الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سارة الدقن تكتب: متلازمة الحب والسعادة

صدى البلد

الأمر لا يقتصر على أنهم جزء مهم ورئيس منّا ومن مجتمعاتنا فقط، ولا أن ما "يميزهم" حالة صحية، بل هو أكبر من ذلك بكثير، فهؤلاء المصابون بـ"متلازمة داون"، قد يكونون أكثر البشر طيبة ونقاءً، وقلوبهم هي الأجمل من بين جميع من التقينا أو سوف نلتقي بهم. وقليل علينا أن نحتفل بهذه القلوب مرة واحدة في العام، لكن الأمر بمثابة تكريم لنا أنهم يعيشون بيننا، وتذكير كم أنهم ممتلئون بالطيبة.


يوم الـ21 من آذار / مارس في كل عام، يكون مليئًا بالمناسبات العالمية المهمة، وكأنه اليوم الأهم خلال السنة كاملة. ومن أبرز هذه المناسبات، الاحتفال السنوي بـ"اليوم العالمي لمتلازمة داون"، الذي يأتي لتذكير العالم كله أن المصابين بهذه المتلازمة هم أشخاص مثلنا، ولديهم قدرات عظيمة من الممكن أن يقدموها لمجتمعاتهم. بالإضافة إلى لفت الانتباه أن قلوبهم الطبية، تجعلهم كاملين تمامًا وربما أكثر من الأشخاص الأصحاء أيضًا.


متلازمة داون (Down syndrome) او المغولية هي مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية الناتجة عن مشكلة في الجينات تحدث في مرحلة  مبكرة ما قبل الولادة. يكون الأولاد الذين يعانون من متلازمة داون (المغولية) ذوي ملامح مميزة في الوجه، شكلهم الجانبي (بروفيل) مسطح والرقبة قصيرة.


كما يعاني هؤلاء، غالبا، من التخلف العقلي بدرجة معينة. وتتفاوت حدة علامات المرض من مريض إلى آخر، لكنها تتراوح، بشكل عام، ما بين الخفيفة جدا والمتوسطة.


أعراض متلازمة داون
أغلبية الأولاد الذين يعانون من متلازمة داون  يتميزون بـ:

ملامح وجه مميزة، مثل الشكل الجانبي المسطح، الأذنين الصغيرتين، العينين المائلتين والفم الصغير.
رقبة، يدين وساقين قصيرة.
ضعف في العضلات ومفاصل مرخية. وفي مرحلة الطفولة المتأخرة يتحسن مستوى التوتر العضلي (Muscle tone)، عادة.
نسبة الذكاء (IQ - Intelligence Quotient) أدنى من المعدل العام. 


أسباب وعوامل خطر متلازمة داون
من اسباب متلازمة داون هي مشكلة ما في منظومة الصبغيات (الكروموزومات - Chromosomes) في جسم الجنين، قبل ولادته بوقت طويل جدا. فمنظومة الصبغيات هذه تشكل جزءا مهما في خلايا الجسم، إذ تحتوي على المادة والمعلومات الوراثية للإنسان الفرد. وهي المعروفة باسم  "دي- أن- إي" (DNA): "الحمض النووي الريبي المنزوع الأكسجين (دنا) - (Deoxyribonucleic acid - DNA).


وفي العادة، يوجد في جسم الجنين السليم الطبيعي 46 كروموزوما في كل خلية جسدية. أما الجنين الذي يعاني من متلازمة داون (المغولية) فتحتوي خلاياه على 47 كروموزوما. وفي أحيان نادرة جدا، يمكن لخلل وراثي آخر أن يؤدي إلى متلازمة داون. إن الكرومزوم الإضافي (السابع والأربعون) يؤدي إلى حدوث تغيير في تطور عقل الجنين وجسمه.


عوامل الخطر
لا يعرف الخبراء، حتى الآن، السبب المحدد لحصول التغيير المذكور في الجينات، لكن هنالك عدة مسببات يمكن أن ترفع من خطر إصابة الجنين بمتلازمة داون. من بين هذه العوامل:


الحمل فوق سن 35 عاما: كلما تقدمت المرأة في السن يزداد خطر إصابة الجنين بمتلازمة داون. (بالرغم من ذلك، فإن أغلبية الأطفال المصابين بمتلازمة داون ولدوا لأمهات تحت سن 35 عاما، وذلك نظرا لأن النساء تحت سن 35 عاما تملن إلى إنجاب عدد أكبر من المواليد بالمقارنة مع النساء فوق سن 35 عاما).
إذا كان سن الأب 40 عاما وما فوق
إذا كان قد ولد في العائلة طفل آخر يعاني من المغولية.


مضاعفات متلازمة داون
نسبة كبيرة جدا من الأطفال المصابين بمتلازمة داون يولدون وهم يعانون، أيضا، من مضاعفات ومشاكل طبية أخرى عديدة، مثل:

المشاكل في القلب
في الأمعاء
في الأذنين
مشاكل التنفس 
وهذه المشاكل تؤدي بدورها إلى مشاكل أخرى إضافية، مثل الالتهابات في الجهاز التنفسي أو فقدان حاسة السمع. وهي مشاكل يمكن، لحسن الحظ، معالجتها.


علاج متلازمة داون
إذا كان المولود يعاني من متلازمة داون، تتم المباشرة في إجراء الفحوصات الطبية حال ولادته (بعد الإنجاب مباشرة) للكشف عما إذا كان يعاني من مشاكل طبية إضافية. مثلا، الكثيرون ممن يعانون من متلازمة داون يعانون، أيضا، من مشاكل في الرؤية، السمع أو في الغدة الدرقية (Thyroid gland).


كلما تم تشخيص المشاكل الطبية الأخرى بصورة مبكرة أكثر، ازدادت فرص معالجتها بنجاعة أكبر. كما تساعد الزيارات المتكررة والمتواصلة إلى طبيب العائلة في الحفاظ على صحة الطفل المصاب بمتلازمة داون.


يستطيع طبيب الأعصاب الذي يشرف على معالجة الطفل المصاب بمتلازمة داون أن ينصح الأهل بتبني برنامج معالجة ملائم لطفلهم، يتناسب مع وتيرة تطور الطفل، نموه واحتياجاته. فكثيرون من الأطفال المصابين بمتلازمة داون يستفيدون، مثلا، من برامج معالجة النطق واللغة (Speech - language therapy) والعلاج الطبيعي (العلاج الفيزيائي - Physiotherapy).


كلما تقدم الولد المصاب بمتلازمة داون في السن، أصبحت المعالجة المهنية (المعالجة الوظيفية - Occupational therapy) ذات تأثير أكثر وإيجابية أكبر، إذ تساعد المصاب بمتلازمة داون في تقبل مكان عمله والمحافظة عليه وفي العيش حياة مستقلة، قدر الإمكان. أما معالجات الاستشارة فيمكن أن تساعده في تجاوز محن اجتماعية وعاطفية.


هنالك الكثير من المهنيين والاختصاصيين الذين بإمكانهم مد يد العون وتقديم المساعدة، سواء للطفل المصاب بمتلازمة داون أو لوالديه وأفراد عائلته. لكن، ليس ثمة خلاف على أنه منذ لحظة ولادة الطفل المصاب يصبح دور الأهل هو الدور الأكثر أهمية ومركزية في تقرير مدى نجاح الطفل في مواجهة المرض والتعايش معه.


ماذا على الاهل ان يفعلوا؟
لكي يقوم الأهل بالخطوات الصحيحة الأنسب لطفلهم، يتوجب عليهم أن:

أن يتعلموا كل ما يخص متلازمة داون. فذلك سيساعدهم على ملاءمة توقعاتهم للواقع، كما يفيدهم في كيفية تقديم المساعدة لطفلهم.
التحري حول حقهم في الحصول على أي دعم مادي.
التحري حول وسائل الدعم في المنطقة السكنية التي يقطنون فيها. مثلا: في الكثير من الأماكن تتوفر برامج مساعدة وعلاج للأطفال دون سن الثالثة، لكي تؤمن لهم المساعدة في بداية طريقهم وتساهم في دفعهم قدما.
التحري حول مؤسسات ثقافية ملائمة لإيجاد إطار تعليمي مناسب.
إن تربية طفل مصاب بمتلازمة داون هو تحدٍ صعب لكنه يأتي بثواب كبير. يجب على الأهل أن يكرسوا لأنفسهم بعض الوقت، وإن احتاجوا مساعدة فعليهم ألا يترددوا في طلبها.


إن تبادل الأحاديث والتجارب مع أهال آخرين لديهم طفل مصاب بمتلازمة داون من شأنه أن يشكل عاملا مساعدا في علاج متلازمة داون. لذلك يمكن الاستفسار من الطبيب أو من مؤسسة صحية عن مجموعات الدعم لأهالي الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون.