ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور محمود الهواري، الباحث الشرعي بمشيخة الأزهر، والتي دار موضوعها حول «حقيقة العبودية لله تعالى».
في بداية الخطبة أشار الدكتور الهواري، إلى أن بعض الناس لا يتصورون المعنى الحقيقي للعبودية، ظانين أن انفعالاتهم القسرية هي أفعال اختيارية، يفعلونها بإرادتهم وقوتهم، مؤكدا أن الإنسان في الحقيقة منفعل بهذه القوة، ولم يخلقها في نفسه، فهي تخلق فيه بعد ضعف وعجز، وتنمو شيئا فشيئا حتى تكتمل، ثم تنقص شيئا فشيئا، دون أن يتخذ لذلك أي قرار، بل إنه لا يدري كيف يحدث ذلك، فلا هو أوجدها ابتداء، ولا هو يستطيع استبقاءها أبدا.
أكد خطيب الجامع الأزهر، أن الوظيفة التي لأجلها خلقنا الله جل جلاله، هي عبادته وحده لا شريك له، والخضوع له ولشرعه تعالى، مع الحب والرضا، فقال تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، كما أن العبودية هي المهمة التي بعث بها الأنبياء، قال تعالى «ولقد بعثنا فى كل أمةۢ رسولا أن ٱعبدوا ٱلله وٱجتنبوا ٱلطغوت»، كما كان نداء كل نبي لقومه «يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره»، وكل ما في هذا الكون هو عابد لله: قال تعالى: ﴿تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا﴾.
ولفت الدكتور الهواري إلى أن هناك عبوديات زائفة، حذرنا منها رسولنا الكريم، حينما قال: {تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش}، فعبد المال يخون الأمانة لأجل المال، ويغش في المعاملة لأجل المال، ولا يرضيه إلا المال ولتذهب المبادئ إلى الجحيم، كذلك مثله عبد الهوى والشهوة والشهرة والمنصب قال تعالى: "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا "، مؤكدا أن العبودية لله عز وجل شرف وعز، والعبودية لغيره ذل ومهانة.
أوضح الدكتور الهواري أن محاولة البعض تنحية الدين عن بعض جوانب الحياة، اعتقادا منهم أن جزءا من حياة الإنسان لا دخل لله تعالى فيه، فهي أمور تناقض العبودية، وقد نسي هؤلاء أن الدين هو الوحي، وهو إرادة الله من عباده، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى رفض بعض الوحي، كرفض آية من القرآن، أو حديث صحيح من السنة، بمعنى أنه لم يعد عند الشخص احترام أو تعظيم للنص الشرعي، فيرده برأيه كما يرد كلام الناس، مؤكدا أن النص الشرعي هو إرادة الله الشرعية من عباده، فمن آمن به وعمل فقد قام بالعبودية لله تعالى، ومن رفضه فقد خرج عن العبودية ليعبد الشيطان، أو هواه، أو آلهة أخرى.