الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البحر ينادينا!


منذ 3 سنوات حاورت عقلا مصريا مهاجرا مهموما بقضية تحلية مياه البحر، وتعرفت لأكثر من ساعة على الدكتور عبد المعز بيومى أستاذ الهندسة الوراثية بجامعة ساوث كارولينا بالولايات المتحدة لنكتشف نموذجا لعالم وطنى عاش حياته طوال أكثر من 3 عقود داخل معمله، منكبا على أبحاثه ودراساته ليتوصل إلى نتائج عملية ومثمرة توفر مليارات متر مكعب من المياه العذبة بعد إخضاع البحار والمحيطات لسلسلة تجارب تحلية وتنقية بأحدث التقنيات .. 


وانتهى الحوار القديم ورحل عالمنا المغوار إلى مهجره ليستأنف مشواره ويبحث عن حلمه .. وعدتُ أنا إلى طريقى بكل ما ظفرت به من معلومات وتغمرنى آمال كبرى بتجديد “شريان الحياة”!.
وأضاءت عدة أنباء مؤخرا هذه الحجرة المظلمة فى عقلى وأنعشت ذاكرتى لأستدعى شهادة “بيومى” وأسرارها الحيوية وارتباطها بحماية الأمن القومى لأى دولة .. فقد نشرت وسائل الإعلام تحركات الحكومة المصرية الجادة لتنشيط ملف تحلية مياه البحر وإيجاد بدائل ومصادر أخرى بخلاف نهر النيل والآبار الجوفية فى بطن الصحراء، خصوصا وأن تحديات سد النهضة والصراع مع إثيوبيا تتصاعد وتسير من منعطف لآخر على نحو يهدد مصالحنا وحقوق الملايين من الشعب المصرى .. 


ولا أخفى نشوتى “المؤقتة” - دون إسراف فى التفاؤل - بالاجتماعات المكثفة بين وزارة الإسكان والهيئة العربية للتصنيع والهيئة الهندسية للقوات المسلحة وجامعة الإسكندرية، مع مجموعة "روس نانو" الروسية لتوطين تكنولوجيا الإنتاج المحلى، حيث تدور الاجتماعات حول تصنيع أدوات محطات تحلية المياه، وسد العجز المائى الذى قد ينتج عن أية مفاجآت فى مشهد “النهضة” .. وتنبع أهمية الخطوة من تزامنها مع تحذيرات قطاع التخطيط بوزارة الموارد المائية والرى من أن مصر تواجه عجزا مائيا يصل إلى 20 مليار متر مكعب سنويا، بينما احتياجاتها تصل إلى 80 مليار متر مكعب، ولايزال الاعتماد الأكبر على نهر النيل .. ولهذا ترتفع أصوات الباحثين والعلماء المتخصصين فى مجال المياه لقراءة أوراق أبحاثهم وتوصياتهم العلمية بكيفية تحلية ماء البحر والاستفادة من هذا المشروع لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المياه، فضلا عن تعظيم الفائدة باستصلاح ملايين المساحات من الأراضى الصحراوية وتحويلها إلى رقعات خضراء بما يضاعف من أرباح التنمية الزراعية والصناعية وصولا إلى الإصلاح الاقتصادى الشامل.


وفى محور آخر، اتفقت مصر مع الكويت على قرض بـ 5 ملايين ونصف دينار كويتى لإنشاء محطتى تحلية مياه بحر فى مدينتى رفح الجديدة وبئر العبد، لضمان مستوى معيشة أفضل لأهالى محافظة شمال سيناء .. وقد تفتح المبادرة آفاقا أوسع للتعاون بين مصر ودول الخليج لتطوير هذه المشروعات الاستراتيجية التى من شأنها حماية شعوبنا من مخاطر المستقبل أولا، وتكوين “لوبى عربى” ثانيا قادر سياسيا واقتصاديا على مقاومة وردع أية تهديدات خارجية أو مخططات استعمارية مقصودة الأهداف وخبيثة النوايا!.


ولكى تكتمل جدية وإخلاص حكومتنا فى اتجاه مشروع “تحلية مياه البحر”، لابد وأن تتضمن مائدة الحوار والنقاش طرف العلم وأهل التخصص والمعرفة فى إدارة المياه .. ولا مناص من الجلوس مع فرق البحوث الزراعية والدراسات المائية سواء فى الداخل أو الخارج وإخراج براءات الاختراع من أدراج المكاتب وأرفف الأرشيف للاستعانة بها فى رسم “خريطة طريق” واضحة ومحددة المعالم لخدمة هذا المشروع الضخم .. وأمامنا الفرصة لتحصين أجيالنا وأحفادنا من مصير مجهول .. فالبحر ينادينا منذ زمن .. وأمواج الأعداء تندفع بقوة .. وأطواق النجاة جاهزة وتنتظر إطلاق “صافرة الإنقاذ”!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط