الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبد المعطى أحمد يكتب: قناعة الرسول وزهده

صدى البلد

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مالى وللدنيا.ماأنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة,ثم راح وتركها".

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم هانىء يوم فتح مكة فقال لها:أعندك طعام؟قالت:إن عندى لكسرة يابسة,وإنى لأستحى أن أقدمها لك فقال:هلميها,فكسرها فى ماء وجاءته بملح فقال:مامن إدام يعنى (قوت)قالت:ماعندى إلا شىء من خل قال:فهلميه,فلما جاءت به صبه على طعامه فأكل منه,ثم حمد الله,وأثنى عليه,وقال:"نعم الأدم الخل يا أم هانىءلايفقر بيت فيه خل"!

كانت هذه مائدة الرسول فى أروع لحظات انتصاره,وهوالقائد الفاتح,لكنه الرسول النبى.تقول السيدة عائشة رضى الله عنها:لم يمتلىء جوف النبى شبعا قط,وكان لايسأل أهله طعاما ولايشتهاه,إن أطعموه أكل,وما أطعموه,وماأسقوه شرب.

وكان النبى قبل مبعثه برغم نشأته يتيما فقيرا غنى النفس,عفيف اليد واللسان,مثال النزاهة والقناعة.قالت حاضنته أم أيمن:"كان إذا قدم إليه الطعام,وتسابق إليه الأطفال رزينا عفيفا قنع بما تيسر",وكان فى طعامه زاهدا يقول:"حسب إبن آدم لقيمات يقمن أوده" كما قال:أجوع يوما وأشبع يوما,فإذا جعت صبرت وتضرعت,وإذا شبعت شكرت.

كانت تأتيه الغنائم وأموال الفتوح تملأ صحن المسجد,فيقسمها على الناس إلى آخردرهم,فإذا دخل بيته كان فراشه من جلد حشوه ليف,وكذلك وسادته. 

وقد نهى الرسول أصحابه عن الشرب فى آنية من الذهب والفضة,أوالأكل فيها,ونهى أيضا عن لبس الحرير والجلوس عليه ليعلمهم البعد عن الرفاهية والاسراف,وليؤثروا غيرهم على أنفسهم,ويشاركوا فى إسعاد الناس لتدعيم أواصر المحبة بين المسلمين,لكنه كان إذا استقبل وفدا من الوفود التى كانت تجيىء لتسلم يحرص على لبس أحسن ثيابه,ويأمر كبار أصحابه أن يفعلوا مثله,لأن ذلك يرفع من قدرهم فى عيون القادمين الذين لم يكونوا قد تخلقوا بأخلاق الإسلام,ولم يعرفوا جوهره بعد.

ولم يرض الرسول لابنته أن تمتلك سوارين من الفضة وفى المسلمين فقراء يحتاجون لثمنها,فعندما عاد من سفر,وأراد زيارة ابنته فاطمة رضى الله عنها فى بيتها رجع دون ان يدخل عليها لرؤيته سوارين من فضة فى معصمها,ولما تبينت فاطمة سبب عدوله عن زيارتها أرسلت بسواريهابلالا إلى رسول الله,وقالت:لقد تصدقت بهما,فامر الرسول بلالا أن يبيعهما ويعطى ثمنهما للفقراء,فباعهما بلال بدرهمين ونصف وتصدق بالثمن عليهم.

وتذكر النبى مرة وهو يصلى أن فى بيته تبرا(ذهب)فخفف الصلاة,وسارع إلى التبر,وفرقه على الفقراء,كرها فى أن يبيت الذهب فى بيته.

وتقول السيدة عائشة رضى الله عنها:"ماشبع رسول الله ثلاثة أيام تباعا من خبز حتى مضى لسبيله,وماترك دينارا ولادرهما,ولاشاة ولابعيرا.لقد مات صلى الله عليه وسلم وما فى بيته شىء يؤكل إلا شطر من شعير".لقد كان الرسول المثل الأعلى فى الزهد والقناعة,لأنه زهد المختار القادرالذى يؤثر على نفسه فقراء المسلمين ومصالح الإسلام.

ولم يكن الرسول فى زهده وقناعته يحرم ما أحل الله,لكنه كان يكره الاسراف والترف عملا بقول الله تعالى فى كتابه العزيز:"يابنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين",وكان يترفع عن متع الدنيا مفضلا نفع الناس وإعطاء القدوة الحسنة للمسلمين ليعرفوا أن خير الغنى غنى النفس,وخير الزاد التقوى.

ونحن نحتفل فى هذه الأيام المباركةبالمولد النبوى الشريف علينا أن نتأسى برسولنا فى سلوكه وتصرفاته,وأن نستفيد من سيرته وحياته,وأن نتخذه قدوة لنا,وألا نكتفى فقط بالاحتفال المظهرى الخاص بالتكالب على شراء الحلوى,وتبادل التهانى عبر وسائل التواصل الاجتماعى.

  • على بعد نحو 400كيلو متر جنوب القاهرة توجد قرية الشيخ عبادة بمركز ملوى محافظة المنيا يسكنها نحو 60 ألف نسمة,لكنها معروفة بأنها مسقط السيدة ماريا القبطية زوجة الرسول والتى أهداها له المقوقس حاكم مصر فى العام السابع للهجرة.هى ماريا بنت شمعون أنجبت لرسول الله ثالث أبنائه الذكور ابراهيم الذى توفى وهو طفل صغير,وتبدأ قصة زواجها بالرسول عندما أرسل الرسول كتابا إلى المقوقس حاكم مصر مع حاطب بن أبى بلتعة يدعوه فيه إلى اعتناق الاسلام,وسلم حاطب خطاب الرسول,وجاء رد المقوقس كالتالى:إلى محمد بن عبدالله من المقوقس عظيم القبط سلام عليك.أما بعد,فقد قرأت كتابك,وفهمت ماذكرت فيه وماتدعو إليه,وقد علمت أن نبيا بقى, وكنت أظن أنه سيخرج بالشام,وقد أكرمت رسولك ,وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان فى القبط عظيم وبكسوة وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك.

كانت الهدية جاريتين هما:ماريا بنت شمعون وأختها سيرين وألف مثقال ذهبا وعشرون ثوبا,وعندما وصلت الهدية إلى الرسول اختار ماريا لنفسه,ووهب أختها سيرين لشاعره حسان بن ثابت.

القرية التى ولدت بها ماريا- وهى قرية الشيخ عبادة بن الصامت- مازالت توجد بها بقايا آثار منزل السيدة ماريا ومسجد كان بإسمها.ويكشف فرج عبد العزيز مدير مكتب تنشيط السياحة بمنطقة تونا الجبل عن أن أصل المنطقة قرية تسمى بسا,وهو إله فرعونى قديم,ثم أقيمت عليها مدينة هيبنوآىتى نسبة إلى الطبيب الخاص لرمسيس الثانى حاكم مصر,وتوجد بالقرية آثار فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية.كما أنها القرية التى ولدت وتربت بها السيدة ماريا,والقرية نفسها حملت إسم" أنتينيو بوليس "أيضا بعدما أسسها الامبراطور هادريان على إسم غلامه تخليدا لذكراه.ويوجد بها أيضا بقايا معبد رمسيس الثانى وبقايا مقابر فرعونية ومسرح رومانى وبوابة النصر,وفى العصور التالية للعصور الفرعونية أطلق على القرية إسم حفن,وفى العصر الاسلامى اهتم الصحابة بهذه القرية وأعفاها معاوية من الخراج.

ووفق مصادرتاريخية كثيرة عقب وصول عمرو بن العاص إلى مصر وفتحها كان ضمن الجيش الصحابى عبادة بن الصامت,وبعد موقعة البهنسا انطلقت الجيوش بقيادة عبادة للقضاء على فلول الرومان بالصعيد,وإكمال الفتح الاسلامى,حيث وصل إلى القرية,وعلم من الأهالى أنها المنطقة التى جاءت منها زوجة الرسول ماريا القبطية فقرر البقاءهناك,وبنى مسجدا فى المكان الذى كان يوجد به منزل أسرة ماريا القبطية,وكان هذا هو أول مسجد فى ملوى,واستقر عبادة بن الصامت فى تلك المنطقة,وجعلها مقر إقامته لتسمى القرية بعد ذلك بإسمه قرية الشيخ عبادة.