عبدالحليم قنديل والهوس الجنسي
"هوس الجنس عند الإخوان".. هذا العنوان المثير كان مانشيت جريدة "صوت الأمة" والصادر بعدد الاثنين 29 أبريل 2013".. وتبعته عناوين أخرى لا تقل إثارة تقول :"كاتب إسلامي: العادة السرية شرعية، واللواط جائزة المؤمنين في الجنة"!
بحثت عن الموضوع "المثير" في الصحيفة، فوجدته "مفرودًا" على الصفحتين رقمي 16 و17، تحت عنوان "المتأسلمون وفقه الفراش".. لكن لم يرد فيه على الإطلاق ذكر كلمة "الإخوان المسلمين"، ولو مرة واحدة، على اتساع الصفحتين، ولو على سبيل الخطأ!
حسنًا والآن: مَنْ الكاتب الإسلامي الذي استشهدت الجريدة بإباحته للعادة السرية، واللواط معًا؟!
إنه الكاتب محمد جلال كشك -رحمه الله- وكان صحفيًا في جريدة "أخبار اليوم"، وقد توفي قبل نحو عشرين سنة في عام 1993.
هكذا تكتشف أيها القارئ الكريم أن الموضوع ليس سوى عرض لأحد فصول كتاب كشك المثير للجدل: "خواطر مسلم في المسألة الجنسية" الذي أصدره عام 1984، أي منذ نحو ثلاثين عامًا.. والسؤال: "ما علاقة المانشيت بالمضمون، والجنس الذي يتحدث عنه الكتاب بالإخوان.. إنه يطرح قضايا عامة مثيرة للجدل، قال فيها الأزهر كلمته".
تحاول مقدمة الموضوع الصحفي إيجاد هذا الرابط "العجيب"، فتمتلئ بهجوم مقذع على من تصفهم بـ"المتأسلمين" الذين يتهافتون في كل عصر على أحاديث الجنس، وفقه الفراش، وأحاديث المداعبة، وأوضاع النكاح واللذة، زاعمة أن "شتائمهم لمعارضيهم" لا تخرج عن اتهامات بالشذوذ واللواط والسحاق وممارسة الجنس غير الشرعي، حتى أن كتاب "زاد المعاد" لابن القيم -رحمه الله- خُصص لوصف فنون الجنس واللذة، بحسب إدعاءات الموضوع.
ثم تمضي الصحيفة في خوضها طريق التهلكة فتقول إن هوس أولئك المتأسلمين بالعلاقات الجنسية الشاذة ربما مرجعه لدى بعضهم إلى قضائهم سنوات طويلة في السجون، وما قد يمارسونه مع بعضهم البعض!
الواقع أن المانشيت -بموضوعه- مُضلِّل بامتياز، ويجسد نموذجًا للخروج على ميثاق الشرف الصحفي، ويلجأ إلى تشويه الخصم السياسي، باتباع أساليب الكذب، والافتراء، وارتكاب أخطاء مهنية قاتلة ليس أقلها: وضع عنوان غير موجود في المتن.
الخوض في الأعراض سلاح خطير، ويرتد على صدر صاحبه سريعًا، كما أن إثارة مثل هذه المواضيع بهذا الشكل صحافة صفراء ورخيصة.
العجيب أن رئيس تحرير "صوت الأمة" الأستاذ عبد الحليم قنديل ذاق طعم التشهير به، وتلويث سمعته، بالكذب والافتراء على يد النظام السابق، عبر "تلفيق" فيديو له مع ناشطة سياسية مشهورة.. ولكنه ها هو بعد الثورة يسمح في صحيفته بفبركة العناوين، واتهام خصومه السياسيين بما ليس فيهم، وهذا ما لا يتفق مع أخلاق الثوار، ولا مع ما تنادي به الثورة من العدالة، وعدم الظلم، وحفظ الكرامة.