الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انتخابات في حديقة العراق

 

من بين كل العمليات السياسية التي تجرى في العراق، تحتل الانتخابات البرلمانية التي بدأت الجمعة، بتصويت نحو مليون و200 ألف من أفراد الجيش والأمن والنازحين ونزلاء السجون، على أن تطلق عملية التصويت العام الأحد المقبل، أهمية خاصة للغاية وذلك لأسباب عديدة:
في مقدمتها أن الانتخابات العامة البرلمانية، تأتي بعد عام ساخن للغاية شهد عددًا مهولا من أعمال الاغتيالات والتصفيات والاضطرابات الأمنية العارمة. ورغم الجهد الذي تبذله حكومة مصطفى الكاظمى، إلا أنها غير قادرة على استباب الأمن بشكل مطلق وكامل في العراق، علاوة على أن الكاظمي اعتبر أن تنظيم الانتخابات في حد ذاتها في أكتوبر الجاري، سيكون الانجاز الأكبر والأهم لحكومته طوال الشهور الماضية، لذلك تغاضي عن عشرات الملفات الشائكة والمقلقة في الساحة العراقية، ومنها تفشي الميليشيات الإيرانية وسيطرتها على الساحة العراقية، كما أن الانتخابات تجري وسط اصطفاف حزبي للتيارات الإيرانية القديمة، التي سيطرت على المشهد ولاتزال موجودة بقوة منذ سقوط الدولة 2003، فإيران في العراق وأحزابها في السلطة وهم منظمون ويدخلون الجولة الجديدة، عبر جناح سياسي وجناح عسكري ميليشياوي، وإذا فشلوا فرضا في الانتخابات، فإنهم باقون بـ ميليشياتهم بشكل عمل في الساحة العراقية.
والحاصل، وفق ما يرى كثيرون أن الانتخابات التي يشهدها العراق خلال الساعات الجارية وتنتهي مساء الأحد القادم، لن تفرز في الغالب طبقة سياسية جديدة. كما أن "الطبقة الثورية" التي جرى إفرازها أو ظهور بعض أسماءها جرى تصفية رموزها في عمليات اغتياال إيرانية مروعة.
ويضاف لهذا، أن الشهور الأخيرة أثبتت أن إدارة بايدن لا تعرف العراق. وليس هناك حتى اللحظة أي سياسة أمريكية واضحة تجاه العراق. وهذه خطيئة ترتكبها إدارة بايدن. فـ إيران المعروفة بنفوذها الواسع في العراق، ونحو ثلاثة عواصم عربية أخرى لم توقف طموحاتها ولم تحجم عناصرها عن التدخل في المشهد العراق. ومعني إحجام إدارة بايدن عن النظر بجدية للعراق ونفوذ إيران وعصاباتها، أن بايدن يقدم العراق هدية لإيران، ويدهس كل ما فعله ترامب في العراق، واعتماده سياسة الضغط القصوى تجاه إيران.
انتخابات العراق التي يتنافس فيها نحو 3240 مرشحًا على نحو 329 مقعدًا، ورغم وجود مراقبين دوليين فيها. فإنها للأسف وهو ما يثير الحزن، لن تفرز في الأغلب طبقة معارضة لإيران أو برلمان وطني وفق المعايير المعروفة، لأنه جرى قتل السياسة في العراق، ولم يعد قادرًا على السباحة فيها سوى العناصر الإيرانية و"القيادات الميلشياوية" الإيرانية، أمثال نوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي وغيرهم الكثيرين في مشهد مضطرب وفوضوي.
وبعد.. انتخابات العراق فصل جديد فيما يعيشه العراق، من تردي وأحوال سيئة ومتفاقمة منذ سقوط دولته 2003، والمشهد سينكشف برمته بعد أيام قليلة، في أعقاب انتهاء الانتخابات وظهور النتائج وساعتها سيتأكد للجميع، ما إذا كان العراق "حديقة" يعبث بها الكثيرون فعلا وفي مقدمتهم إيران، أم أنه ليس حديقة لأحد وفق ما يقوله "الكاظمي" وفوق كل الاعتبارات الحزبية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط