الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيهاب كاسب يكتب: هذا ما تركه حافظ أبو سعدة

صدى البلد

قصة حب واحترام وتفاهم وتفهم دامت لسنوات، ساهمت في تشكيل أسرة سوية مستقرة وناجحة، ليست قصة أسطورية رغم تفاصيلها التي تشير إلى ذلك، خاصة في ضوء ما يشهده المُجتمع من أخبار سلبية منتشرة ومتكررة بما تضج به أروقة محاكم الأسرة، لكنها حقيقية أبطالها أشخاص طبيعية، واجهتهم مصاعب كثيرة، لكنهم انتصروا عليها بحبهم واحترامهم ومحاولاتهم استيعاب ظروف الآخر، هذا ما كشفت عنه التفاصيل التي لم يُرفع عنها الستار إلا بعد وفاة أحد أبطالها الخالد في روح الآخر. 

ما دونته المحامية نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، من خلال صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، عن علاقتها بزوجها الرجل الوطني والحقوقي البارز الراحل الدكتور حافظ أبو سعدة، حصدت تفاعلًا كبيرًا بين الآف الشباب الذين مثلت تلك التدوينات لهم طريق نور في ظل شُح الأخبار الإيجابية عن الزواج والحياة الأسرية المستقرة.

المحامية البارزة تحدثت بوضوح عن العلاقة التي جمعتها بزوجها وكيف كانت الظروف صعبة والتحديات أكبر من قدرة شباب في مُقتبل حياتهم، لكنها الإرادة والحُب والرغبة والإحترام والصدق والمنطق، حتى أنها نقلت على لسان زوجها الراحل بعض الكلمات التي اعتاد قولها مثل "المقدمات المنطقية تؤدي بالضرورة إلى نتائج منطقية" لهذه الجملة ولجُملة الحياة بينهما كان الأثر الكبير في أن ينمو حبهما ويسمو ليبقى خالدًا في قلبها وقلوب أبنائهما، هؤلاء الذين احتضنتهم دفئ مشاعر آبائهم، هذا الحُب الذي لطالما بحثنا عنه بين ثنايا جُدران منازلنا، فإن غابت، غابت الحياة والاستقرار وكُل ما يُمكن أن يعبر عن معنى الحياة، أما بوجوده فتغيب كُل التحديات وتذوب الصعاب بقوة هذه المشاعر المتدفقة. 

تجربة "نهاد أبو القمصان" وتديوناتها عن الموجات التي تعرضت لها علاقتها بزوجها الحقوقي الراحل حافظ أبو سعدة تمثل مرجع للمُقلبين على الزواج أو الارتباط، لأنها تجربة رسخت مفهوم البناء الإيجابي للعلاقة الإنسانية السوية، وهذا التفاعل الكبير الذي حصدته من التعليقات تُشير إلى تعطش المُجتمع عمومًا والشباب خصوصًا للحديث بصدق عن نماذج الحُب الإيجابية وقصص الزواج الواقعية والحياة الأسرية السوية خاصة في ظل نُدرة الأخبار الإيجابية عن الحياة الأسرية مُقابل الأخبار السلبية، وهو ما يُفسر لنا أمرين الأول هو تخوف أجيال كاملة من الزواج والابتعاد عن اكتمال العلاقات مهما بلغت درجة الحب فيها والثاني هو ما نراه في الأخبار من نقل لما يحدث في محاكم الأسرة وغيرها من النهايات التي تشهدها هذه العلاقات التي من المفترض أن تكون علاقات مُقدسة حتى في حالة وصولها لطرق مسدودة، ولذا كان يجب علينا جميعًا أن نتوجه بجزيل الشُكر والعرفان والامتنان للسيدة الفاضلة نهاد أبو القمصان على ما دونته أملًا في التخفيف عن ألمها لكنه أضحى نورًا لكثير من الأشخاص الذين ضل سعيهم في دروب الحياة والحب...! 

ولجُملة ما أشرنا إليه سلفًا ولمئات المواقف الإنسانية، ولـوضوحه وصراحته ولجُملة ما رأيناه منه، لا يجب أن ننسى هذا الرجل الفاضل، الواضح، لنتذكره دومًا بالدعاء، ندعوا له بالرحمة والغفران، وندعوا لأسرته وأصدقائه بالصبر، رحم الله الحقوقي الوطني البارز الدكتور حافظ أبو سعدة، الذي رسخ لكثير من المفاهيم التي غيرت وشكلت وطورت في حالة حقوق الإنسان ومبادئها في مُجتمعنا والمجتمعات العربية، وحتى بعد رحيله ظهرت لنا من حياته الشخصية أفكارًا ومبادئ وتفاصيل نستقي منها ما يُعيننا على بناء حياة هادئة سوية، لهذا ستبقى أفكاره خالدةً بينا ما دمنا أحياء، فأيامه انقضت وحُبه باقِ في قلوبنا.