الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحاج محمود العربي.. رحلته من تجارة الأدوات المكتبية إلى صناعة الإلكترونيات

صدى البلد

توفي اليوم الحاج  محمود العربي  والجنازة غدا بعد صلاة الجمعة من مسجد العربي بقرية أبورقبة مركز أشمون بالمنوفية.

من هو الحاج محمود العربي ؟

ولد الحاج  محمود العربي  عام 1932 في أسرة ريفية فقيرة بقرية “أبو رقبة” بمركز أشمون في محافظة المنوفية، توفي والده وهو في سن صغير، انتقل بعدها إلى القاهرة ليعمل بائعاً في محل صغير لبيع الأدوات المكتبية وعمره لم يتجاوز العاشرة، وفى عام 1954 التحق بالخدمة العسكرية لمدة ثلاث سنوات.

 

ويقول الحاج محمود العربي   إن العوامل الثلاثة الرئيسية وراء نجاح مسيرته الصناعية والاقتصادية هي العزيمة والإصرار والإيمان، وإنه يمتلك قناعة تامة بأن المنتجات المصرية تمتلك المقومات والإمكانات التي تؤهلها لكسب ثقة العالم وأن ما حققته مجموعة العربي خير دليل على ذلك، حيث نجحت الشركة في إمتلاك توكيلات لأشهر الشركات الإلتكرونية العالمية مثل شركة توشيبا اليابانية التي اتخذت من مصر بفضل شركة العربي مركزاً رئيسياً للتصنيع والتواجد بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

بداية الرحلة

محمود العربي 

بدأت علاقة  الحاج محمود العربي  بالصناعة عبر إنشاء ورشة صغيرة للألوان والأحبار، ثم قام بتحويل مجال عمله من تجارة الأدوات المكتبية إلى تجارة وصناعة الأجهزة الكهربائية، حيث بدأ التجارة في سن صغير جدا بالتعاون مع أخيه الأكبر، الذي كان يعمل بالقاهرة، وعن تلك الفترة يقول العربي: “كنت أوفر مبلغ 30 أو40 قرشا سنويا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات، وكنت أفترشها على “المصطبة” أمام منزلنا لأبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى، وبقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، حيث أشار أخي على والدي أن أسافر إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور وكان ذلك في عام 1942، وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني”.

 

بعد ذلك انتقل  الحاج محمود العربي  للعمل بمحل بحي الحسين وكان راتبه 120 قرشا في الشهر، واستمر في هذا المحل حتى عام 1949 ووصل راتبه إلي 320 قرشا، بعدها فضل العمل في “محل جملة” بدلا من المحل “القطاعي” لتنمية خبرته بالتجارة وكان أول راتب يتقاضاه في المحل الجديد 4 جنيهات وعمل فيه لمدة 15 عاما.

 

في عام 1963 سعى العربي للاستقلال بنفسه في التجارة، لكن لم يكن لديه ما يبدأ به، ففكر هو وزميل له بنفس العمل، أن يتشاركا مع شخص ثري، على أن تكون مساهمته هو وصاحبه بمجهودهما، بينما يساهم الطرف الثاني بأمواله، وكان رأس مال المشروع 5 آلاف جنيه، وهكذا أصبح لديه أول محل بمنطقة “الموسكي” بالقاهرة، والذي مازال محتفظا به حتى الآن.

 

وكانت تجارة العربي تقوم أساساً على الأدوات المكتبية والمدرسية، ولكن الحكومة قررت في الستينات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، وهو ما يعني أن تجارة العربي لم يعد لها وجود، فاستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربية، وحول تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية في منتصف السبعينات مع انطلاق سياسة “الانفتاح الاقتصادي” وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية، لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلاً دون ذلك، إلى أن تعرف على أحد اليابانيين الدارسين “بالجامعة الأمريكية” بالقاهرة، وكان دائم التردد على محلاته، وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة “توشيبا” اليابانية، فكتب تقريرا لشركته، أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.

محمود العربي 

التعاون مع اليابانيين

لم يكن عام 1974 مجرد عاماً عادياً لدى العربي حيث قام خلالها بأول زيارة له لليابان ليرى بعينه مصانع الشركة التي حصل على توكيلها، ليتنامى لديه سؤالاً ما الذي ينقصنا لإنشاء مصنع مثله؟، ثم طلب من المسؤولين فيها إنشاء مصنع لتصنيع الأجهزة الكهربائية في مصر وهو ما تم بالفعل، على أن يكون المكون المحلي من الإنتاج 40% رفعت لاحقا إلى 60% ثم 65% حتى وصلت إلى 95%، ومع تطور الإنتاج أنشأ شركة “توشيبا العربي” عام 1978.

وفي عام 2003 امتد نطاق الشراكة ليشمل عملاق ياباني آخر وهو شركة شارب اليابانية، فضلاً عن عدد كبير من الشركات الأخرى مثل سايكو وآلبا وتايجر وNEC وأخيراً شركة هيتاشي.

ولم يقتصر التعاون على الشركات اليابانية فقط، ولكنه إمتد أيضاً إلى الشركات الأوربية مثل شركة “لاجيرمانيا” الايطالية التي تُعد من أعرق الشركات العاملة في مجال صناعة البوتجاز وأيضا شركة “بروميثيان” العاملة في مجال منتجات التعليم الذكية.

محمود العربي 

أبعاد شخصية

تمتد روافد عائلة العربي لأكثر من 3 أجيال متعاقبة تشمل جيل الأباء المؤسسين للمجموعة رفقة الحاج محمود، وكذلك الجيل الثاني له والبالغ عددهم نحو 6 أولاد وبنتين وأخيراً الجيل الثالث للعائلة والتي تضم أكثر من 18 ولد و6 فتيات.

وفي سيناريو مخالف لمسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” الذي يعد أحد كلاسيكيات الدراما التلفزيونية، توجه أبناء العربي للسير على خطى والدهم والعمل في مجالات الشركة المختلفة، باستثناء ابنه الدكتور ممدوح الذي يتولى الجانب الطبي في العائلة والمجموعة.