الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مات ذليلًا معزولًا مشلولًا.. كيف عاش شارون 8 سنوات برأس في حجم البرتقالة

أرييل شارون
أرييل شارون

له تاريخ كبير في إراقة الدماء، ومحاولات في بناء إسرائيل الكبرى، وإقامة المجازر، طب اللاجئيين الفلسطينيين، فضلاً عن مشاركته في حرب أكتوبر، ليبقى أرييل شارون الذي أخرجه تأرجحه الطويل بين الحياة والموت من الذاكرة الإعلامية الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة ورماه في دائرة النسيان، بعد دخوله غيبوبة أستمرت 8 سنوات.

 

شارون من الشخصيات التي يصعب على التاريخ نسيانها، فهو يظل بمعزل عن العدد الكبير من محبيه وكارهيه، فهو السياسي الأكثر إثارة للجدل في إسرائيل.

 

حياة شارون المبكرة

ولد أرييل شارون عام 1928 في فلسطين تحت الانتداب البريطاني، كان شارون ولعًا  منذ شبابه بالعمل العسكري، انتسب إلى ميليشيا "الهاغانا" السرية التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي لاحقا، وكان في العشرين من عمره. وشارك في الحرب العربية- الإسرائيلية الأولى عام 1948.

 

تدرج أرييل شارون في المراتب واكتسب صفة "الجندي الشجاع والمخطط البارع"، وبالرغم من قلة انضباطه أسند إليه الجيش قيادة الوحدة 101 في العام 1953، وقد ارتكبت هذه الوحدة مجزرة في قرية قبية في الضفة الغربية في نفس السنة، ذهب ضحيتها 70 فلسطينيا معظمهم من النساء والأطفال، المجزرة جاءت ردا على عملية فلسطينية سقط خلالها قتلى في الجانب الإسرائيلي.

 وللدفاع عن نفسه قال شارون لاحقا إنه كان يعتقد بأن المنازل غير مأهولة.

شارون يرفع العلم الإسرائيلي على غزة

شارون

كانت شهرة شارون مرتبطة بالمهام التي أسندت إليه حتى العام 1972 ، ففي 1956 خلال أزمة قناة السويس تغلغلت الوحدة 101 التي كان يقودها شارون خلف خطوط الجيش المصري في سيناء قبل أن تجبرها الضغوط الدولية على الانسحاب، الأمر الذي عاشه شارون كفشل لمهمته. 11 عاما بعد ذلك وخلال حرب الأيام الستة في 1967 نجح شارون في سيناء ورفع العلم الإسرائيلي في غزة.

 

شارون يدخل وجدان الإسرائيليين ويدير شئون المستوطنات

خلال حرب 1973 نجحت الفرقة التي يقودها شارون في عبور قناة السويس ومحاصرة القوات المصرية، فدخل شارون القائد العسكري في وجدان الإسرائيليين، وبعد حرب أكتوبر عبر أرييل شارون الخط الفاصل بين العمل العسكري والسياسة، فشارك في تأسيس حزب الليكود اليميني ودخل الكنيست.

 

 في عام 1977 أعيد انتخاب شارون في البرلمان الإسرائيلي وأسندت إليه وزارة الزراعة وشئون المستوطنات وكان مناجيم بيغن رئيس الحكومة آنذاك.

 

ومن هذا المنصب بدأ شارون تنفيذ "حلم" حياته في توسيع خريطة الدولة العبرية، وكان مقتنعا بمشروعه إلى حد السماح بنشر الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وإقامة معسكرات للجيش كعائق أمام قيام دولة فلسطينية.

مجازر للفلسطينيين

عُين شارون وزيرا للدفاع، عام 1982  وفي يونيو من نفس العام أمر قوات الجيش الإسرائيلي بغزو لبنان وكان الهدف المعلن من هذه العملية "السلام في الجليل" التي كان من المفترض أن لا تتجاوز 48 ساعة هو إبعاد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية عن الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، لكن الجيش العبري اجتاح بيروت واحتل شريطا في جنوب لبنان لمدة 22 عاما، وكان ما افترضه شارون نصرا وشرفا هو سيل من الانتقادات بحقه.

 

خلال احتلال قواته للعاصمة اللبنانية ارتكبت الميليشيات المسيحية، على مقربة من مواقع الجيش الإسرائيلي وداخل مجال رؤيته، مجازر مرعبة في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في جنوب بيروت، فأصيب العالم بأسره بالذهول، واتهم شارون بالتساهل، وغضب منهم الشارع الإسرائيلي وفتحت تل أبيب تحقيقا في المذابح التي حلت بالفلسطينيين في مخيمات بيروت، فأضطر أرييل شارون للاستقالة في عام 1983 والابتعاد عن الحياة السياسية.

 

عودته للحياة السياسية من جديد

لم يدم ابتعاد أربيل شارون عن الحياة السياسية سوى عدة أشهر، فبعد أشهر قليلة عاد شارون إلى الواجهة السياسية وتنقل بين حقيبة وزارية وأخرى وتولى رئاسة الحكومة في 2001، ولم تتوقف معركته لتحقيق إسرائيل الكبرى، لم يترك الفتات للفلسطينيين، ففي 28 سبتمبر 2000 قام شارون وكان يومها نائبا في الكنيست بزيارة باحة المسجد الأقصى في القدس، فرد الفلسطينيون على ما اعتبروه استفزازا بإشعال انتفاضتهم الثانية من 2000 إلى 2005.

 

جدار العار

حقق شارون عام 2001، وهو فيعمر الـ  73  فوزا ساحقا بالانتخابات وكلف برئاسة الحكومة، واستمر في سياسته الاستيطانية الواسعة، وجمد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بعد موجة من العمليات ضد الإسرائيليين وباشر في بناء جدار فصل يحاصر الضفة الغربية، "جدار أمني" بالنسبة لتل أبيب و "جدار العار" بالنسبة للفلسطينيين.

 

 في عام 2005 أمر شارون بتفكيك المستوطنات في قطاع غزة وسحب قوات الجيش الإسرائيلي، خطوة اعتبرها البعض تطورا سياسيا والبعض الآخر رضوخا تكتيكيا للضغط الدولي، وبعدها أسس أرييل شارون، حزب كاديما الأقرب إلى الوسط. وكان ضامنا لإعادة انتخابه ولكن جلطة دماغية أصابته في 2006 وأغرقته في غيبوبة دائمة.

 

الأجهزة الحديثة تمنحه الحياة 8 سنوات

أُصيب أربيل شارون، قبل بلوغه عامة الـ 78، جلطة دماغية قوية في 6 يناير 2006 أضعفته كثيرا، وإنهار فجأة وخارت قواه لدرجة أن الأطباء في مستشفى هاداساه في القدس نصحوا أسرته بأن يتركوه يموت في سلام لكن أجهزة العناية الطبية الحديثة سمحت لشارون بأن يعيش 8 سنوات إضافية على الأقل بجسده حيث تلقى زيارات يومية من ابنيه جلعاد وعمري.

أوضح جهاز مسح ضوئي بأشعة إكس شديد التطور، استخدم على رأس شارون، أنه يعاني من جلطة دماغية لا يمكن الشفاء منها لذلك حاول الأطباء مساعدته بوضعه في حالة غيبوبة سريرية ليتجنب الألم، وكان شارون فعليًا قد أنتهى أمره لكن ابنيه قررا إبقاءه على قيد الحياة طالما كان ذلك ممكنا بواسطة الأجهزة الطبية، معتقدين أنهم يحاولون انقاذه، فقال أحدهما:"لم نكن لنسامح أنفسنا أبدا إذا لم نقاتل حتى النهاية".

 

أجرى الأطباء بعد ذلك جراحة عاجلة لشارون بهدف تخفيف الضغط على المخ ومحاصرة الجزء المتضرر جراء الجلطة وبذلك استمر شارون حيا على الأجهزة الطبية لكنه لم يفق أبدا من الغيبوبة، واستمر على الأجهزة الطبية التى أمدته بوسائل دعم الحياة من تغذية طبية وسوائل يتم دفعها إلى معدته مباشرة عن طريق أنبوب علاوة على عدة أنابيب أخرى منها ما خصص لتمرير الأكسجين إلى رئتيه في عملية ضرورية لاستمرار التنفس.

لم يكن شارون يمتلك أدنى فرصة في الشفاء وهو ما أكده الأطباء حيث قال مدير المستشفى المشرف على حالته للصحف الإسرائيلية "إن مخه أصبح في حجم البرتقالة" مضيفا أن "الجزء المتبقي من مخه هو الذي يسمح لأعضائه الرئيسية بالاستمرار في العمل وما سوى ذلك مجرد سوائل".

وفاة بعد غيبوبة 8 سنوات

دخل أربيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق غيبوبة أستمرت لمدة 8 سنوات، إثر تعرضه لجلطة داغية 4/ يناير 2006، لكن لم يستفيق منها، ليخرج منها ميتًا، منقول إلى مثواه الأخير، حيث أعلن التلفزيون الإسرائيلي وفاته عن عمر ناهز 85 سنة