الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسن فتحي مهندس الفقراء وشيخ المعماريين.. سحر قرية القرنة يخلد اسمه

المعمارى حسن فتحى
المعمارى حسن فتحى

"ابن الوز عوام" مقولة مصرية شهيرة تمتدح فعل الابناء عندما يقومون بعمل مماثل للاباء، فتكون بمثابة ثناء وفخر لأنهم يسيرون على نفس الدرب، وهذا ما ينطبق على المهندس الذى وضع توقيعه على أشهر القرى التى عرفتها مصر خلال القرن العشرين، واستهلم إرث أجداده الفراعنة وعبقريتهم في التصميم الهندسي للمعابد والمقابر المصرية القديمة التي شيدت منذ آلاف السنين.. إنه شيخ المعماريين حسن فتحي أشهر معماري القرن الماضى بلا منازع وصاحب تصميم وبناء قرية القرنة في الأقصر التي صممت فى أغسطس 1945 وتم الانتهاء منها 1952.

ولد حسن فتحى في 23 مارس 1900 فى مدينة الإسكندرية وانتقل إلى قاهرة المعز فى الثامنة من عمره والتحق بكلية المهندسخانة بجامعة الملك فؤاد الأول "القاهرة حاليا" تأثر بالعمارة الريفية النوببة المبنية بالطوب اللبن التى انتهجت نهج الاجداد باستخدام المواد المحلية فى البناء لتناسب المناخ وتصمد امام تغيرات الزمن، فالعمارى الذى يتقن ثلاث لغات ويهوى الموسيقى لم يكتف بتصميماته الفريدة وانما درب السكان المحليين على صناعة المواد والمبانى الخاصة بهم، فكان مهتما بتشييد المجتمعات اكثر من بناء المبانى ويرى أن جميع قرى مصر تحتاج لإعادة بناء، وبدأ حسن فتحى مشواره المعماري ببناء مدرسة طلخا الابتدائية بريف مصر وغلب عليه الطابع الكلاسيكى، وامتدت مسيرته لأكثر من 60 عاما حتى وفاته 1989 ما بين تدريس فى كلية الفنون الجميلة وتدرج في عدة مناصب دولية خبيرا فى منظمة الامم المتحدة لاغاثة اللاجئين وخبير فى منظمة الامم المتحدة لتنمية المملكة العربية السعودية، بجانب اسهامات عدة فى عدد من الدول العربية والإفريقية والأوروبية.

قصة قرية مصرية 
تظل قرية القرنة في الأقصر تحفته المعمارى حسن فتحي الذى صممها وأنشأها وتعتبر الاكثر ارتبطا باسمه دون غيرها من اعماله الأخرى نظرا لشهرتها العالمية، وسرد قصة بنائها فى كتابه الشهير عمارة الفقراء وانشئت القرية بغرب مدنية الأقصر.

اتجهت الدولة فى عهد الملكية المصرية للحفاظ على المقابر الفرعونية بالبر الغربى من السرقة وهنا جاءت فكرة بناء قرية القرنة التى بنيت وصممت على ثلاث قرى متصلة ببعضها لاستيعاب المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربي لإنقاذها من السرقات والتعديات عليها بعد أن اكتشف المختصين وعلماء الآثار سرقة نقش صخري بالكامل من أحد القبور الملكية فصدر قرار بتهجيرهم من المقابر، وإقامة مساكن بديلة لهم.

مليون جنيه للبناء القرية الجديدة
خصّصت الدولة ميزانية قدرها مليون جنيه لبناء القرية الجديدة، وتم اختيار الموقع ليكون بعيدًا عن المناطق الأثرية وقريبًا من السكك الحديدية والأراضي الزراعية وبدأ فتحي المرحلة الأولى من مشروع بناء القرية ببناء 70 منزلًا، بحيث يكون لكل منزل صفة مميزة عن الآخرين حتى لا يختلط الأمر على السكان.

الخامات المحلية
اعتمد فتحي في تصميم المنازل على الخامات والمواد المحلية، وظهر تأثّره بالعمارة الإسلامية كانت للقباب تصميمها الفريد التي استخدمت بدلا من الأسقف التي تعتمد على الألواح الخشبية أو الأسياخ الحديدية المعتادة. تم تخصيص بابٍ إضافيٍ في المنازل للماشية، التي يقتنيها سكان المنطقة، كنوع من أنواع العزل الصحي، حفاظًا على سلامة الأفراد.

شُيّدت ثلاث مدارس بالقرية؛ الأولى للأولاد والثانية للبنات أما الثالثة فكانت مدرسة لتعليم الحِرف اليدوية التي أشتهرت بها منطقة القرنة، مثل الألباستر والغزل والنسيج وصناعة منتجات النخيل، كما حاول من خلال هذه المدرسة الحفاظ على روح الإبداع الفرعونية في الأجيال الجديدة. 

واهتم حسن فتحي بالجانب التعليمي لم يغفل الجانب الديني الذي يميز أهل القرية، أو الجانب الترفيهي لتعويضهم عن منازلهم التي تم تهجيرهم منها عنوة، وعمل على إنشاء مسجد كبير في مدخل القرية حمل أجمل النقوش المعمارية في تصميمه، وتأثر فيه بالفن المعماري الطولوني ممتزجا مع الفن الإسلامي في العهد الفاطمي، وفيما يخص الجانب الترفيهي قام فتحي بإنشاء قصر ثقافة حمل اسمه، ومسرحًا مبنيًا على الطراز الروماني، إلى جانب حمام سباحة بجانب بحيرة صناعية ذات تصميم فريد لمكافحة البلهارسيا.

اشهر اقواله
"إذا كان البيت المفرد قد يؤلف لحنًا فإن المدينة بأكملها تشبه السيمفونية".

"الحداثة لا تعني بالضرورة الحيوية، والتغير لا يكون دائما للأفضل".
 
"إن الله قد خلق في كل بيئة ما يقاوم مشكلاتها من مواد وذكاء المعماري هو في التعامل مع المواد الموجودة تحت قدميه لأنها المواد التى تقاوم قسوة بيئة المكان".
 
توفى المهندس حسن فتحى فى 30 نوفمبر عام 1989.