الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنت تري ولكن هل أنت مبصر؟

العديد من الناس لا يدرك الفرق بين الرؤية والإبصار والنظر  .. ويظن البعض أن الرؤية ما هي إلا مرادف لكلمة إبصار  وكلمة النظر .. ولكن القرآن الكريم شرح باستفاضة وفي آيات متعددة مفهوم النظر  باستخدام الأعين ومفهوم الرؤية والتي قد تشمل المنام ومفهوم الإبصار الذي يحميه غطاء يفصل الانسان عن العوالم الأخري ومنها عالم الجن والملائكة والشياطين ..والذي ينكشف للروح بوضوح بعد رحيلها عن الحياة الدنيا حيث قال في كتابه الكريم  (لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)

والرؤية كلمة تشمل عدة معاني قد تعني أنك تري بالعين المجردة وقد تعني أنك لك رؤية في أمر ما بمعني أنك صاحب رأي محدد بعد اطلاعك علي المعطيات التي أمامك … وقد تعني رؤيا المنام وهي آخر موروثات النبوة حيث ورد عن  أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: لم يبقَ من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة رواه البخاري. وقد ميزها المولي في القرآن بذلك المعني أيضا حيث قال (لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ).

أما كلمة النظر فقد تعني أكثر من معني منه المعلوم والواضح مثل الإدراك بواسطة القدرة البصرية ومنها معني الحماية كقول فلان تحت نظر فلان أي تحت حمايته ومنها التدبر كقول نظر إلي الأمور نظرة موضوعية .. ولكنها تختلف عن معني فبصرك اليوم حديد المذكورة في كتاب المولي على وجل .. والتي تعني البصيرة المحجوبة عن العديد من البشر بغطاء يعزل الإنسان عن العالم الحقيقي ليحيا في دنياه ويعبد مولاه بالغيب ويحارب الشيطان دون أن يراه . وقد استخدم تلك الكلمة المولي عز وجل في كتابه الكريم حين قال (فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) حيث أشارت تلك الكلمة إلي النظر بالعينين لرؤية واقع ملموس.

وقد يفقد الانسان حاسة النظر بالعين الآدمية فيصاب بالعمي ..  ويتمتع بالبصر ويحيا في عالم آخر رغم وجوده في الدنيا وقد يتمتع بنعمة النظر ونعمة البصر وهو حي يرزق في الحياة الدنيا .. وقد يفقدهما معا النظر والبصر فتتحول حياته لظلام دامس..

وفي حقيقة الأمر تشمل حياة الانسان منذ مولده حتي انتقاله إلي العالم الآخر معاني تلك الكلمات الثلاثة .. فقد نتمتع بالنظر لنري من حولنا من الناس ونتعامل مع الأشياء المختلفة وقد ينعم المولي عز وجل علي بعضنا بالرؤيا الصالحة التي ترشده عن بُعد وتنبهه بمجموعة من العلامات إن أحسن استخدامها قد تحل العديد من الأزمات أو قد  تساعده في وضع خطة محكمة لسنوات طويلة كما حدث في رؤية الملك التي فسرها نبي الله يوسف عليه السلام والتي استطاع من خلالها التنبه لسنوات من الجفاف فعالجت الرؤية أزمة كبيرة حمت حياة  العديد من البشر وحفظتهم من الخراب ..

وقد يتمتع بعضنا بنعمة البصر  ويُكشف عنه الغطاء العازل بين العوالم فيري ما خفي عن العين المجردة لغرض ما لا يعلمه إلا المولي عز وجل .. فيحيا حياة مزدوجة بعضها دنيوي وآخر يختلط فيه بواقع الأمر ويتعايش مع الخلق المحجوب .. ويتحمل أمانة من مولاه وقد يكون ممن ذكرهم المولي عز وجل بقوله في كتابه الكريم  (ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما).

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط