الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اليوم العالمي لـ ختان الإناث ..بدور فضحت المسكوت عنه بحق بنات مصر

جريمة ختان الإناث
جريمة ختان الإناث

يحتفل العالم غدا 6 فبراير بـ اليوم العالمي لـ ختان الإناث، وذلك بهدف وقف هذه العادة الخاطئة التي تؤثر على صحة النفسية والجسدية للفتيات وتعتبر من أبشع الجرائم التي ترتكب في بعض البلدان.

وجددت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث برئاسة مشتركة بين المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة، وبعضوية ممثلين من كافة الوزارات المعنية والجهات القضائية المختصة والأزهر الشريف والكنائس المصرية الثلاثة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، بالإضافة إلى التعاون مع شركاء التنمية تعهدها والتزامها بالعمل على القضاء على هذه الجريمة غير الإنسانية بحق بنات مصر.

وفاة الطفلة بدور كسرت حاجز الصمت

وترجع بداية مناهضة الختان لذكرى أليمة على قلوبنا جميعاً وهي وفاة الطفلة "بدور أحمد شاكر" ضحية جريمة ختان الإناث يوم 14 يونيو 2007، وكانت وقتها تلميذة في الصف السادس الابتدائي، إلا أن جرعة بنج زائدة جعلت الطفلة تدخل في غيبوبة، وتوفيت بعد قليل من خضوعها لعملية الختان.

وساهمت هذه الواقعة في كسر حاجز الصمت ضد هذه الجريمة وكانت بمثابة صحوة مجتمعية كبيرة لكافة فئات المجتمع والتي أعلنت رفضها لجريمة تنتهك الحقوق الأصيلة للطفلة وكرامتها الإنسانية، كما ساعد أيضا على ظهور خطاب ديني إسلامي ومسيحي صحيح ضد ممارسة ختان الإناث.

وشهد العام 2016 واقعتين توفيت خلالهما الطفلة سهير الباتع، في مركز أجا بمحافظة الدقلهية، وميار محمد موسى، في منطقة فيصل بالسويس، بعد إجراء عمليات ختان لهما داخل مستشفيات خاصة، إلا أن الأطباء في الحالتين حاولوا الخروج من القضية، بأنهم لم يجروا عملية ختان، وإنما أزالوا زوائد جلدية لانبعاث روائح كريهة فقط من تلك المنطقة.

وتداولت المحكمة قضيتي وفاة الطفلتين نتيجة خضوعهما لعمليات تشويه أعضائهما التناسلية، حتى صدر حكم في واقعة ختان الطفلة سهير الباتع، ففي بادئ الأمر قضت المحكمة بالبراءة، ولاحقا بالحبس 3 شهور للطبيب، أما في قضية الطفلة ميار موسى، فقد صدر حكم بحق الطبيب بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ.

ويتم 80 % من جرائم تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى بيد أطباء وهذه الجريمة طالما تسببت في أضرار نفسية وجسدية بالغة للإناث فضلا عن مصرع العديد منهن، في حين أن هذه الجريمة لا علاقة لها بالطب ولا يوجد مصطلح طبي بهذا المعنى نهائيا وإنما ما يحدث تحت ستار المبررات الطبية هو خداع وتحايل.

ويعد ختان الإناث أحد أسوأ الجرائم التي تؤثر على المرأة نفسياً وجسدياً، والقضاء على العنف ضد المرأة هو أحد أهم الالتزامات الدستورية والحكومية للحكومة المصرية.

تعديلات دستورية للقضاء على الختان

أنشئت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في شهر مايو 2019، حيث تم الإعلان عن تشكيلها خلال اجتماع الدكتورة مايا مرسي مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى في 21 مايو 2019.

وتضم اللجنة في عضويتها ممثلين من كافة الوزارات المعنية والجهات القضائية المختصة والأزهر الشريف والكنائس المصرية الثلاثة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، بالإضافة إلى التعاون مع شركاء التنمية.

كما تعد اللجنة الوطنية جزءا لا يتجزأ من جهود الدولة المصرية لحماية حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة والطفلة الأنثى بشكل خاص.

ونص الدستور المصري في مادتيه رقما (80)، و(١١) على حق حماية الطفل والمرأة، ولدى مصر إطار تشريعي قوي لتجريم هذه الممارسة الضارة، حيث تم إقرار 3 تعديلات تشريعية لقانون يجرم ختان الإناث، كان آخرها عام 2021 وتضمن حذف أي إشارة إلى استخدام المبررات الطبية وإدخال عقوبات مستقلة على القطاع الطبي حال ارتكاب هذه الجريمة، وعقوبات أخرى على المنشأة التي ارتكبت فيها الجريمة، وكذلك استحداث عقوبات لتجريم كل من روج أو دعا أو شجع أو حرض على ارتكابها.

وتمتلك مصر إطارًا استراتيجيًا قويا، فقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقضاء على ختان الإناث في العام 2016 والاستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة، وحاليا الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 وحماية المرأة من جميع أشكال العنف مع تدخل محدد بشأن ختان الإناث.

كما أن مصر لديها عدة آليات للقضاء على هذه الجريمة والتي تتضمن المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة و لجان حماية الطفل وخط نجدة الطفل 16000 وخط مكتب شكاوى المرأة 15115، ذلك إلى جانب التوعية والقوانين.

التخطيط والتنفيذ للقضاء على الجريمة

وتم التنسيق والتعاون المستمر بين الجهات والوزارات المعنية المتعددة في عملية التخطيط والتنفيذ للقضاء على هذه الجريمة، كما أن  مصر قامت بإضفاء الطابع المؤسسي على عملها بشأن القضاء على ختان الإناث، حيث أنشئت ولأول مرة لجنة وطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر ضمت في عضويتها المعنيين سواء الحكوميين وغير الحكوميين بالإضافة إلى السلطات التنفيذية والقضائية وجهات إنفاذ القانون و المؤسسات الدينية الهامة.

وشهدت اللجنة تنسيقًا ملحوظًا وجهودا حثيثة من جميع الأعضاء جنبًا إلى جنب مع شركاء التنمية الدوليين. حيث تمكنت اللجنة من خلال اتصالاتها المستمرة على مدار الساعة ، ومن خلال خطوط المساعدة ووزارة الداخلية والنيابة العامة، من بدء ومتابعة التدخلات الفورية لمساعدة الضحايا المحتملين لهذه الممارسة وضمان تحقيق العدالة ضد كل من ارتكب  هذه الجريمة ضدهن.

كما وحدت اللجنة جهود التوعية حول جريمة ختان الإناث، الأمر الذي أدى بالتأكيد إلى تسريع تأثيرها تحت مظلة حملة #احميها_من_الختان، وجميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية عملت على رفع مستوى الوعي من خلال القوافل الطبية، وحملات التوعية الإعلامية، وبناء القدرات، وإنتاج مقاطع فيديو وأفلام حول هذه الجريمة.

كما تم رفع مستوى الوعي على الأرض من خلال حملة طرق الأبواب للمجلس القومي للمرأة والتي أصبحت أداة توعية مؤسسية، وتُبذل جهود مكثفة للقضاء على ختان الإناث في شهر يونيو من كل عام المسمى بشهر بدور، بالإضافة إلى حملة الـ 16 يوما من الأنشطة المناهضة للعنف ضد المرأة.

والقطاع الطبي له دور هام في القضاء على هذه الجريمة، حيث يلعب الأطباء والممرضات والممارسون دورًا كبيرًا، وقد أصدرت مصر بيان ضد ما يسمى تطبيب ختان الإناث فلا يجب على العاملين بالقطاع الطبي منع هذه الممارسة فحسب، بل يجب عليهم أيضًا أن يلعبوا دورًا كبيرًا في زيادة الوعي بالآثار الطبية لهذه الممارسة.

حشد الرأى العام ضد جريمة الختان

وقالت الكاتبة فريدة النقاش، إننا نحتاج احتشاد الرأي العام كله ويقتنعوا بأن "هذه جريمة في حق النساء".

وأضافت النقاش في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه لا يزال هناك قطاع لا يستهان به من المصريين يعتقدون أن هذا العمل فى مصلحة المرأة ولصيانة عفافها.

وأشارت أن هذه القضية لها جانبان جانب قانوني إجرائي وجانب يخص وعي المصريين، فهى عملية صراعية طويلة المدى ولن تنتهى بسهولة.

وأكدت أن الثقافة حول عفت المرأة متجذرة منذ آلاف السنين والنساء يحملن هذه الثقافة ربما أكثر من المجتمع كله ولتتغير هذه الثقافة يحتاج مجهودا كبيرا في الوعي والتعليم وإبراز حقوق المرأة والدفاع عنها.

ونوهت أن تغليظ عقوبة ختان الإناث ومعاقبة من يطالب به سوف يحد إلى حد ما ولكن ليس نهائيًا واللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث دورها صعب لأن هذه الثقافة متغلغلة في المجتمع.

وقالت المحامية رباب عبده، إن مصر شهدت في الفترة الأخيرة اهتماما كبيرا بالطفل المصري، مشيرة: "هناك بعض الاستحقاقات حصل عليها الطفل المصري منها عقوبة الإهمال من أحد والديه الذى ينتج عنه عاهة، وكانت العقوبة 6 أشهر حبس مع إيقاف التنفيذ، وإذا كان العنف يسبب الموت كانت العقوبة تسقط مراعاة لمشاعر الأب والأم".

وأشارت "عبده" في تصريحات لـ"صدى البلد"، إلى أنه تم تغليظ عقوبة العنف ضد الطفل والذي يصل إلى عاهة مستديمة لتصبح السجن من 3 إلى 5 سنوات.

الإرادة السياسية تساند حقوق الطفل

وتابعت أن الإرادة السياسية تساند حقوق الطفل، كما أن هناك تشريع عن الزواج المبكر للأطفال، فأي أب أو أم يقدم على هذه الخطوة يعرض نفسه للعقوبة القانونية والحبس واستحدث القانون أن "أي شخص يبلغ خط نجدة الطفل يتم التحرك في الحال".

وأكملت: "جريمة الختان التي ترتكب في حق بناتنا في السابق لم يكن هناك عقاب للوالدين الذين يقومون بهذه الجريمة، أما الآن تم تغليظ العقوبة وأصبح هناك عقاب بالحبس والسجن المشدد".

وأوضحت "عبده"، أن ختان الإناث جريمة من أبشع الجرائم التي تمارس وترتكب في حق فتياتنا والأصل فيها هو البحث الدائم من قبل الأهل عن عفة وطهارة البنت كأن الله عز وجل أنزلها في هذه الحياة وهي ناقصة العفة والطهارة فالأصل أن العفة والطهارة تبدأ من التربية والأفكار والبيئة التي نشأت فيها الفتاة.

ولفتت إلى مخاطر الختان المستقبلية، حيث أثبتت الدراسات أن للختان مخاطر جسدية في المستقبل أثناء العلاقة الزوجية مما يساعد على زيادة معدلات حالات الطلاق بجانب أيضاً الألم النفسي الذي يلحق بالفتاة طيلة عمرها، "الآلام النفسية أقوى من الآلام العضوية أو الجسدية".

ونوهت لضرورة العمل دائماً على توعية الأباء بمخاطر هذه الجريمة التي ترتكب في حق جسد فتياتهم عن طريق تصويب وتصحيح المورثات الثقافية والاجتماعية المغلوطة التي ترسخت داخل عقولهم وأيضاً وجب العمل على تصحيح الأفكار الدينية المغلوطة لهذه العادة فالدين برئ منها تماماً .

وأكدت أن الإرادة السياسية بفضل فكرها الواعي ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي بأوجاع المرأة والفتاة المصرية، أصدر التعديل الأخير والخاص بجريمة ختان الإناث وخاصة التعديلات في المادة (242) مكرر و(242 أ) عندما وصل العقاب إلى 10 سنوات سجن مشدد في حالة حدوث عاهة مستديمة وتصل أيضاً العقوبة إلى 20 سنة سجنا مشددا حال حدوث وفاة للضحية ومن الجديد أيضا في هذه المادة المعدلة هو أنه يعاقب بالحبس كل من طلب الختان أو تم الختان بناءً على طلبه أو كل من روج أو شجع حتى لارتكاب هذه الجريمة.