الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المستشار سُليمان عبدالغفار يَكْتُب: «سِنْدِباد الدُبْلوماسيَّة».. فلسْطين الدَرْسِ الأليمْ (2-2)

صدى البلد


... بَعْد انْقِضاءِ فَتْرة عَمَل "السَفير أحمد عبدالمجيد" بِاليونانْ – كانَتْ هُناك مَهام أُخْرى لِسَفيرِنا السِنْدِباد في العَديدِ مِنَ الدوَلِ الغَرْبية والعَرَبيَّة (الولايات المتحدة – ايطاليا – ألمانيا الغَرْبية – تُرْكيا – سوريا – لبنان – الأُرْدن – فلسطين) وسَوْفَ يَقْتَصِر مقالنا على تَجْربة عَمَله بِالقُدْس التي أكَّدَ أنَّهُ تَعَلَّمَ مِنْها الكَثير، وَوَقَف على كَثير مِنَ الحَقائِقِ التي كانَتْ سَبَبًا في ضياعِ فلسْطين وقيام دَوْلة اسْرائيلْ – حَيْثُ كانَتْ فلسْطين تَحْت الإنْتِدابِ البِريطاني أي تَحْت الوصاية البريطانية – امتَدَّتْ فَتْرَة إقامَتهُ بِها لِمُدَّة خَمس سَنواتْ – وهى مِنْ أصْعَب الفَتَرات في تاريخِ المَشْرِقِ العَرَبي الذي كانَ مُسْتَغْرِقًا في سُباتِهِ العَميق...!؟! – ليَصْحو على الهَزَّةِ العَنيفة مِنْ جانِبِ "الحَرَكة الصُهْيوينة" وخَطَرالاسْتِعْمارِ الاسْتيطاني الجَديد مُتَمَثِّلًا في هِجْرَةِ اليَهود المُتواصِلة بِانْتِظامٍ إلى الأراضي الفَلَسْطينيَّة – ليَكْشِفَ لَنا عَنْ غَفْلةِ الدوَلِ العَرَبيَّة مُقابِل يَقَظة الوكالة اليهودية – وكَيْفَ أنَّ شَخْصياتٍ عَرَبيَّة بارِزة مُمَثلة عَنْ بِلادِها شارَكَتْ في حَفْلِ افْتِتاحِ "الجامِعة العِبْرية" بِالقُدْس في عام1921م – وكَيْفَ أنَّ المُنَظَّمة الصُهْيونيَّة أنْشأَتْ لَها مَكاتب في عَدَدٍ مِنَ العواصِمِ العَرَبيَّة – مِنْ بَيْنِها مَكْتَب في القاهرة عام1920م...!؟! – دونَ أنْ يَفْطِن أحَد إلى خُطورةِ أهْدافِها وعَواقِبها الجَسيمة "بَعيدة المَدى" في تأْثيرِها على مُسْتَقْبَلِ المَنْطِقة بِأسْرِها – لِتَتَمَكَّنَ في نِهايةِ المَطاف مِنْ إقامَةِ دَوْلة اسْرائيل على حِسابِ الشَعْبِ الفلسْطيني في الخامِسَ عَشر مِنْ مايو1948م – هذِهِ التَطُّورات سَوْفَ نَتَعَرَّف عَلَيْها – لِنَقِفَ على حَقيقة ما جَرَى في فلسْطين مِنْ تآمُرٍ دَوْلي... وتَهاوُن وارْتِجال عَرَبي – حَتَّى لا يَطْوي النِسيان مِحْنَة "الدَرْسِ الأليم"...!؟!.

يَرْوي لَنا "سِنْدِباد الدُبْلوماسيَّة المصريَّة" السَفير أحْمَد عبدالمجيد حَقيقة ما جَرَى في فلسطين خِلال تِلْك الأوْقاتِ الحَرِجة مِنْ تاريخِها – في ظِلِّ ظُروفٍ مَريرة عاشَها الشَعْب الفلسطيني وما تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ غَدْرٍ وخياناتٍ ومَعارِك غير مُتَكافِئة...!؟! – وكَيْفَ أنَّ أطْماع البَشَر لا تَقِف عِنْد حَدْ أو حَق، ولا تُبْقى على مُقَدَّس، وما لاقاهُ مِنْ ظُلْم على أيْدي جَحافِلِ اليَهود الذين مَهَّدَ لَهُم الانْتِداب البريطاني طَريقِ الهِجْرة بِالاسْتيطانِ والسَيْطَرة والتَمَلُّك والتَوَسُّع في أراضيهِم بِفَضْلِ أمْوالِ الأثْرياءِ اليَهود في أوروبَّا وأمْريكا، وما تُدَبِّرهُ السُلُطات الصُهْيونية مِنْ فَرْضِ الأمْرِ الواقِعْ...!؟! – وتَعود نَشْأة "الحَرَكة الصُهْيوينة" التي أنْتَشَرَتْ في شَرْقِ أوروبَّا إلى القَرْنِ التاسِع عَشر، وقَدْ اعْتَمَدَتْ في دعايَتِها على دُعامَتين أساسيَّتين في نَشْرِ مَبادِئها بَيْنَ اليَهود وجَذْبِهِم إلى اعْتِناقِها كَمَذْهَب ديني – "الدُعامة الأولى" اسْتِغْلال العَقيدة الدينيَّة التي تَدْعو إلى العَوْدة لِأْرْضِ الميعادْ – و"الدُعامة الثانية" اسْتِغْلال حالةِ اليأْس التي يَعيشها الشَعْب اليَهودي كُلَّما أصابَتْهُ موجة اضْطِهاد أو تَنْكيل في إحْدى الدوَلِ الأوروبيَّة – حَتَّى ينقذه الله بِالعَوْدة لِلأرْضِ التي كانَتْ لَهُ بِمَثابة وَطَن يَحميهِ ذاتَ يَوْم – وانْطَلَقَتْ الدَعاية الصُهْيونيَّة تمني اليَهود بِالعَوْدَةِ إلى فلسْطينْ – ولَمْ تَقِف أساليب الدَعاية عِنْد حَدِّ الدَعْوة إلى الهِجْرة، بَلْ إنَّها واصَلَتْ إدِّعاءاتِها مِنْ أنَّ اليَهود رَغْم تَشَرُّدِهِم في كافَّة أنْحاءِ العالَمْ – فَهُمْ أُمَّة واحِدة مُسْتَمِرَّة مُنْذُ آلافِ السِنين، وقَدْ آنَ لَها أنْ تَعود إلى أْرضِ الميعاد...!؟!.

بِفَضْلِ هذهِ الدعاية المُنَظَّمة تَمَكَّنّتْ الحَرَكة الصهيونية مِنْ عَقْد "المؤتَمَر الصهيوني الأوَّل" في التاسِع والعِشْرين مِنْ أغسطس1897م – بِمَدينة (بال) بِسويسْرا – وبِذَلِك تَحَقَّقَ أوَّل نَصْر سياسي لِلصهيوينة التي تَمَكَّنَتْ مِنْ تَجْميع مَنْدوبي اليَهود مِنْ مُخْتَلَفِ الدوَلِ في مؤتَمَر سياسي عام لِأوَّل مَرَّة مُنْذُ عام (70ميلادي) أي مُنْذُ أنْ قامَ الرومان بِهَدْمِ (هَيْكَل سُليْمان) وإزالة الشَخْصية السياسيَّة لِليهَود مِنْ عالَمِ الوجود...!؟! – وقَدْ وَصَفَ "تيودور هرتزل" الذي تَرَأَّسَ المؤتَمَرْ – هذا الاجْتِماع بِقَوْلِهِ: "لَقَدْ اجْتَمَعْنا هُنا لِنَضَع حَجَرِ الأساس لِلمأوى الذي سيَلْجأ إليْهِ الشَعْب اليَهودي، وعَلَيْنا أنْ نُبادِر مُسْرِعين بِإنْشاءِ هَيْئَة مُنَظَّمة دائِمة – يَفْتَقِر إليْها الشَعْبِ اليَهودي، وذَلِكَ عَنْ طَريقِ "إحْياءِ روحِ الشَعْب ودَعْم الحَماسِ بِالعَوْنِ المادِّي والأدَبي..." – وأصْدَرَ المؤتَمَر قَرارَهُ بِالموافَقةِ على فِكْرةِ تَنْظيم جُهودِ الصهيونية – وقَدْ أشارَ القَرار إلى "أنَّ أماني الصهيونية تَتَرَكَّز في إنْشاءِ وَطَنٍ لِلشَعْبِ اليَهودي – يَتِمَّ الإعْتِرافْ بِهِ مِنْ الناحيتيين الرَسْمية والقانونية – ويصبح الشعب بانْشائِهِ في مأمَن مِنْ الاضْطِهادِ – على أنْ يَكونَ هذا الوَطَن هو فلسْطين"...!؟!.

وَقَفَتْ حُكومات الدوَلِ الكُبْرى مِنَ الحَرَكة الصُهْيونية في بِدايةِ نَشْأتِها مَوْقِف الحَذَر والمُعارَضة – وكانَ أوَّل وأهَم المُعارِضين (الدَوْلة العُثْمانية) التي كانَتْ فلسْطين تَقَع ضِمْن أراضي امبراطوريَّتِها – فَقَدْ وَقَفَ "السُلْطان عبدالحَميد" مَوْقِفًا حازِمًا مِنْها – رَغْم مُحاولة إثْنائه عَنْ مُعارَضَتِهِ بِمَلايين الجُنَيْهات الذَهَبيَّة – بَلْ إنَّهُ نَجَحَ في أنْ يَضُمَّ إليْهِ في مُعارَضَتِهِ لِهَذِهِ الحَرَكة اليَهود التابِعين لِلإمبراطورية – وقامَ السُلْطان في عام1892م بِإصْدارِ أمْر بِحَظْرِ هِجْرَةِ اليَهود إلى فلسْطين، أو إعْطائهم أية أراضي بِها – ولَمْ تَنْجَحْ مُحاوَلات هرتزل في تَغْييرِ مُعَارَضَةِ السُلْطان الذي أصَرَّ على موقفه – وتَحَوَّلَتْ مَساعي زُعَماء الصُهْيونية إلى "ألْمانيا" باعْتِبارِها حَليفة لِلأتْراكْ – في مُحاوَلةِ لإقْناعِها بِإنْشاءِ دَوْلة يَهودية في فلسْطين، تَكون بِمَثابةِ قاعِدة سياسيَّة وتُجارية – فَضْلًا عَنْ كَوْنِها قوَّة عَسْكَريَّة تَدْعَم الأتْراك والألْمان في المَنْطِقة – لَكِنَّهُم باءوا بِالفَشَلِ في هذا المَسْعى ايْضًا – فَما كانَ مِنْهُم سوى التَوَجُّه إلى بريطانيا والانْضِمام إليْها – وما إنِ انْفَصَلَتْ فلسْطين عَنِ الامبراطورية العُثْمانية بِحُكْمِ انْتِصارِ الحُلَفاء في الحَرْبِ العالَمية الأولى وهَزيمة الأتْراك الذينَ خَذَلَهُم "الشَريف حسين" شَريف مَكَّة – بَعْد أنْ وَقَعَ ضَحيَّة لِتَضْليلِ بريطانيا التي وَعَدَتْهُ بِوعودٍ زائِفة بِمَنْحِ الدوَلِ العَرَبية التي كانَتْ تَخْضَع لِتُرْكيا، الاسْتِقْلال والحُرِّية بَعْد الانْتِصار في الحَرْب – ...!؟! وكانَتْ النَتيجة وَضْع فلسْطين تَحْت الإنْتِدابِ البريطاني – حَتَّى سارَعَ الصَهاينة إلى إعْلانِ وَلائِهِم لِبريطانيا...!؟!.

يوَضِّح السَفير أحْمَد عبدالمجيد في كِتابِهِ "سِنْدباد دُبْلوماسي" أنَّهُ قبيل نِهاية الحَرْب العالَميَّة الأولى، قامَتْ الحَرَكة الصهيونية بِتَجْنيدِ عُمَلاءِها في كُلِّ أنْحاءِ العالَم، كَما قامَتْ بِتَعْبِئةِ إمْكانيَّاتِها في كافَّة المَجالاتِ إلى أنْ تَمَّ النَصْر لِلحُلَفاءْ – فَكانَ "وَعْد بِلْفور" الشَهير الصادِر1917م – هو المُكافأْة على هذا العونْ – وبِذَلِكَ حَقَّقَتْ الصهيونية خطْوة هامَّة ثانية مِنْ خطواتِ سياسَتِها في سَبيلِ تَحْقيقِ أغْراضِها بِالارْتِباطِ والتَعاونِ مَعْ أكْبَر قوَّة اسْتِعْماريًّة في ذَلِكَ الوَقْت، وعِنْدَما تَمَّ عَقْد "مؤتَمَر الصُلْح" في باريس يَناير1919م بِحُضور مُمَثِّلي الدوَلِ المُنْتَصِرة في الحَرْبْ – نَجَحَتْ الدَعاية الصهيونية بِمُشارَكة مَنْدوبين مِنْ أعْضاءِ المُنَظَّمة الصهيونية كَمُمَثِّلين عَنْ يَهود العالَم في المؤتَمَرِ ويَتَكَلَّمون باسْمِهِم ويُطالِبون بِحُقوقِهِم ...!؟! – ولَمْ يَكُنْ "وَعْد بِلْفور" وَليد الصُدْفة في عام1917م – إنَّما كانَ نِتاج سياسة اسْتِعْماريَّة تَمَّ التَخْطيط لَها مُسْبَقًا – وجاءَتْ "الحَرْب العالَميَّة الأولى" كَنُقْطةِ انْطِلاق لِتَنْفيذِ المُخَطَّطِ وفُرْصة لِتَحْقيقِ أطْماعِ المُسْتَعْمرينْ – وعِنْدَما اقْتَضَتْ ظُروف الحَرْب في عام1917م ضَرورة دُخول أمْريكا الحَرْب إلى جانِبِ الحُلَفاءْ – قامَتْ بريطانيا في نَفْسِ العام بِإصْدارِ "وَعْد بلفور" الذي كانَ يَشْغل مَنْصِب وَزير الخارجيَّة البريطانيَّة في ذَلِكَ الوَقْت – وكانَ لِصُدورِ هذا الوَعْد صَدَى ورضى بَيْن الشَعْبِ اليَهودي في العالَمِ أجْمَع – وفي أمْريكا بوجْهٍ خاصْ – وكانَ أنْ بذل اليَهود – عرْفانًا مِنْهُم بِفَضْلِ هذا الوَعْد – جُهودًا كَبيرة تَكَلَّلَتْ بِدُخولِ امْريكا الحَرْب إلى جانِبِ الحُلَفاءِ بِفَضْلِ مالهم مِنْ نُفوذٍ في دَوائِرِ المالِ والأعْمالِ في أمْريكا...!؟!.
يَكْشِف "سِنْدِباد الدبْلوماسية" عَنْ الدور الهام لِلمُنَظَّمة الصُهْيونية لاخْتيارِ "بريطانْيا" الدَوْلة العُظْمى دَوْلة مُنْتَدَبة على فلسْطين مِنْ خِلال التَدَخُّل لَدى مَجْلِس الحُلَفاءِ الأعْلى في عام1919م – فَضْلًا عَنِ الإيحاء لِعُصْبَةِ الأُمَمِ لِلْعَمَلِ على هذا الاخْتيار – الأمْر الذي أدَّى إلى تَحْقيقِ رَغَباتِ اليَهود بِموافَقةِ المَجْلِسِ الأعْلى لِلحُلَفاءِ في 25إبريل1920م على مَنْحِ بريطانيا الانْتِدابِ على فلسْطين – وكانَ مِنَ الطَبيعي أنْ يوافِق مَجْلِس الحُلَفاء على ذَلِك المَسْعَى لاسيَّما وأنَّ القوَّات البريطانية بِقيادةِ "الچنرال اللنبي" متواجِدة في فلسْطين بَعْد هَزيمَةِ الأتْراكْ...!؟! – في ظِلِّ هذهِ التَطَوُّرات بَرَزَتْ أمام الصُهْيونيَّة في فلسْطين عقبتان تُحَوِلان دونَ إنْشاءِ الوَطَن القَوْمي اليَهودي – كانَتْ "العَقَبة الأولى" تَتَمَثَّل في أنَّ السُكَّان العَرَب يُمَثِّلون أكْثَر مِنْ تسعين بِالمائة مِنَ المَجْموع الكُلِّي لِسُكَّان فلسْطين – بَيْنَما تَمَثَلَتْ "العَقَبة الثانية" في أنَّ اليَهود لايَمْلِكون مِنَ الأراضي أكْثَر مِنْ عَشرة آلاف فَدَّانْ – هذِهِ المِلْكيَّة كانَتْ تُشَكِّل واحِد على سَبْعين مِنْ مَجْموع مِساحةِ الأراضي الفلسْطينيَّة – وكانَ لابُدَّ لِإقامةِ دولة توَفِّر عامِلي الشَعْب والأرْضْ – وهُنا رأَتْ الصُهْيوينَّة أن تُوجِد الشَعْب بِتَهْجيرِ النِساء والرِجال إلى فلسْطينْ – وكانَ عامِل الهِجْرة أوْفَر حَظًَّا وأقْرَب إلى التَحْقيق مِنْ عامِل الأرْض – لأنَّ العَرَب امْتَنَعوا عَنْ بيع أراضيهِم، فيما عَدا قِلَّة مَحْدودة لَمْ تَكُنْ تَدْري العَواقِبِ الناجِمة عَنْ بيعِ أراضيها – وفي كُلِّ الأحْوال لَمْ تَسْتَطِعْ كُل وَسائِلِ الإغْراءِ أنْ تَشْتَري أكْثَر مِنْ ستة بِالمائة مِنْ أراضي فلسْطين، وكانَ أغْلَبْها مَمْلوكًا لِغَيْر فلسْطينيين – ولَمْ يَتَمَكَّنْ العَرَب أمام أفْواج الهِجْرة مِنْ دَفْعِ هَذِهِ الغارة الصُهْيونيَّة المُدَبَّرَة بِإحْكام – وقَدْ ساعدَ على تَنْفيذِها وجود الحُدود والموانئ والمَطارات والمواصَلات تَحْت إشْراف سُلْطَةِ الانْتِداب التي تملك الهَيْمَنة على كُلِّ شئ – ولَمَّا كانَ الاهْتِمام الأكْبَر لِلصُهْيونيَّة هو تأمين وسائِل الهِجْرة، قاموا بِإدْراجِ مَوْضوع الهِجْرة في صَكِّ الإنْتِدابِ على فلسطين فَكانَ على الإدارة البريطانية واجِب تَسْهيل الهِجْرة اليَهودية في أحْوالِ مُلائمة...!؟!.

لَمْ يَكُنْ أمام العَرَبْ الفلسْطينيين مِنْ وَسيلة سوى الاحْتِجاجِ لَدَى الحُكومة البريطانيَّة المُنْتَدَبة، ولَدى "عصبة الأُمَم" هَذِهِ المُنَظَّمة الدَوْليَّة التي أنْشأَها الحُلَفاء المُنْتَصِرون بَعْد نِهاية الحَرْب العالَميَّة الأولى – وعِنْدَما فَشَلَتْ مَساعيهِم السِلْميَّة انْتَفَضوا في ثَوراتٍ مُتَكَرِّرة لِضَمانِ حُقوقِهِم بِدايةً مِنْ عام 1920م حَتَّى عام 1932م دونَ جَدْوى – بَيْنَما تَمَكَّنَتْ الحَرَكة الصُهْيونيَّة – التي تَلَقَّتْ الدَعْم مِنَ أثْرياءِ اليَهود مِنْ ناحيةٍ ومِنْ جانِبِ الدوَلِ الكُبْرَى مِنْ ناحيَةٍ أُخْرى – مِنْ مواصَلةِ مَساعيها في ضَمانِ هِجْرَةِ اليَهود إلى فلسْطين وصولًا إلى إقامةِ دَولة مُدَجَّجة بِالسِلاحْ – وقَدْ نَجَحَ الصَهاينة في تَحْقيقِ هَدَفِهِم بَعْد هَزيمةِ الجيوشِ العَرَبيَّة في حَرْبِ 1948م – وتَشْريدِ الشَعْبِ الفلسْطيني جَرَّاء النَكْبة التي أضاعَتْ فلسْطين...!؟!.

..... فَهَلْ تَعَلَّمَ العَرَبُ الدَرْس الأليم ...!؟؟! – أمْ اسْتَمَرُّوا في تِكْرارِ الأخْطاءِ التي أهْدَرَتْ الكَثير مِنْ فُرَصِ الاسْتِقْلالِ الحَقيقي والإصْلاحِ والتَغْيير ...!؟!... وتَظَلْ الإجابة المؤْسِفة تؤَكِّد أنَّ – "...العَرَبْ لا يَقْرأونَ التاريخ...؟!! – ولا يَتَعَلَّمون مِنْ دُروسِهِ – البَعيد مِنْها والقَريبْ...!؟!...".