قال الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، إن فكرة "التفسير الحركي للسيرة النبوية" يلجأ إليها البعض كوسيلة لتمرير أمور ملتبسة تتعلق بعلاقة الدين بالدولة، موضحا أن السيرة النبوية تمثل ترجمة كاملة لحياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن معظم تصرفاته كانت بوحي من الله سبحانه وتعالى أو في إطار هذا الوحي الشريف.
شوقي علام: السيرة النبوية مشروع حضاري شامل لا يجوز اختزاله في التفسير الحركي
وأكد الدكتور شوقي علام، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الجمعة، أن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم يبدأ من الفرد ويمتد ليشمل المجتمع بأسره، مشيراً إلى أن حياته الشريفة تضمنت علاقات متعددة: مع المشركين، والمؤمنين، وأهل الديانات الأخرى، ومع الأسرة والجيران والبيئة والواقع السياسي والحروب، مما يجعل السيرة نموذجاً شاملاً للحياة الإنسانية.
وأضاف الدكتور شوقي علام، أن كثيراً من كتّاب السيرة ركزوا على جانب الحروب والمعارك والتبليغ، بينما أهملوا الجوانب الاجتماعية والإنسانية التي تمثل جزءاً أساسياً من بناء المجتمع.
وأشار الدكتور شوقي علام إلى أن أحد المفسرين القدامى وقع في هذا الخطأ حين جعل السيرة كلها تدور حول الجهاد والدولة، متجاهلاً الجوانب الأخلاقية والتنموية.
وشرح الدكتور شوقي علام أن آية «وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة» لا تتعلق بالقوة العسكرية وحدها، بل تشمل القوة العلمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مؤكداً أن مصر عبر تاريخها قدمت نماذج رائدة في القوة الناعمة من أدب وفقه وإعلام.
وأشار الدكتور شوقي علام إلى أن بعض الباحثين المعاصرين استندوا إلى هذا النهج ليجعلوا من "المرحلة السرية" للدعوة نموذجاً لحركية تخدم جماعات بعينها، معتبراً أن هذا توظيف خاطئ للسيرة النبوية يبتعد عن روحها ومقاصدها، إذ إن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المرحلة كانت بوحي مباشر من الله تعالى، ولا يجوز إسقاطها على واقع جماعات تبحث عن غطاء فكري لحركتها.
وأكد الدكتور شوقي علام أن السيرة النبوية ليست مشروعاً حركياً لجماعة، بل هي مشروع حضاري شامل يوازن بين الروح والعمران، والجهاد والبناء، والدعوة والأخلاق، ويهدف إلى تحقيق الصلاح والإصلاح في المجتمع كله.



