الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فضل التسامح في الإسلام

فضل التسامح في الإسلام
فضل التسامح في الإسلام

فضل التسامح في الإسلام .. يُعَدُ الإسلام دين التسامح، فَقَدْ دَعَا اللهُ -تَعالى- للتسامُحِ، في آياتٍ عديدةٍ مِنَ القُرآن الكَريم، ورَّغَّبَ بِهِ رَسولُ الله، وَكَانَ تَطبيقُهُ للتسامُحِ جَليًا في سيرَتِهِ، وَحَثَّ الإِسلامُ على العفوِ عندَ المقدرةِ عَليهِا، وَجَعَلَ التسامح أَيْ عَفو الإنسان والصفحَ عمن أساءَ إليهِ، خلقٌ إسلاميٌ، نبيلٌ وعدَّ ذلكَ تساميًا عن الدنيا، وترفُعًا عنها، والدليلُ على فضل التسامح في الإسلام ،ما قالهَ تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}، وَغيرها الكَثيرُ مِنَ الآياتِ التي دَعَتْ المُسلمينَ للتسامُحِ ومن ثم نستعرض لكم  فضل التسامح في الإسلام والآيات التى طالبت بالتسامح 

فضل التسامح فى الإسلام 

ومِن صُورِ سَماحةِ الإسلام وَتسامُحِهِ، أنَّهُ جعلَ أهلُ الذّمَةِ الذين يَعيشُونَ مَعَ المُسلمينَ، يُمارسونَ دِيانَتَهُم، دُونَ التعرُضِ لهم بأيِ أذى، وَتركِهِم على دينِهِم، وَكَذلِكَ عَدم مَنعِهِ صِلَّة غَيرِ المُسلمين، ما لم يكونوا في حربٍ مَعَ المُسلمين، حيثُ قال الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.


 ومما يَدُلُ على أنَّ الإسلام دين التسامح، هو مُعاملةُ المُسلمينَ لِغيرِهِم، ممن لا يَدينونَ بالإسلامِ بكل إحسان، فكانوا يُحسِنونَ إليهم وَيعدِلونَ في أحكامِهم تِجَاهَهُم، كما ويبيح الإسلام طعام.

 

وذبائِحِ أهلِ الكتاب للمسلمين، كما ويأمر بِحسنِ جدالِهم والرِّفقَ في التعامُلِ مَعَهُم وَدعوَتِهم للإسلامِ، ومن عظيمِ صُورِ السماحةِ في الإسلامِ، هو أمرُ اللهِ لنبيهِ، أَنْ يَنشُرَ الدين الإسلاميَّ ويُبلِغَ النّاسَ بدعوةِ الله، من غير أنْ يحملَ النّاس على ذَلِكَ بالقوةِ، حيثُ قال الله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}.
 

وظهرَ التسامحُ جليًا عِندَ رَسولِ الله لمّا عفا عن أَهلِ مَكةَ يومَ الفتحِ، مع أنّهُ تعرضَ للإيذاءِ منهم. وأجازَ الإسلامُ ردَّ الإساءةِ بمثلها، ولكن جعلَ الأمثلَ والأفضَلَ هو العفو والإحسانَ للمُسيئ، حيثُ قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}، فبينَ الله المنهج وهو أنَّ السيئة تُردُ بسيئةٍ مثلها، ثم بينَ الأمثلَ في ذلك، وهو العفو، وكَما أَمَرَ الله رسوله أَنْ يُحسنَ في مُعاملَتِهِ للنّاسِ، وَيتواضَعَ لَهُم.

فوائد التسامح في المجتمع 

إنّ للمسامحة آثار حسنة كثيرة في المجتمع، ومن ذلك:

 الحدُّ من انتشار الفساد والشّرّ بين المسلمين، لأنَّ الذي يخطئ ويتمُّ العفو عنه يحاول جاهدًا ألَّا يقع في ذات الخطأ، حتى يحافظَ على العفو الذي تَكرَّم به صاحب العفو عليه. لمّ شمل الأمة، وتوحيد كلمة المسلمين على أعدائهم ومن أراد بهم سوءًًا. 

إزالة الأحقاد والضّغائن والكراهية من صدور الذين يتسامحون مع غيرهم. 

نشر المودة والتآخي بين الناس، فإنَّ الإساءة إذا قوبلت بإساءة مثلها فإنّ ذلك يكون سببًًا في بقاء الحقد والغلّ بين النّفوس، أمّا إذا قوبلت ذات الإساءة بالإحسان والعفو؛ فإنّ ذلك يهدّئ النّفس ويُطفئ غضبها . 

نشر المحبّة التي من شأنها الجمع بين النّاس لا التّفرقة. التّسبب في أن تعمّ البركة وتنتشر بين المسلمين.


الآيات الواردة في فضل التسامح 

 

 (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). الفضل المستفاد من الآية: جعَلَ الله العفو والصّفح من صفات المتّقين، وحثَّ عباده على أن يحدُّوا من غضبهم ويعفوا عمَّن أساء إليهم لنيل رضاه تعالى. 

(ولَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ). الفضل المستفاد من الآية: يجب على المسلم أن يعفو عمَّن أساء إليه، وأنّ هذا العفو يكون سببًا في عفو الله عن العبد. 

(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ). الفضل المستفاد من الآية: من حقِّ المسلم أن يردَّ السّيئة بمثلها، ولكنَّ الذي يعفوا عن السّيّئة له أجرٌ كبيرٌ من الله عزَّ وجلَّ.

 (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). الفضل المستفاد من الآية: جعل اللهُ الغفران من عزائم الأمور أي من عظيمها التي ينبغي على العاقل أن يجعلها واجبةً على نفسه. 

الأحاديث الواردة في فضل التسامح في الإسلام 

 

كيف تعامل النّبيّ مع الأعرابيِّ الذي أساء له؟ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (ما نَقَصَت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع عبدٌ إلا رفعه اللهُ). الفضل المستفاد من الحديث: إذا ظُلِمَ الإنسان وعفا عن ظالمِهِ وهو قادرٌ على أن يردّ الظّلم بمثله زاده الله عزًّا، بخلاف ما يظنُّ البعضُ بأنَّ العفو يورث المهانة. 

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه سأل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (إنَّ خادمي يُسيءُ ويظلمُ أفأضربُهُ؟ قالَ: تعفو عنهُ كلَّ يومٍ سبعينَ مرَّةً). الفضل المستفاد من الحديث: ينبغي على الإنسان المسلم أن يجعل العفو منهجًا في حياته كلّها، وأن يعفو عن الإساءة حتى لو وصل عدد مرات العفو إلى سبعين مرة. 

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كَأَنِّي أنْظُرُ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنْبِياءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فأدْمَوْهُ، فَهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجْهِهِ، ويقولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ). الفضل المستفاد من الحديث: العفو من صفات الأنبياء والرّسل عليهم السّلام، وعلى المسلم أن يتحلّى بأخلاقهم فيعفو عمّن أساء إليه ويتجاوز عن زلّته. 

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كُنْتُ أمْشِي مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعليه بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ برِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، قالَ أنَسٌ: فَنَظَرْتُ إلى صَفْحَةِ عَاتِقِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ أثَّرَتْ بهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِن شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ مُرْ لي مِن مَالِ اللَّهِ الذي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أمَرَ له بعَطَاءٍ). الفضل المستفاد من الحديث: الصبر والعفو من أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- ويجب على المسلم أن يقتدي بالنبيِّ ويتحلّى بأخلاقه صلّى الله عليه وسلّم. 

عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه سمع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول في العبيد: (إنْ أحسَنوا فاقبَلوا، وإنْ أساؤوا فاعفُوا). الفضل المستفاد من الحديث: يجب على المسلم أن يعفو عمَّن أساء إليه حتّى وهو يقدر أن يأخذ الحقِّ منه كالعبد المملوك، وهذا دليلٌ على حسن معاملة العبيد في الإسلام. 

عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: (من ترك القصاص وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو فأجره على الله). الفضل المستفاد من الحديث: يستفاد من هذا الحديث أنّ العفو عن المسيء يندرج تحت الأعمال الصّالحة التي يثيب الله -عزّ وجلّ- فاعلها بالخير. 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنّه قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ارْحموا تُرحَموا واغفروا يُغفرْ لكم). الفضل المستفاد من الحديث: يستفاد من هذا الحديث أنّ رحمة العباد تكون سببًا في رحمة الله عزّ وجلّ، وأنّ غفرانهم بين بعضهم يكون سببًا في أنّ الله سبحانه يغفر لهم. 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تَعافوا الحُدودَ فيما بَينَكم، فما بَلَغَني مِن حَدٍّ فقد وَجَبَ). الفضل المستفاد من الحديث: العفو بين الناس يكون قبل بلوغ الأمر إلى السلطان أو إلى القاضي، فإذا وصل الأمر إليه لا بدَّ من أخذ القصاص، فليس هناك شفاعة.