الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف تصرف صاحب الـ10 آلاف موال محمد طه أمام لجنة نقابة الموسيقيين؟

صدى البلد

10 آلاف موال وأغنية.. رصيد فنى ضخم تركه المطرب الشعبى العالمى محمد طه، مرتجلا معظمه تأليفا وتلحينا وغناء، ورغم تنوع محمد طه بالغناء للوطن والمواطن "العامل والفلاح والمناسبات والأعياد" فإن المصير الذى انتظر هذا الكنز من المواويل كان الإهمال والنسيان، ليس فقط من المسئولين، إنما أيضا من جانب أسرته، التى عجزت عن إحياء هذا التراث.

وتحل اليوم، الجمعة، 12 نوفمبر، ذكرى وفاة المطرب الشعبى محمد طه مصطفى ابو دوح، أحد رواد المواويل في مصر.

 

 

مولد ملك الارتجال

ملك الارتجال، براندو الموال المصري، أسطورة الغناء الشعبي، صاحب العشرة آلاف موال، كلها ألقاب أُطلقت على محمد طه، الذي ولد في 24 سبتمبر عام 1922، بطهطا محافظة سوهاج، فى بلد أبيه، ثم انتقلت الأسرة إلى سندبيس قليوبية بلد والدته، نشأ فيها وتعلم فى كتابها القراءة والكتابة، ولضيق ذات اليد لم يستطع أن يكمل تعليمه، وظهرت موهبته أثناء عمله فى مصنع للنسيج بالمحلة الكبري، وهو فى الرابعة عشرة من عمره، حيث كان يغنى للعمال فى وقت الراحة.

تبناه فنياً رئيس الزجالين مصطفى مرسى، وتعهده بالرعاية وعلمه فن الارتجال، وانتقل إلى القاهرة لاستدعاؤه للتجنيد، وبدأ فى الغناء على مسارح الفن الشعبى ومنها مقاهى حى الحسين والسيدة زينب فى المناسبات الدينية والموالد، وسمعه بالصدفة الإذاعيان الكبيران طاهر أبوزيد وإيهاب الأزهرى يغنى فى مقهى المعلم "على الأعرج" بالحسين، فاصطحباه إلى الإذاعة، حيث قاما بتسجيل عدد من مواويله، وسمع الجمهور صوته للمرة الأولى عبر أثير الإذاعة سنة 1956.

 

الغناء أمام الرئيس عبد الناصر

غنى محمد طه في الاحتفال بعيد الثورة أمام جمهور يتقدمه الزعيم جمال عبد الناصر، والمشير عبدالحكيم عامر، وكمال الدين حسين، وغيرهم من القادة، وكوّن فرقته الموسيقية الخاصة "الفرقة الذهبية للفنون الشعبية" وضم إليها شقيقه "شعبان"، كما ضمت الفرقة عازفين للناي والأرغول والكمان والعود والطبلة، وهي الفرقة التي ظلت تلازمه في كل حفلاته وأسفاره وأيضا في الأفلام التي شارك فيها، على مدار مشواره الذي امتد لما يقارب الأربعين عاما، قدم خلالها ما يقارب العشرة آلاف موال، من كلماته وألحانه، حيث ارتجل آلاف المواويل التي تغنى بها بفضل موهبته الاستثنائية، التي استحق من خلالها أن يتربع على عرش الغناء الشعبي فى مصر طوال مشواره الفني، ولقب بمطرب الـ 10 آلاف موال.

جلال معوض

استعان به الإذاعى جلال معوض لإحياء حفل أضواء المدينة فى غزة، للاحتفال بالإفراج عن يوسف العجرودى حاكم غزة، فارتجل طه موال قال فيه: «يا رايح فلسطين حوِّد على غزة، تقعد مع أهل الكمال تكسب وتتغذى، وسلم على يوسف حاكم قطاع غزة، وقل له إحنا البواسل سيوفنا فى قلب اليهود غازة».

 

شهرة براندو الموال المصري تقوده للسينما

شهرته الواسعة ساعدته في دخول السينما، واقتحمت مواويله الشاشة الكبيرة، بعد أن شارك في العديد من الأعمال السينمائية، حيث شارك فيما يقرب من 35 فيلماً، أشهرها «السفيرة عزيزة، دعاء الكروان، خلخال حبيبى، بنات بحرى، صراع فى الجبل»، وأنتج فيلما واحدا «6 بنات وعريس»، وقدم 5 مسلسلات تلفزيونية منها «أرزاق، المال والبنون»، وعشرات المسلسلات الإذاعية أهمها مسعود ووجيدة.

من أشهر مواويله "مصر جميلة، لسانك حصانك، حسن ونعيمة"، واشتهر بختام مواله بعبارة "ع الأصل دور"، وتجاوز رصيد ما سجله من المواويل 350 موالا فى الإذاعة المصرية.

 

رد صادم للجنة الإستماع في نقابة الموسيقيين

 

عندما تقدم طه، للحصول على عضوية نقابة المهن الموسيقية، رفض مسئوليها منحه عضويتها في الخمسينيات؛ لعدم وجود مؤهل دراسي.

ووقف طه بجلبابه الريفي أمام رئيس لجنة التظلمات، التي شكلتها النقابة برئاسة عازف الكمان "أنور منسي"، ليرد بشموخ على سؤال "ما الذي يثبت لنا أنك فنان؟"، بموال ارتجله مباشرة: «أنا في محكمة العدل أصل العدل للعادل، واسمع يا منسي أنا مش منسي وفي الكلام عادل، وإذ حكمتم يكون الحكم بالعادل، أنا اسمي عدل الكرام محمد أبو طه، أبو نفس عالية ما عمره في يوم وطاها»، فوافقت اللجنة على قيده في النقابة، بمجرد انتهاء الموال.

 

رأي عميد الأدب العربي في محمد طه

بعد أن غنى أمام الرئيس جمال عبد الناصر، أصبح طه يغني في كل مكان ولكل الطبقات، وقال في أحد حواراته الصحفية: «أنا بغني للطبقة تحت المتوسطة، أنا مطرب بلدي مش شعبي، أغني للريفيين المواويل اللي تسعدهم وتخليهم مستعدين لمواصلة السماع حتى لو غنيت شهر كامل».

الحظ كان حليف طه لغنائه أمام عميد الأدب العربي طه حسين، ليعجب به ويسأله عن مؤهلاته الدراسية، فيرد "طه" بأنّه لا يحمل إلا شهادة الميلاد وشهادة الخدمة العسكرية، فأجابه طه حسين: "لكنك تحمل شهادة ربانية أكبر من الليسانس في المواويل".