لا تزال أزمة تشكيل الحكومة في لبنان، متفاقمة وعالقة بسبب الاختلافات بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، ما يدخل البلاد في متاهة تزيد من وضعها سوءًا.
وعلى إثرها، كشفت مصادر دبلوماسية لصحيفة "السياسة" الكويتية، أن حديث وزير الخارجية الفرنسية إيف لودريان، يعكس بوضوح استياء باريس الشديد من أداء المسئولين اللبنانيين الذي يتعاملون بخفة ما بعدها خفة مع الأزمة الخانقة التي يمر بها بلدهم، دون أن يتصرفوا بالمسؤولية التي يقتضيها الواجب الوطني.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، حذر الخميس الماضي، من أن الوقت ينفد لمنع انهيار لبنان، مؤكدا أنه لا يرى أي مؤشر على أن سياسييها يبذلون ما في وسعهم لإنقاذ بلادهم.
وأضاف لودريان في مؤتمر صحفي بباريس: "سأميل إلى تصنيف السياسيين اللبنانيين على أنهم مسؤولون عن عدم مساعدة بلادهم وهي في خطر.. لقد التزموا جميعا بالعمل على تشكيل حكومة شاملة وبتنفيذ إصلاحات لا غنى عنها.. كان ذلك قبل 7 أشهر ولا شيء يتحرك... أعتقد أن الوقت لم يفت بعد، لكن الوقت ضئيل جدا".
وأكدت المصادر أن "الموقف الفرنسي يرسم صورة قاتمة لمستقبل الوضع في لبنان، بعدما أدركت باريس أن القيادات الرسمية عاجزة، وبما يشكله ذلك من مخاطر جدية على المبادرة الفرنسية التي قد يضطر أصحابها لسحبها".
إلى ذلك، رجح مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق، ديفيد شنكر، أن "يزداد الوضع في لبنان سوءًا، لكن لا يمكن لواشنطن أن تخرج البلاد من أزمتها من دون أن يقوم القادة اللبنانيون بذلك".
وقال في جلسة إلكترونية نظمها "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، إن "سياسة الإدارة السابقة تجاه لبنان لم تركز على الشخصيات، بل على المبادئ، التي لو تم تنفيذها، لقوضت حزب الله".
وأضاف أن واشنطن نسقت مع فرنسا وأقنعتهم بالابتعاد عن فكرة دفع "حزب الله" للاعتدال وتشجيعه على أن يكون بناء في الحكم، كما لاحقا المسؤولين اللبنانيين من غير الشيعة باستخدام قانون ماجنيتسكي.
ومن جانبه، قال مصدر دبلوماسي غربي في لقاء مصغر، أمس السبت، إن الوقت لم يفت بعد بشأن مبادرة جريئة يُقدم عليها المسؤولون اللبنانيون في ملاقاتهم للجهد الدولي المبذول في أسرع وقت ممكن لمعالجة الأزمة اللبنانية.
وحسب موقع "لبنان 24"، أضاف أن الدفع الخارجي لتشكيل حكومة سريعًا يقف عند حدود الحض وتوجيه النصح، ولا يتخطى ذلك لمحاولة التدخل المباشر والضاغط لحمل الأطراف على تشكيل حكومة.
إلا أنه أشار إلى أن المسؤولين اللبنانيين لا يزالون ماضين في ارتكاب الأخطاء بحق وطنهم ويستنزفون كل المبادرات الخارجية لدعم وطنهم عبر إدخالها في أنفاق تعيق التوصل إلى أي حل يراهن من خلاله المجتمع الدولي على إمكان الانتقال بلبنان من حال الأزمة إلى مرحلة النهوض".
ولفت إلى أن بقاء الحال على ما هو عليه، يعني فتح البلد على المجهول على المستويات الأمنية والنقدية والاقتصادية والمعيشية.