الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا اختفت الاستثمارات الإعلامية والصحفية؟!

طوال السنوات الماضية، ليس هناك حديث رئيسي للصحفيين والإعلاميين المصريين، وبالخصوص فيما بينهم وفي مجالسهم، سوى الحديث عن إغلاق صحف وايقاف بث بعض القنوات، وحالات تقشف تنتاب الصحافة والإعلام المصري، وعدم ظهور مؤسسات صحفية وإعلامية ضخمة كما كان الحال مثلا قبل 7-8 سنوات.
والحقيقة أن هذا وضع مؤلم، ولا يحتاج الكذب أو الإنكار، ولابد من التوقف أمامه بكل صراحة، فالصحافة والإعلام ليسا رفاهية في مجتمع مثل مصر، ولكنهما حق أساسي للمعرفة والتنوير، علاوة على أن التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، والحرب الإعلامية التي تجابهها مصر منذ سنوات، وبالخصوص عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتستهدف الحط من أي انجاز و"مجانبة" الحقيقة في أي تطور، يستدعي صحافة حرة قوية، وإعلام مؤثر مقروء ومرئي ومسموع، يصل للملايين داخل وخارج مصر.
والحاصل أن هناك العديد من أوجه القصور لدى رجال الأعمال والمؤمنين بـ "الجمهورية الجديدة"، التي يقوم ببنائها الرئيس السيسي، فـ منذ عقود مضت، تبين بدون أدنى شك أن الصحافة والإعلام الخاص هما الاستثمار الأمثل في هذه المهنة، كما أن اتاحة هامش حرية للجميع يتيح الإقتراب من المشاكل من ناحية، ولفت الأنظار إليها من ناحية ثانية، مع الحفاظ على خطاب وطني جاد غير محبط أو كاذب أو متجاوز.
فـ مصر تشهد إنجازات حقيقية في كثير من الميادين، ومصر استطاعت  تحقيق استقرار سياسي ونمو اقتصادي طيلة السنوات الماضية، وبـ مقارنة مصر بحالة الانفراط والانفلات والتنظيمات والميليشيات في دول عربية عدة ودول مجاورة، يتبين لكل ذي عينين مدى الجهد الذي بذله النظام المصري، بقيادة الرئيس السيسي، للوصول الى هذه الحالة وتقوية أواصر الدولة الوطنية المصرية، وبث الروح والحيوية في كل مفاصلها.
وبالعودة إلى السبب وراء اختفاء الإستثمارات الصحفية والإعلامية، فهناك العديد من المؤشرات ينبغي التوقف أمامها بكل صراحة:-
أولها اعتقاد البعض أن الدولة لا تحب الإعلام ولا تقبل الصحافة، وهو اعتقاد خاطىء ومغرض، ولكنه سائد لدى الكثيرين والحقيقة عكس ذلك تمامًا. فالدولة المصرية اليوم وفي عز مواجهاتها للإرهاب وتطلعها بقوة للتنمية وحربها من أجل تعزيز الوعي والتنمية، ومع إثارة وتفجير قضايا ضخمة لم تثر من قبل، بحاجة إلى 10 قنوات تلفزيونية جديدة و100 صحيفة، تتفتح في ميدان مصر تنطق بـ إنجازات وترصد عطاء وتتوقف أمام أخطاء البعض، بكل قوة وحيادية، إعلام يُجر الوطن للأمام. ويكون يد قوية له لمواجهة هجمات ظلامية عدة.
ثانيا هناك تقصير وتقصير شديد للغاية، من جانب رجال أعمال وطنيون محبون للبلد، في الدفع باستثمارات قوية في سوق الإعلام والصحافة المصرية.. والسؤال لماذا كفت أيديكم عن هذا؟ وما الذي يخيفكم وكيف تدافعون عن وطن تحبونه وقيادة عظيمة يقدرها الجميع دون ايجاد منصات إعلامية جديدة وقوية ومؤثرة تفيض بالحيوية.
إنني أحمل سياسيين ورجال أعمال وطنيين وأحزاب سياسية تتصدر المشهد، مسؤولية التقاعس وترنح الإعلام والصحافة المصرية، و"تيبس وتجمد" الأوضاع داخلهما، فالدولة ليس من مسؤوليتها إصدار صحف وليس من واجبها إطلاق قنوات تلفزيونية، ولا زلنا نعاني مع ماسبيرو ومع "ألف روشتة علاج" لإصلاح حاله، ما زلنا ننتظر النتائج.
اختفاء الاستثمارات الصحفية والإعلامية، وعدم التكاتف لبناء قدرات إعلامية وصحفية متجددة وقوية، جريمة في حق مصر وليس هناك ما يمنع، والخطاب الإعلامي المستنير والقوي والحيادي يُجذب الناس وملايين يرون بأعينهم دولة مستقرة وعمل دؤوب في كل مكان.
إن التهاون واستمرار "الفرجة" على قنوات تغلق ومؤسسات صحفية تموت والزعم أن هذه حالة عامة، "مشكلة كبيرة" وجريمة حقيقية، فـ نحن أمام تحدي بناء الوعي وأمام مسؤولية تنوير ضخمة.
ويضاف لذلك كله، أن القوى الناعمة لمصر سواء في الصحافة أو الإعلام أو الفن لا يجب أن تكون "دفاعية" عن الدولة فقط ولكن "مُوجهة" ورائدة، ولا يجب أن ننسى إنه لسنوات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كانت الإذاعات والصحف المصرية قادرة على إيصال صوت القاهرة ورسالتها في كل مكان.
القاهرة هى أم الدنيا وعاصمة العرب الأولى، وهذه ليست بروبجندا أو "إكليشيهات مكررة"، كما يتصور البعض ولكنها أم العرب فعلا وما يُصنع في القاهرة من سياسات، وما يثار من قضايا فكر ووعي وتنوير يؤثر في باقي البلدان العربية.
لن أقول لكم انقذوا الصحافة والإعلام المصري بضخ استثمارات جديدة حقيقية واقامة مؤسسات ضخمة، ولكني أقول لكم أن "الجمهورية الجديدة" وبناء الوعي، تحتاج إلى صحفها وقنواتها وأذرع إعلامية متجددة وأفكار شابة، خصوصا وأن بعض المؤسسات الموجودة شاخت في مقاعدها وأصبحت نصوصها وأفكارها عقيمة إلى حد التقزز ومتجمدة إلى حد الموت.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط