قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: تعزيز العلاقات

د. عصام محمد عبد القادر
د. عصام محمد عبد القادر

ندرك ما تعنيه ماهية الروابط الإنسانية؛ حيث نراها بوضوح في علاقة تفاعلية بناءة، يفعمها الوجدان بسياج المحبة، وتعبر عنها المهارات الاجتماعية، المتمثلة في صورة التعاطف المتبادل، والتواصل بأنماطه المختلفة، والإنصات حين يتحدث الآخرين، واحترام التباين، وشتى الممارسات الإيجابية، الداعمة لجسور الثقة والتعاون، وهذا بالطبع لا يفارقه حسن النوايا، وصدق السريرة، وأرى أن النجاح في تعزيز العلاقات بين بني البشر، لا ينفك عن قناعة تامة بمنظومة القيم النبيلة، والخلق الفضيل، ولا ينفصل عن فلسفة، تؤكد مغزى الشراكة، وتبادل المشاعر الإيجابية، وهذا في حد ذاته كفيل على أن يخلق مجتمعات مستقرة ومتوازنة، بل، قادرة على بذل مزيد من الجهود؛ بغية حب العطاء في صورته المستدامة.

العلاقات الإيجابية، تقوم على قيمة الإيثار، وتؤسس على فكرة التفاعل المستمر بين الفرد والآخرين، وتتجاوز منطقة المصالح الخاصة، وتعمل على تعظيم الفطرة الإنسانية، التي تميل إلى التواد، والتقارب، والألفة، والتواصل، وتبادل ماهية الشعور بالاحتياج، وهذا يتأتى من وعي رشيد بمسلمة الاستخلاف على الأرض، وما ينتج عنه من عزيمة وإرادة نحو الإعمار، وتحقيق جودة الحياة في مجالاتها المختلفة، وهنا نتوافق بشدة على المكون الجوهري لتلك الممارسة الحميدة؛ إذ تُبنى على المسؤولية المشتركة؛ فلا يصح أن يكون هنالك شعور بالتعاطف من طرف دون آخر، أو ثقة من جانب وحيد، أو تواصل في اتجاه واحد، أو احترام قائم على تحقيق مصلحة بعينها؛ إذ يزول أثره بالانتهاء منها.

تعزيز العلاقات يمنحنا جميعًا دون استثناء إيجابيات ليست بالقليلة؛ فهناك إحساس يتنامى تجاه الأمان المجتمعي، والقبول، وتقدير الذات والآخرين، والترابط، والتماسك، والتكافل، كما أن المشاعر السلبية لا تجد لها قوس منزع في صدور الجميع، ولا جدال حول جدوى الدعم النفسي والمعنوي؛ بغية بث الطمأنينة، والأمل، والتشجيع؛ من أجل إنجاز المهام والتكليفات؛ لذا علينا أن نستمع للآخرين، ونتفهم مشاعرهم، ولا نصادر على تعبيراتهم، ونبرز بوضوح ما لديهم من نقاط تمثل إيجابيات تضاف لرصيدهم، ولا نتأخر في تقديم الدعم المادي إذا ما كان بالإمكان.

تعرضنا لمزيد من الضغوط الحياتية، قد تفقدنا روح التفاؤل في بعض الأوقات، وتحد من مستويات الإيجابية لدينا، بل تقلل من نظرتنا نحو ما نمتلكه من قدرات وتفردات مهارية؛ نتيجة لخبرات متراكمة نحوزها، وهذا يجعلنا في أشد الاحتياج إلى التقدير والثناء؛ لتصحوا لدينا ردود أفعال سوية؛ لذا علينا ألا نتوقف عن توجيه رسائل الشكر والامتنان للآخرين، سواءً لأفعال قد بدرت منهم سابقًا، أو لنتاج مثمر تركوه خلفهم، أو لنية القيام بأمور نستحسنها، وعلينا أيضًا أن نعلي من مكانة أصحاب العطاء، بطلب المشورة في مجالاتهم، وبالمشاركة في صناعة القرار الصحيح، وبمحاولات متكررة من أجل رد الجميل، بمواقف تنم عن الدعم بكل صوره، وأرى أن هذه الممارسات تعد ترجمة وظيفية لإظهار الإيجابيات لدى الآخرين.
دعونا نهجر العلاقات المؤقتة، المغلفة بثياب المصلحة، والمدعومة بأهداف خاصة من أحد الطرفين، وهيا بنا نحرص على التواصل الصادق المنتظم، أو حتى شبه المنتظم؛ فهذا يؤدي إلى المشاركة في تفاصيل مجريات الحياة وزخم أحداثها، وهنا نضمن توافق للأفكار، بما يساعد في زيادة مساحات الاهتمام المشتركة، ويقوي العلاقات بصورة مضطردة، ويحقق معدلات التقدير المنشودة بين الجميع، ويبعث على تعزيز الثقة في إطارها المتبادل، ويخلق فرصًا جديدة للتعاون بغية غايات نبيلة، ويرغب الجميع في خوض غمار التجارب الناتج عنها فوائد يصعب حصرها، وهنا يقتنع الإنسان منا بأن تعزيز العلاقات بات أمر ضروريًا في نمط حياته، وأن تجاهله يؤدي إلى تقوض مزايا عديدة.

أعتقد أن الممارسات البسيطة، المساهمة في تعزيز العلاقات مع الآخرين، ينبغي ألا نقلل من أهميتها؛ ومن ثم نعمل على تفعيلها؛ فما أبسط من ابتسامة تحمل براءة دافئة في الوجوه، وما أسهل الكلم العذب الراقي والرقراق الآسر للوجدان، وما أيسر من عبارات تحمل في نسيج حروفها الشكر والتقدير والامتنان، وما أفضل من أفعال وممارسات ليست بالمعقدة، تساعد الآخرين في إنجاز المهام، وتحقيق الأحلام، وما أرقى من لغة الدعم حين الأزمة، وما أصدق النصيحة حين الاحتياج إليها؛ فهي باعثة للأمل، رافعة للمعنويات، وما أمثل من احترام الآخرين، والتسامح معهم، والاعتراف بالخطأ والمسارعة بالاعتذار، إنها حقًا بسيطة؛ لكنها تعزز العلاقات في إطارها الإيجابي، وتقوي سياج الروابط الإنسانية دون مواربة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.