "البيت الأبيض"!.

وبخلاف إسرائيل .. لم ينجُ أى بلد فى ولاية ترامب الأولى من نيرانه السياسية، وضرباته الاقتصادية تحت الحزام، وفرماناته العنصرية لإرضاء السلالة البيضاء النقية .. فخسر كثيرا خارجيا .. وارتطمت سفينة "الملياردير" بصخرة كورونا الصلبة وملف "غضب الأقليات" المشتعل دوما، ثم فساد إدارته واستقالات رجاله الناقمين  على أسلوبه .. فخسر أيضا داخليا وفقد تدريجيا بطاقة تجديد الولاية الثانية .. وتنفس غريمه "بايدن" الصعداء بحثا عن فرص أكبر وحظوظ أوفر .. ويستعد الآن لاستبدال كرسى "نائب الرئيس" بـ "الرجل الأول" .. فماذا يملك ليستأنف الأمريكيون - ومن ورائهم كل الحلفاء والأعداء - مشوار الوجود؟!

نظريا، بايدن أكثر خبرة ودراية بشئون السياسة الخارجية .. واحترافه الدبلوماسى فى عهد باراك أوباما يؤهله لترميم العلاقات الكبرى وفتح مجالات جديدة للتعاون مع أوروبا بعد انتهاء شهر العسل فى فترة ترامب .. والنمور الآسيوية فى انتظار مفاوضاته الهادئة .. والدب الروسى يرحب بمصافحته وعقل داهيته "بوتين" يحسب كل حركة وإشارة بدقة وذكاء حذر .. أما عمليا، فثمة خصوم الظاهر، وهم حلفاء الظل، الذين يتشوقون للتفاهم المشروط مع أبرز مهندسى "الإسلام السياسى" فى الشرق الأوسط، وأمام إيران وتركيا قناة مشتركة لعبور مصالحهما وخططهما التوسعية من بوابة "بايدن" نحو الفوضى الخلاقة وإعادة تشكيل البؤر الممزقة بعد رياح "الربيع العربى" .. وفى المقابل يقف العرب بصدور مفتوحة وعباءات فضفاضة تحتضن طلبات وصفقات "الثعلب السياسى" طالما صوت الحروب خافت، وآلة التدمير والتخريب معطلة، وشلال الدم متوقف .. إنه منهج "الديمقراطيين" المعروف فى تدريس قوانين  النظام الأمريكى وعدم الخروج عن إطارها وإلا الهلاك والضياع!.

- لا للعنف المباشر والنسف الصريح .. ونعم للحوار وتوزيع الأدوار .. هكذا يفرض "بايدن" لغته، ويحرك أعوانه فى المكتب البيضاوى دفة الأمور والقضايا .. ودائما ما يكون الرئيس الأمريكى هو البادئ بالعروض وطارح الأفكار، والآخرون يفضلون الاستقبال وردود الأفعال .. وقبل التتويج الرسمى، وبعيدا عن فرضية فوز ترامب والتفاؤل نسبيا بقدوم بايدن .. هل يمكن أن يختلف العالم مع الأخير؟! .. من يخرج عن المألوف ويبادر الزائر الجديد بأفكاره وعروضه؟! .. من يمكنه اختراق "تابوه" الولايات المتحدة المُحرَّم ويخاطب "العقل" الديمقراطى بعد أن فشلت أعوام "المال" الجمهورى؟! .. ومن يستطيع أن يستثمر موارده وكنوزه ليحظى بذات الرضا والقدسية اللتين يتمتع بهما الفتى الإسرائيلى المدلل، ويفوز بنفس الأرباح والغنائم؟! .. نقول من ونحن على يقين  بأن "الخواجة" بايدن هو الوجه الآخر لـ "السمسار" ترامب من العملة الأمريكية، وهى العملة التى تحمل فقط منطق المنفعة والمصلحة ولا تقتنع على الإطلاق بشعارات الأمس الثورية .. ولا بأحلام الغد الرومانسية .. ولنا فى فناء البيت الأبيض وأروقة الكونجرس بغرفتيه "النواب" و"الشيوخ" جولات .. وحواديت!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط