الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كُتب بالدم ولُحّن في مصر.. قصة أعظم نشيد وطني للجزائر وسر مطالبة فرنسا بتغييره

النشيد الوطني الجزائري
النشيد الوطني الجزائري

«قسما بالنازلات الماحقات .. والدماء الزاكيات الطاهرات .. والبنود اللامعات الخافقات .. في الجبال الشامخات الشاهقات .. نحن ثرنا فحياة أو ممات  وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر .. فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا».

كلماتٌ كُتبت بدم صاحبها، وتهادت بين أنامل ذهبية على عود مصري أصيل للفنان محمد فوزي، فخرجت معزوفة ثويرة وطنية من أجمل ما اُنشد في الثورات العربية ضد المستعمرين، ومن أعذب ما قيل في حب الوطن والدفاع عنه.. النشيد الوطني الجزائري.

ما قصة النشيد الوطني الجزائري 

عندما وُصف النشيد الوطني الجزائري بأنه كُتب بدم صاحبه، لم تكن مبالغة بل هي الحقيقة التي تواترت عبر ناقليها من السجون الاستعمارية عن كاتب الكلمات الثورية الشاعر الجزائري « مفدي زكريا » الذي وُضع في سجن "بربروس" في العاصمة الجزائرية، عام 1955 لكنه لم يكف وأصحابه عن النضال ضد المستعمر الفرنسي.

وفي خضم المعاناة التي يعاني منها المعتقلون في سجون المستعمرات، طالب أصدقاء مفدي أن يكتب نشيدًا للثور الجزائرية ويحث الشعب الثائر على مواصلة مقاومته للستعمار الفرنسي في حينها.

نشيد مكتوب بالدم

ولم يجد الشاعر مفدي زكريا قلمًا يدون به كلماته التي عبرت عن مشاعره الوطنية، فلجأ إلى حيلة فدائية بالكتابة على الحائط.

كتب الشاعر الجزائري الكلمات مستخدمًا دمًا أساله من يده اليسرى ليكتب باليمنى أبياته الخالدة « قسمًا بالنازلات الماحقات ».

ألحان مصرية خلّدت نشيد الجزائر 

الموسيقار العبقري محمد فوزي، هو من نال شرف تلحين كلمات مفدي زكريا لتصبح بعد ذلك نشيدًا وطنيًا يشدو به الجزائريين.

وسبق محمد فوزي في تلحين تلك الكلمات محاولتين، حيث سُجل النشيد الجزائري للمرة الأولى في عام 1957 في ستوديوهات الإذاعة التونسية لكنه لم يعجب أصحاب القضية الجزائرية، وتقرر تغييره.

تم اسناد المهمة لملحن النشيد الوطني التونسي محمد تريكي وأدته مجموعة صوتية جزائرية في تونس، لكنه أيضًا لم يرُق للجزائريين.

وفي الأخير هُربت الكلمات إلى الملحن المصري محمد فوزي الذي أتمّ المهمة وأخرج اللحن الحالي وتم تمريره سريًا إلى الجزائريين مرة أخرى، ليقنعوا به ويصير النشيد الوطني للبلاد حتى الآن. 

لماذا أغضب فرنسا ؟

« يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كــما يطوى الكـتاب .. يا فرنسا إن ذا يوم الـحساب فاستعدي وخذي منــا الجواب ».

عندما رُددت تلك الكلمات لتصير ضمن المعزوفة الرسمية للجزائريين غضبت فرنسا وطالبت بحذفه خلال المفاوضات بين الحكومة الجزائرية المؤقتة وفرنسا، لكن الجزائر رفضت ذلك.

وتم حذفه بالفعل خلال الثمانينات في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، لكنه أُعيد عام 1995 في عهد الرئيس إاليامين زورال ومازال يتردد حتى عامنا هذا.