الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد مبروك يكتب: فن الحوار

صدى البلد

 

كثيراً ما أقرأ العديد من الحوارات الصحفية التي يجريها الكثير من الصحفيين مع ضيوفهم في مختلف المجالات، ولا شك في أنني لاحظت انخفاض مستوى تلك الحوارات بشكل مُلفت في العقد الأخير نظراً لضعف الموضوعات وشخصنة الأسئلة، مما جعلني لا أهتم كثيراً بالدخول في تفاصيل أي منها مثلما كنت أفعل مع تلك الحوارات التي كان يجريها كبار الصحفيين فيما سبق...

كل هذا قبل أن أتابع ما يقدمه الصديق الصحفي المتميز أحمد فاروق من حوارات ثرية ومختلفة، تعود بنا إلى زمن التميز الصحفي الذي يقدم للقارئ وجبة صحفية حوارية دسمة مع ضيوف مختلفين، ونجوم يود القارئ أن يستمع إليهم ويقرأ ما بخاطرهم من أفكار ويغوص في أعماق ما يطرحونه من قضايا فنية وإبداعية على الساحة...

ففي كل مرة تقع عيني على أحد حوارات أحمد فاروق، يدهشني اختيار الضيف، وتوقيت عمل هذا الحوار، فهو لا يختار ضيوفه لإجراء تلك الحوارات لمجرد ملء مساحة صحفية في جريدة الشروق التي يدير تحرير أحد أبوابها، أو لمجاملة ضيف ما، نظراً لما بينهما من سابق معرفة، وإنما يكون اختياره على أساس عمل موضوع يرتبط بحدث فني أو إبداعي إما بالضيف أو بطبيعة الحدث وتوقيته، وكأنه يقدم للمتابع ما كان يجول بخاطره من تساؤلات مع هذا الضيف في ذلك الوقت، فقد كان فاروق أول من أجرى حواراً مع النجم "طارق لطفي" عن مسلسله الرمضاني المتميز "القاهرة – كابول" قبل عرضه، وكأنه كان يستشرف ما سيفعله هذا المسلسل وسط الزخم الدرامي في رمضان، وعندما تقرأ ما تناوله في حواره مع "طارق لطفي"، تستمتع بالأسلوب الرشيق الذي يتميز به هذا الصحفي النابه، وطريقة الأسئلة وعمق ما يصل إليه من أفكار مع مَن يحاوره، كما أن له العديد من الحوارات مع النجمة "يسرا"، ولكنه في كل مرة يجري معها حواراً، تحس مع مطالعة هذا الحوار، كأنه أول حوار يُجرى مع هذه النجمة الكبيرة، فهو يسلط الضوء على الموضوع المحدد الذي يجري بشأنه الحوار فيغطيه من جميع جوانبه، تاركاً المساحة للضيف لتوضيح ما لديه من أفكار تتعلق بموضوع المناقشة...

في آخر حواراته مع الكاتب "وحيد حامد" – رحمه الله – كان الحوار مختلفاً عن كل ما أجراه "وحيد حامد" من حوارات من قبل، فعندما يجد المبدع نفسه مع صحفي ذكي، مثقف، قام بالتحضير الجيد للحوار الذي يقوم بعمله، يفتح الضيف قلبه وعقله ويرتقي مستوى الحوار لذلك المستوى الذي يمتعنا حين نطالعه نحن القراء...

وللصحفي أحمد فاروق حوارات صحفية كثيرة منها ما يُعد خبطات صحفية كبيرة، وفي توقيتات دقيقة مع نجوم من مصر بل وعالميين، فله حوارات سابقة مع الفنان العالمي الراحل "عمر الشريف" والعديد من النجوم الذين يقدمون أعمالاً سواء في مهرجان الجونة السينمائي أو مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لكن مع كل ضيف وكل حوار يفاجئك أحمد فاروق، فعندما أجرى حواره مع النجمة "نجلاء فتحي"، كان كأنه يجيب عن تساؤلات محبيها عنها ويطمئنهم عليها، وحينما أجرى حواراً مع النجم "أحمد عِز" بعد فيلم "الممر"، كان في توقيته، حتى مع الفنانة المعتزلة "حنان ترك"، جاء حواره أيضاً في الموعد، كما أن آخر حوارات الراحل "يوسف شريف رزق الله" المميزة كان قد أجراها فاروق معه قبل رحيله بشهور، وغيره الكثير من النجوم والحوارات الصحفية المهنية المتميزة التي لا يتسع المجال هنا لذكرها كلها

كم هو جميل أن يجد المرء في هذه الأيام موهوبين يحملون شعلة الإبداع في مهنة الصحافة التي تلفظ - مع الوقت - كل ما هو رديء ولا تُبقي إلا هؤلاء المتميزين أمثال الصحفي أحمد فاروق الذي يجيد هذا الفن، فن الحوار.