الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إلا رسول الله .. إنا كفيناك المستهزئين سيدنا محمد الرحمة المهداة للعالمين

إلا رسول - إنا كفيناك
إلا رسول - إنا كفيناك المستهزئين

تصدر هاشتاج إلا رسول الله ، مؤشرات البحث في جوجل وتوتير، تنديدًا بالتصريحات المسيئة للنبي محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي أصدرها زكريا بطرس، ورفضها الأزهر الشريف والكنيسة المصرية والمسلمون والمسيحيون، مؤكدين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين.

 

 

إلا رسول الله .. سيظل كل مسلم ومسلمة في هذا العالم متمسكًا بحبه لنبي الرحمة والنور؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، باعتبار ذلك واجبًا إيمانيًّا نابعًا من القلب تجاه جنابه الشريف، مهما حاول المستهزئون والجهال النَّيْلَ من مقامه الكريم وحجب نوره الوضاء الذي سيبقى منيرًا إلى يوم الدين.

 

إنا كفيناك المستهزئين

إلا رسول الله ..  فلم يذكر التاريخ أرفق ولا أحكم ولا أرحم ولا أجود ولا أكرم ولا أشجع من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد سكب الله في قلبه من العلم والحلم، وفي خُلُقه من الإيناس والبر، وفي طبعه من السهولة والرفق، وفي يده من الجود والكرم؛ ما جعله أزكى عباد الله رحمة، وأوسعهم عاطفة وأرحبهم صدرًا، وقد سُئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خُلُقه صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالت: "كان خُلُقه القرآن".


 وقد سُئل الإمام علي رضي الله عنه عن أخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال للسائل: "هل تستطيع إحصاء نعم الله التي منحها لعباده في الأرض؟" فقال: كيف لي بذلك؟ قال: "كيف تريد مني إحصاء خُلُقه صلى الله عليه وآله وسلم وقد وصفه الحق جل وعلا بقوله: «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ» (القلم: 4).


إلا رسول الله ..  وأخلاق النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكبر من أن تُحصى، ويجب علينا نحن المسلمين أن نقتدي به، ونتأسى بأخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم في تعاملنا مع الآخرين، ونتحلَّى بالحلم والعفو، والحياء، والجود والتواضع، والوقار وحسن الأدب كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

 

إنا كفيناك المستهزئين

 تُعدّ صفة الرحمة من أهمّ الصّفات التي تجلّت في شخصية النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لِما في ذلك من كسب قلوب الناس، والتفافهم حوله، ودخولهم في الإسلام، قال الله -تعالى-: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»، وذلك فضلٌ من الله أن بعث للنّاس رسولاً رحيماً بهم، ليّناً معهم، فهو أرحم بالمُسلمين من والديهم، لذلك وصفه الله -تعالى- بقوله: «حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ»؛ أي كثير الرحمة بهم، يحبّ لهم الخير ويدلّهم عليه، ويكره لهم الشرّ ويجنّبهم إياه.
 

رحمته صلى الله عليه وسلم بالحيوان

لك في فعله صلى الله عليه وسلم ورحمته بالكائنات من حولك الأسوة والقدوة، نوجز من ذكرها ما يلي:-

1- الرحمة بالكلاب والقطط 

أوصى النبي الأكرم بالحيوان ورعايته فأخبر عن إمرأة دخلت النار في قطة حبستها ودخلت أخرى الجنة في كلب، فعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض". [صحيح البخاري]

كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما كلب يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها، فسقته فغفر لها به ".

 

2- شكوى جمل الأنصاري

عن عبد الله بن جعفر رضي الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرّ إليه حديثًا لا يحدث به أحدًا من الناس ذات يوم، قال: دخل النبي حائطًا لرجل من الأنصار فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه، فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه.

3- سجود الجمل

عن أنس بن مالكٍ فيقول: كان أهل بيتٍ من الأنصار لهم جملٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ، وإنَّ الجمل اسْتُصْعِبَ عليهم فمنعهم ظَهْرَهُ، وَإِنَّ الأنصار جاءوا إلى رسول الله فقالوا: إنَّه كان لنا جملٌ نُسْنِي عليه وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ علينا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ، فقال رسول الله لأصحابه: "قُومُوا" فقاموا، فدخل الحائطَ والجمل في ناحيةٍ، فمشى النَّبيُّ نحوه، فقالت الأنصار: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ، فَقَالَ: “لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ”. فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ بَهِيمَةٌ لا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ: "لا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ…".

 

4- ضمه صلى الله عليه وسلم للجزع الباكي

بكى جزع النخلة بعد أن تركه وصعد إلى منبر صنعه له الصحابة، إذ يروى جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، «كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، يا رسول الله، ألا نجعل لك منبرًا؟ قال: إن شئتم. فجعلوا له منبرًا، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمه إليه، تئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها».

5- مواساته صلى الله عليه وسلم لطفل مات عصفوره

عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا، وكان لي أخ صغير، وكان له نغر يلعب به، فمات، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فرآه حزينًا، فقال: "ما شأن أبي عمير حزينًا؟" فقالوا: مات نغره الذي كان يلعب به -يا رسول الله-، فقال: "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ أبا عمير، ما فعل النغير؟

 

نماذج وصور رحمة النبي بالأطفال 

إلا رسول الله ..  لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصبر على بكاء طفل ولا على ألمه.. يروي أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أُمَامَة بنت زينب بنت رسول الله فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها ،ومع ذلك فهو لا يصبر على بكاء الطفلة أُمَامَة حفيدته، فيحملها حتى في أثناء الصلاة ،بل إن رحمته كانت تجعله يطيل أو يُقصِّر من صلاته بحسب ما يريح الأطفال

 

والقصة يرويها شداد بن الهاد ويقول فيها: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، وهو حامل حَسَنًا أو حسينًا، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فصلَّى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله  الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك، قال: "كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ"

 

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من لا يرحم لا يُرحم" (متفق عليه).

 

 كما أن تقبيل الصبي من مظاهر الرحمة والشفقة، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يُرحم" دليلٌ على أن الجزاء من جنس العمل، فمن حرم الأطفال من الرحمة والشفقة حرمه الله تعالى منها يوم القيامة.

ومن نماذج و صور رحمة النبي  بالأطفال صلى الله عليه وسلم  أنه كان يزور الأنصار، ويسلم على صبيانهم، ويمسح رؤوسهم (رواه النسائي ).

 

ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالصغار أنه كان يُؤتى بالصبيان فيُبرّكُ عليهم ويحنكهم (رواه مسلم).

 

ومن نماذج وصور رحمة النبي بالأطفال  أنه صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم، وهو يجود بنفسه - أي في سياق الموت - فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان وقال: "إن العين تدمع، وإن القلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" (رواه البخاري).

 

فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم حق العبودية في الصبر والرضا والتسليم لأمر الله تعالى. وأعطى ابنه حقه في الرحمة والشفقة وذرف الدمع والحزن على فراقه وهذا من أكمل صور العبودية.

 

ولما مات ابن ابنته فاضت عيناه صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟ فقال: "إنها رحمةٌ، جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" (متفق عليه).

 

ومن صور رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال أنه صلى الله عليه وسلم زار غلاماً يهودياً مريضاً كان يخدمه. فقال له: "قل لا إله إلا الله" فنظر الغلام إلى أبيه. فقال له: أطع أبا القاسم. فقالها الغلام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي أنقذه من النار" (رواه البخاري).

 

ومن ذلك أن غلاماً لأنس بن مالك رضي الله عنه اسمه عُمَيءر، كان له نُغءر - وهو الطائر الصغير - يلعب به، فمات النَّغءرُ، فحزن عليه الصبي، فذهب إليه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يزوره ليواسيه ويمازحه، فقال له: "يا أبا عُمَيرء! ما فعل النُّغَيءرُ" (متفق عليه).

 

تفسير قوله تعالى إنا كفيناك المستهزئين

 الآية: «إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» (سورة الحجر 95)، وورد في تفسيرها «إنا كفيناك المستهزئين» وكانوا خمسة نفرٍ: الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وعدي بن قيس والأسود بن المطلب والأسود بن عبد يغوث سلَّط الله سبحانه عليهم جبريل عليه السَّلام حتى قتل كلَّ واحدٍ منهم بآفةٍ وكفى نبيه عليه السَّلام شرَّهم.

 

 إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 

يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلَا تَخَفْ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيكَ مَنْ عَادَاكَ كَمَا كَفَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، وَهُمْ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَكَانَ رأسهم العاص بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعْمِ بَصَرَهُ وَاثْكِلْهُ بِوَلَدِهِ» وَالْأُسُودُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بن الطلاطلة فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، والمستهزئون يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ فَقَامَ جِبْرِيلُ وَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ فَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ

 

 فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا فَقَالَ: بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: قَدْ كُفِيتَهُ وَأَوْمَأَ إِلَى سَاقِ الْوَلِيدِ فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ نَبَّالٍ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ يماني وَهُوَ يَجُرُّ إِزَارَهُ فَتَعَلَّقَتْ شَظْيَةٌ من النبل بإزاره فمنعه الكبر أن يطأطئ رَأَسَهُ فَيَنْزِعَهَا وَجَعَلَتْ تَضْرِبُ سَاقَهُ فَخَدَشَتْهُ فَمَرِضَ مِنْهَا فَمَاتَ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ فَقَالَ جِبْرِيلُ كَيْفَ تَجِدُ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ» فَأَشَارَ جِبْرِيلُ إِلَى أَخْمَصِ رِجْلَيْهِ، وَقَالَ: قَدْ كُفِيتَهُ فَخَرَجَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ يَتَنَزَّهُ فَنَزَلَ شِعْبًا مِنْ تِلْكَ الشِّعَابِ فَوَطِئَ عَلَى شَبْرَقَةٍ فَدَخَلَتْ مِنْهَا شَوْكَةٌ فِي أَخْمَصِ رِجْلِهِ فَقَالَ: لُدِغْتُ لُدِغْتُ فَطَلَبُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا وَانْتَفَخَتْ رِجْلُهُ حَتَّى صَارَتْ مِثْلَ عُنُقِ الْبَعِيرِ، فَمَاتَ مَكَانَهُ.

 

 وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا؟ قَالَ: «عَبْدُ سُوءٍ» فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنَيْهِ، وَقَالَ: قَدْ كُفِيتَهُ، فعمي. وقال ابْنُ عَبَّاسٍ رَمَاهُ جِبْرِيلُ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ فَذَهَبَ بَصَرُهُ وَوَجِعَتْ عَيْنَاهُ فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِرَأْسِهِ الْجِدَارَ حَتَّى هَلَكَ. وَفِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ: أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ وَمَعَهُ غُلَامٌ لَهُ فَجَعَلَ يَنْطَحُ رَأْسَهُ بِالشَّجَرَةِ وَيَضْرِبُ وَجْهَهُ بِالشَّوْكِ، فَاسْتَغَاثَ بِغُلَامِهِ فَقَالَ غُلَامُهُ لَا أَرَى أَحَدًا يَصْنَعُ بِكَ شَيْئًا غَيْرَ نَفْسِكَ حَتَّى مَاتَ، وَهُوَ يَقُولُ قَتَلَنِي رَبُّ مُحَمَّدٍ. وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَنَّهُ ابْنُ خَالِي»، فَقَالَ: قَدْ كُفِيتَهُ، وَأَشَارَ إِلَى بَطْنِهِ فَاسْتَسْقَى بَطْنَهُ فَمَاتَ حينا. 

 

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْكَلْبِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ فَأَصَابَهُ السَّمُومُ فَاسْوَدَّ جلده حَتَّى عَادَ حَبَشِيًّا فَأَتَى أَهْلَهُ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ وَأَغْلَقُوا دُونَهُ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ، وَهُوَ يَقُولُ: قَتَلَنِي رَبُّ مُحَمَّدٍ، وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: «عَبْدُ سُوءٍ» فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: قَدْ كُفِيتَهُ فَامْتَخَطَ قَيْحًا فَقَتَلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ أَكَلَ حُوتًا مَالِحًا فَأَصَابَهُ الْعَطَشُ فَلَمْ يَزَلْ يَشْرَبُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى انْقَدَّ بَطْنُهُ فَمَاتَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴾ (95)، بك وبالقرآن.