الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيهاب كاسب يكتب: الإدارة الإعلامية القوية سلاح جديد للمؤسسات

صدى البلد

على مدار السنوات الأخيرة، شهدت وسائل الإعلام بأشكالها المُختلفة تطورًا جذريًا، وفي ظل الانفتاح الكبير بسبب التطور التكنولوجي الهائل والثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والعولمة التي فرضت علينا واقعًا جديدًا، وبسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي تتمتع بالحرية الكاملة في النشر دون التقيد بالمعايير والقوانين واللوائح التنظيمية المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية.


 هذا الانفتاح الذي بات ورغم أهميته الكبيرة وإيجابياته يُشكل تهديدًا على مستقبل كثير من المؤسسات والشركات، كما أنه يُمثل تهديد مُباشر يؤثر سلبًا على مستقبل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكثير من رواد الأعمال، الذين تُشير التقديرات إلى أن 90% منهم يفشلون في مشروعاتهم رغم الدعم غير المتناهي والتسهيلات الحكومية المختلفة، فغياب المهارات الاحترافية يقضي على 46% من الأعمال التجارية في العالم، و33% منها سببها عدم الخبرة في ريادة الأعمال، وفي تقديري أن غياب الرؤية الإعلامية والإعلانية للمؤسسة وكذلك هويتها وإدارة صورتها الذهنية وحُسن استغلال التطور التكنولوجي يُعد أحد هذه الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى فشل هذا الكم من الشركات والمشروعات حول العالم.


 خاصة أن القوة التي يمتلكها رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الناشئة تكمن في عنصرين رئيسيين، الأول يتمثل في قوة الفكرة والجودة، والثاني يتمثل في الصورة الذهنية الإيجابية والسمعة الحسنة، والتي يُمكن تطويرها لدى رواد الأعمال من خلال خبراء العلاقات العامة القادرين على وضع المُخططات الاستراتيجية لتطوير الهوية الإعلامية للمشروعات والشركات على اختلاف أحجامها، لا سيما وأن الشواهد كثيرة في الآونة الأخيرة على الاستغلال السلبي لـ منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة واستغلالها في الحروب الاقتصادية والسياسية لتدمير المؤسسات والهيئات والطعن في مصداقيتها لدى المتعاملين معها والمستفيدين من خدماتها، إضافة إلى استغلالها سلبًا في الإساءة لسمعة الشركات والأفراد من رواد الأعمال بهدف تحقيق المكاسب المبنية على تدمير الآخرين، وهي من الحملات التي تظهر جلية مع جزء من الشركات التي استطاعت تحقيق نجاحات متوسطة تُشير إلى قدرتها على التنافسية بعدما تشكلت هويتها الأساسية بشكل إيجابي في سوق الأعمال.


ولذا، ووفقًا لنصيحة رجل الأعمال العالمي "بيل جيتس".. «إذا لم يبق في ميزانيتي التسويقية سوى دولار واحد، سأنفقه على العلاقات العامة»، هنا تبرز أهمية أن تقوم المشروعات الناشئة وحتى الشركات الكبيرة أيضًا وكذلك المؤسسات على تطوير أدواتها الإعلامية في الترويج لهويتها والاستعداد لمواجهة الحروب التي يُمكن أن تتورط فيها المؤسسة رُغمًا عن إرادتها بسبب الاستدراج الذي يقف خلفه منافسين غير شرفاء وربما مُستهلكين من أصحاب الأصوات العالية المُستغلين لأي خطأ قد يُرصد سواء في مُنتج أو لدى موظفي الشركة أو المؤسسة، وهذا ليس مُبرر للأخطاء وإنما الاستعداد القوي لمواجهة أي أزمات تطرأ قد تؤثر سلبًا على سمعة المؤسسة أو الشركة بغض النظر عما إذا كان ذلك يعود إلى المستهلك أو الحروب الاقتصادية السلبية التي تلجأ إليها بعض الشركات والمؤسسة.


أهمية الاستعداد هُنا تكمن في التعلم من الأخطاء التي وقع فيها الآخرون، لا سيما وأن التغيرات الجذرية التي تشهدها السوق بين اللحظة والأخرى قادرة على تغيير المؤشرات من الارتفاع للإنخفاض، وبالتالي من الضروري بناء جهاز إعلامي قوي للمؤسسة يكون قادر ومستعد للتعامل مع أي أزمات تطرأ قد تُهدد بقاء المؤسسة أو على الأقل قد تطعن في مصداقيتها فتهتز صورتها لدى جمهورها.


خلال ما يزيد على 7 سنوات في العمل بالعلاقات العامة لدى المؤسسات الرسمية والشركات، رصدت العديد من المشكلات، منها الناجم عن سوء تعامل موظفي خدمة العملاء وأخرى يتعلق بجودة المنتجات وكثير منها يتعلق بأصحاب الأصوات العالية الذين يستخدمون السوشيال ميديا في تحقيق المكاسب المادية عن طريق ابتزاز الشركات وأصحاب العلامات التجارية الكبرى والمتوسطة، وجميعها مشكلات استطعنا السيطرة عليها من خلال بناء جهاز إعلامي قوي للمؤسسة، قادر على التفاعل مع ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي وبطريقة إبداعية ومبتكرة وسريعة، إضافة إلى النشر الصحفي والإعلامي القادر على بناء صورة ذهنية إيجابية عن الشركات والمؤسسات والمحافظة عليها.


خلال السنوات الثلاث الأخيرة عملت في أكثر من مؤسسة تعمل في مجال دعم رواد الأعمال من خلال تشجيع ونشر ثقافة ريادة الأعمال، أو من خلال تقديم الدعم المادي لهم بإطلاقها المسابقات التنافسية المختلفة، ولهذا أتيحت لي فرصة الاقتراب من رواد أعمال شباب في مختلف المجالات، تمثلت مشكلات أغلبهم في غياب الرؤية والأداة الإعلامية القادرة على إعادة استثمار جهودهم وإبرازها ضمن قصص النجاح ومن ثم بناء الثقة والمصداقية في منتجاتهم وخدماتهم بما ينعكس على زيادة المبيعات، ولهذا كانت النصيحة بضرورة التواجد الاحترافي على الإنترنت وفي الإعلام التقليدي فتضاعفت النتائج في أقل من عام، ولهذا واستنادًا للواقع العملي والتطبيقات المنظورة فإننا نعتقد أن الإعلام هو الأداة والسلاح القوي للمؤسسات في مواجهة التحديات أو تعظيم النتائج الإيجابية وتحقيق الاستراتيجيات والأهداف المختلفة للشركة أو المؤسسة.


الحديث حول قوة الإعلام ليس قاصرا على دعم الشركات والمشروعات فقط، وإنما هو بالأساس يستهدف مؤسسات الدولة الرسمية التي تواجه الكثير من الحملات المُمنهجة التي يقودها البعض للتشكيك في جهود وأهداف الدولة وجدوى مشروعاتها سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، ولهذا كان لنا السرد في مقال سابق أشدنا فيه بالتغيير الجذري والجوهري الذي انتهجته الدولة المصري في فلسفتها نحو استعادة الاهتمام بملف الإعلام داخل المؤسسات والذي شهد تطورًا جذريًا بعدما فعلت دور قطاعات وإدارات العلاقات العامة فاستطاعت مواجهة سيل الشائعات ونجحت في المحافظة على الثقة بينها وبين المواطنين بل وتعزيزها.