الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.فتحي حسين يكتب: الراحل محمود العربي.. جابر الخواطر

صدى البلد


اذا اردت ان تعرف مكانه انسان ما في مجتمعنا  وهو الذي كان ملء الاسماع والابصار ،فانظر الي جنازته والمشهد الاخير له قبل وصوله الي القبر ! وهذا ابلغ دليل علي حب او كره الناس له ،فليس في هذا المقام ،معني للنفاق! وانما هو سلوك طبيعي وواجب اخلاقي نابع من الضمير الانساني ان وجد! ولكن مع الحب الجارف من الناس البسطاء  لشخص ما والاسراع لتقديم العزاء لسيرته الحسنة مع الجميع ،فهذا ما يلفت النظر للتأمل في هذه الحالة.
وهذا ما رأيناه مع جنازة الحاج محمود العربي رجل الصناعة والاعمال وصاحب منتجات العربي للاجهزة رحمه الله واسكنه فسيح جناته الذي توفي مؤخرا ،  ونشرت الصحف مشهد جنازته المهيب  التي ضمت اعداد غفيرة من الناس علي اختلاف مستوياتها ،من كل حدب وصوب وافرادا جاؤا من كل فج عميق،بالاف والمئات ، تجمعوا امام المسجد اثناء الصلاة عليه ،ولم ينتبهوا الي شيء اخر في هذا الزحام الغير طبيعي ومخاطره الصحية في ظل كورونا ، الا توديع الرجل المعطاء والكريم و المخلص والطيب والامين والملقب "بشهبندر التجار "  الذي بدأ حياته العملية بائعا في شارع الموسكي قرب منطقة العتبة بوسط القاهرة ،وهو الذي جاء من مسقط رأسه بمحلفظة المنوفية ثم نجح في شراء محل صغير  ومع مرور الوقت نجح في اقتحام مجال الاجهزة الالكترونية وتصنيع كل ما يحتاجه البيت من ادوات كهربائية في المطبخ شاشات التلفزيون  وانتقل الي عدد من المحافظات لكي يبني فروعا لمصانعه وشركاته ليعلن عن اجهزته في كل مكان داخل مصر وخارجها ،حتي وصلت الي الدول العربية والاجنبية.
بالتأكيد هذا الحب الجارف للناس للمرحوم محمود العربي ليس من فراغ وانما من واقع افعاله الخيرية طوال رحلة حياته وتركيزها في الاساس علي التجارة مع الله وحسن معاملة الناس وتقديم الصدقات ،فضلا عن الزكاة وفتح بيوت وخلق فرص عمل كثيرة للعاطلين عن العمل ،وهي بعض الأعمال الصالحة التي جعلت له مكانه كبيرة في قلوب الناس جميعا ممن يعرفه ومن لا يعرفه عن قرب . وبالرغم من تعليمه البسيط الا انه استعان باكبر الخبرات العالمية والتكنولوجيا في صناعته وتجارته وابناءه اطباء ومراكز كبيرة بسبب قلبه الطيب ونواياه الصادقة وعطاءه الكبير . ومن اجل ذلك تم اعداد كتاب عن الراحل بعنوان " سر النجاح " يحكي به عن ذكرياته ورحلة نجاحه لكي تكون تجربه يتعلم منها الشباب الصاعد في الصبر والاخلاص  وتقوي الله في العمل .
هذا المشهد الجلل للجنازة فضلا عن العزاءات المستمرة في الفضائيات والصحف ، يعطي درسا لكل رجل اعمال ان يحذوا حذوه ويسلك طريقه في عمل الخير وتقديم الصدقات والزكاة دون تردد وتوظيف الشباب في مصانعهم بالقدر الذي تسمح به ظروفهم ،مع التركيز الاساسي علي منهج التجارة مع الله في كيفية التصرف في المال بشكل ينال به العبد رضاء الخالق و الذي سيسأله عن مصدره وفيما انفقه وهذا سؤال شديد الصعوبة علي كل رجل اعمال غير شريف !
مشهد الجنازة السابقة المهيبة للراحل العربي يؤكد لنا علي معاني كثيرة اولها ان حب الناس لهذا الرجل نعمة كبيرة يتمناها كل فرد اذا كان صادق النوايا فعلا . كما ان الايمان الحقيقي للانسان ليس بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل .
وهذا المشهد يؤكد ايضا ان رجال الاعمال له دور كبير في المجتمع وربنا اختصهم لمساعدة الفقراء والمحتاجين ومساعدة المجتمع في مواجهة تحدياته المتنوعة ،وهو اختبار من المولي عز وجل لهم ولغيرهم .
واعتقد ان دعاء الملايين بالرحمة والمغفرة للراحل العربي ،سوف يتقبله المولي ان شاء الله في رحمته ويدخله جنات عرضها السموات والارض التي اعدت للمتقين.