الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفتي الجمهورية: عبادة الإنسان لا تتحقق إلا بالمشاركة في عمران الأرض.. والدعاة عليهم دور كبير في استقرار الأوطان ونهضة الأمم

مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

مفتي الجمهورية:
- مصرنا العزيزة بخير ما دام فيها الأزهر الشريف بكلياته العريقة
- للعلم مكانة عظيمة وقيمة كبيرة في منظومة القيم الإسلامية وهو أساس للدين والدنيا
- كلية الدعوة الإسلامية تقوم بأحد الواجبات الكبرى في الإسلام ووقفت على ثغرٍ من ثغور الدين
- التطورات المتسارعة بالعالم الإسلامي تُحتِّم علينا ضرورة وضع استراتيجية واضحة بميدان الدعوة والوعظ
- علينا  تحذير المجتمع من الزائفين المتاجرين بالدين والوطن والإنسانية

 


قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، تقوم بأحد الواجبات الكبرى في الإسلام، وهي الدعوة إلى الله تعالى؛ وقد وقفت على ثغرٍ من ثغور الدين ولا تحوطها كلماتُ المديح والثناء.

وأضاف المفتي خلال مشاركته في مؤتمر بعنوان "دَور العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية" الذي تستضيفه كلية الدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف، أن للعلم مكانةً عظيمةً وقيمةً كبيرةً في منظومة القيم الإسلامية، والعلماء هم ورثة الأنبياء، والعلم أساس للدين والدنيا، وهو أول حدث في حياة الإنسان؛ قال تعالى: «وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا».

وتابع: وبدون العلم لا يكون الإنسان مؤهلًا لمهمة الاستخلاف في الأرض، وبغيره لا تتحقق مصالحه، ولذلك اهتم المسلمون عبر تاريخهم بالعلم والعلماء والكِتَاب والمؤسسات التعليمية، وكان لهم السبق في ميادين علمية كثيرة أنتجتها الحضارة الإسلامية، أفادت بها البشرية جمعاء، دون تفرقة بين المسلم وغيره.

وأوضح المفتي أنه لطالما اعتبر الإسلام وغيره من الحضارات والثقافات والأديان العلمَ محورًا تُحدَّد بواسطته الأدوار المختلفة للفرد في مجتمعه؛ فمدى الكفاءة العلمية كانت ولا زالت المحك الذي تُبنى عليه الصنائع والوظائف الفنية والإدارية والتقنية في سائر المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، قائلًا: "لا نقصد بالعلم هنا مجرد المعارف المنظومة تحت سلكٍ منهجي محدد؛ بل نقصد به تلك الصفة الجامعة بين تلك المعارف مع المهارات اللازمة لتطبيقها؛ فدون هذه المهارات لا سبيل إلى تفعيل تلك المعارف".

ولفت إلى أنه إذا كان الإنسان قد خُلِق للعبادة، فتلك العبادة لا تتحقق إلا بالمشاركة في عمران الأرض وقيام كل فردٍ بدوره في ذلك العمران بمعانيه المادية والمعنوية، مشددًا: قد تحققنا من مقامِ العلم في توصيف وتحديد دور الإنسان في مجتمعه، وإذا كان الأمر كذلك؛ علمنا مكانة العلوم الشرعية في تكوين الأئمة والدعاة، ولا يماري أحدٌ في أن للأئمة والدعاة دورًا كبيرًا في استقرار الأوطان ونهضة الأمم؛ فإنهم يقومون بوظيفةٍ لا سبيل للمسلمين إلى النهضة في الدنيا والنجاة في الآخرة إلا بها؛ ذلك لأنهم ينشرون العلم الديني الصحيح، ويعملون على نشر الأخلاق التي بها صلاح المجتمع، وبهم تتم مواجهة الأفكار المغلوطة التي تُعَد من أكبر الأخطار التي نواجهها على المستوى المحلي والدولي؛ هذه الأفكار التي تُؤثر في استقرار البشرية وتؤخر التطور الإنساني وتهدم الدنيا والدين.

وأكد مفتي الجمهورية، أنه إذا كان للأئمة والدعاة هذه الأهمية والدَّور العظيم؛ فلا شك أنهم حتى يقوموا بهذا الدور ينبغي أن يتصفوا بصفة العلم التي سبق وبيَّنا أن بها تتحدد الوظائف وتتمايز الأدوار؛ وينبغي أن يكون تحصيل المعارف الشرعية اللازمة للقيام بدورهم أمرًا مستمرًّا؛ يسايره في استمراره تنميةُ مهارات الدعوة المناسبة لكل عصر، والتمكُّن من الأدوات والتقنيات المستخدمة في كل مِصر.

وأشار إلى أن التطورات المتسارعة في العالم الإسلامي والمتجلية في الاتجاه نحو الانفتاح والإنتاج وامتلاك المعرفة المتطورة تُحتِّم علينا ضرورة وضع استراتيجية واضحة وطموحة في ميدان الدعوة والوعظ؛ لتكون قاعدة لخطة متكاملة للأمة في هذا المجال. وفي هذا السياق، لا بد لنا من تحديد المؤهلات الواجبة والعلوم الشرعية اللازمة والمهارات والآليات التي ينبغي أن تكون متحصَّلة لدى المتصدرين للدعوة والوعظ، ثم صياغة ذلك في ثوبٍ تقعيدي؛ انطلاقًا للدعوة لإصدار التشريعات والقوانين التي تمنع غير المؤهلين من التصدُّر في هذا المجال الحيوي الذي به تتغير الأفكار والمعتقدات ومنه تنتج الأفعال؛ إما البنَّاءة وإما الهدَّامة، يلي ذلك الإعداد المخطط للكوادر الدعوية المطلوبة، وتهيئة تلك الكوادر للقيام بمهمات القيادة الفكرية في مختلف النشاطات الدعوية وخدمة قضايا مجتمعها وأمتها الإسلامية.

وأكمل: على سياق آخر ينبغي أن تشتمل هذه الخطة على توعية المجتمع بصفات الداعية الذي ينبغي أن يتجهوا إليه وتنبيههم على الدعاة الزائفين المتاجرين بالدين المتبنين للأفكار التي تشوه الدين والوطن والإنسانية، مؤكدًا أن العلوم الشرعية وإن كان لها الدور الأكبر في تكوين الأئمة والدعاة، فإنه لا بد للإمام والداعي من ربط هذه العلوم بالواقع وإشكالاته وتعقيداته بشكل مباشر وقوي، وألا يكون بمعزَلٍ عن ذلك الواقع؛ ولا بد من جهة أخرى أن يهتم بالمشكلات الحقيقية للأمة المسلمة ويبتعد تمامًا على المشكلات الزائفة.

واختتم المفتي كلمته قائلًا: «إن مصرنا العزيزة بخير ما دام فيها الأزهر الشريف بكلياته العريقة؛ التي يقوم كلٌّ منها بواجبٍ من واجبات الوقت، ولا أظهر في ذلك من كلية الدعوة الإسلامية منارة الوعي الصحيح ومنبع العلم الأصيل؛ فأشكر لها جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين، كما أتوجه بالشكر للأستاذ الدكتور أحمد حسين محمد إبراهيم عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر».