الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عقوبة السرقة وأنواع الجريمة في الشرع .. الوجه الآخر للرحمة في الإسلام

السرقة
السرقة

عقوبة السرقة وأنواع الجريمة في الشرع .. يظن البعض بأن الشريعة الإسلامية لا تعرف الرحمة في تطبيق الحدود وأن هناك أمور طبقها المسلمون بوحشية، إلا أن جهل هؤلاء بأحكام التشريع الإسلامي وحكمته لم تدفعهم إلى قراءة الوجه الآخر لتلك الحدود والعقوبات التي سرعان ما تزول عن صاحبها لشبهة أو عذر مقبول، ومنها ما فعله الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام المجاعة من إيجاد عذر يدفع عن البعض وقوعهم تحت طائلة حد السرقة. 

عقوبة السرقة وأنواع الجريمة في الشرع 

عرفت دار الإفتاء المصرية السرقة في الشريعة الإسلامية بأنها أخذ مال الغير بدون حق وهو أمر محرمٌ شرعًا، فلا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» متفق عليه، موضحة أن السرقة نوع من أنواع الأخذ بدون حق، وقد ورد النهي عنها في أحاديث كثيرة منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَعَنَ الله السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ» متفق عليه، وذكر الله سبحانه عقوبتها في كتابه المجيد، وهو قطع اليد في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38].

وبينت أن أدلة تحريم السرقة ووجوب العقوبة للسارق مع ما فيها من عموم؛ بحيث تشمل السرقة من الأقارب ومن غيرهم، لكن للفقهاء تفصيل في أثر القرابة على العقوبة المقررة للسرقة، وذلك يختلف باختلاف كون السارق أصلًا للمسروق منه بأن يكون أبًا أو جدًّا مثلًا، أو فرعًا منه كأن يكون ولده، أو يكون بين السارق والمسروق منه رحمٌ أو زوجية.

وشددت: قرابة الأصول والفروع تكون مؤثرة في عدم القطع، مع حصول الإثم، وكذلك الزوجية مؤثرة أيضًا، وأما غير هذه القرابة فلا تؤثر في إقامة العقوبة المقررة في السرقة.

أحكام في عقوبة السرقة 

حرمت الشريعة الإسلامية السرقة لأنها اعتداء على حقوق ومجهود الغير، وجرمت فاعلها، ووضعت للسارق عقوبة وحداً وهو قطع اليد باعتباره مرتكبًا لأمراً شنيعاً حرمته الشريعة الإسلامية، وحددت 5 شروط يجب توافرها لتطبيق الحد في جريمة السرقة، وهى: أن يكون السارق مكلفًا، وأن يقصد فعل السرقة، وألا يكون مضطرًّا إلى الأخذ، وأن تنتفى القرابة بينه وبين المسروق منه، وألا تكون عنده شبهة فى استحقاقه ما أخذ.

وقالت دار الإفتاء إن الله يكفر ذنوب العباد من خلال التوبة الصادقة إليه، فمن وقع في ذنب السرقة وأراد أن يكفر عن ذنبه فإنه يجب عليه التوبة إلى الله تعالى، وأن يبرئ ذمته من حقوق العباد التي أخذها بغير وجه حق، وإبراء الذمة من المسروقات يكون بردها إلى أصحابها -إن كانت باقية في يد السارق- ويكون برد المثل أو القيمة عند تلف المسروقات أو فقدانها؛ ذلك لأن من المقرر شرعًا أن التوبة من حقوق العباد لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء؛ فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» (أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه).

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَحَدٍ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» (أخرجه البخاري).

وحددت كيفية إبراء السارق ذمته من المسروقات، ورد المظالم إلى أهلها بأنه يجب على التائب أن يرد الحقوق المادية لأصحابها، فإن لم يجدهم ردها لورثتهم، فإن عجز عن إرجاعها لعدم معرفته بأصحاب هذه الحقوق فليتصدق بها عنه.وأوضحت أنه في حالة إذا ما خشي الإنسان من حدوث مضار إذا رد الحقوق لأصحابها كفتنة أو تشهير بسوء السيرة، أو قطع لصلة الرحم، ونحو ذلك؛ جاز له أن يعيد الحق إلى أصحابه بطريقة أو بأخرى من غير أن يخبرهم بما ارتكبه من السرقة، ولو كان الرد في صورة هدية ونحوها أو هبة مجهولة المصدر، أما الأشياء التي سرقها الإنسان في طفولته قبل البلوغ؛ فإنه لا يحسب له ذلك ذنبًا لعدم تكليفه في صغره.

هل السرقة من أجل سد الجوع يعاقب عليها 

رفعت الشريعة الإسلامية الحرج عن المضطر في كثير من الأحكام ومنها من اضطر إلى السرقة بسبب الجوع فلا إثم عليه، ولا حد، وبها أخذ عمر بن الخطاب في عام المجاعة، حيث يقول تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:3].

حكم من سرق من أجل إطعام أبنائه 

وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط لتطبيق حد السرقة، وهي ألا يكون السارق مضطراً إلى المال المسروق كالجائع الذي لا يجد ما يأكله مثلاً، وألا يكون للسارق شبهة كسرقة الإنسان من مال أبيه.

ويجوز للإنسان أن يأخذ حقاً له ثابتاً ثبوتاً ظاهراً ممن هو عليه على وجه التخفي، ولا يكون هذا سرقة؛ لأنه أخذ حقاً له، ولم يأخذ حقاً لغيره، مثل أخذ المرأة نفقتها الشرعية من زوجها الشحيح، وقد قالت امرأة أبي سفيان: إنه رجل شحيح، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" متفق عليه.