الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صيام شهر رمضان وقيامه .. أسرار وحكم لا يعرفها الكثيرون

صيام شهر رمضان وقيامه 
صيام شهر رمضان وقيامه 

صيام شهر رمضان وقيامه .. رغم أن كثير من المسلمين اعتاد صيام شهر رمضان وقيامه، إلا أن هناك أمور يجهلونها فيما يتعلق بالحكمة من صيامه وهل المشقة فيه من الأمور التي تجعله مقبولاً؟، وحكم من تجاهل رخصة الإفطار فعرض نفسه للهلاك.

صيام رمضان

صيام شهر رمضان وقيامه 

فضل الله تبارك وتعالى شهر رمضان على سائر السَّنَة بنزول القرآن الكريم فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" [البقرة: 185]، وميز الله تعالى هذا الشهر الكريم بأن أمر بصيام نهاره؛ فقال: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة: 185].

والصيام من العبادات التي لها أثرٌ عظيمٌ في حياة الفرد والمجتمع؛ فهو يعود الإنسان على الصبر وتحمل المشاق ويرقق المشاعر والأحاسيس، ويربط العبد بربه وخالقه، وفي الصوم خضوعٌ وطاعةٌ وحرمانٌ من ملذات الحياة وشهواتها طيلة النهار إيمانًا واحتسابًا لله، وهو انتصارٌ على النفس والهوى والشيطان، ورمضان هو شهر المغفرة والعتق من النار، ويكفيه فضلًا أن الله سجّل فضله في القرآن الكريم، ليظل يُتلى على مَرِّ الأيام وكَرِّ الأعوام إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها؛ فهو الشهر الوحيد الذي ذُكر باسمه في القرآن الكريم.

كما أن الصوم وسيلة للتحلي بتقوى الله عز وجل؛ لأن النفس إذا امتنعت عن بعض المباحات الضرورية كالطعام والشراب؛ طمعًا في مرضاة الله، وخوفًا من غضبه وعقابه؛ يسهل حينئذ عليها الامتناع عن الْمُحَرَّمات، والتحلي بتقوى الله تعالى.
والصوم وسيلة للتحلي بالإخلاص؛ لأن الصائم يعلم أنه لا يطَّلع أحد غير الله تعالى على حقيقة صومه، وأنه إذا شاء أن يترك الصوم دون أن يشعر به أحد لفعل، فلا يمنعه عن الفِطْر إلا اطِّلاعُ الله تعالى عليه، ولا يحثه على الصوم إلا رضاء الله، والنَّفْسُ إذا تعايشت مع هذه الرؤية صارت متحلية بالإخلاص.

وهو أيضا وسيلة للشكر؛ لأَنَّه بالامتناع في وقت الصوم عمَّا أنعم الله به على الإنسان من الطعام والشراب وسائر الشهوات المباحة يتبيَّن للإنسان مقدار تلك النِّعَم وحاجة الإنسان إليها، ومدى المشقة التي تلحق المحروم من تلك النِّعَم، فتتوق نفسه إلى شكر ذلك الْمُنْعِم العظيم الغنيِّ الذي وهب ومنح دون مُقَابل أو حاجةٍ لِمُقَابل.

 

صيام شهر رمضان وقيامه 

وفي الصوم من تَخَلُّق النفس بالصبر على الجوع والعطش والشهوة، والحد من نَهْمَتِهَا وانطلاقها الغاشم في الملذَّات، فالنفس المنطلقة في الشهوات اللاهثة وراء الملذات ما أسهل أن تستجيب للشيطان حين يُزَيِّن لها المهالك والموبقات؛ لذا كانت النفس في حاجة إلى الضبط والتنظيم في تنعُّمها بنعم الله تعالى.

وقد نسب الله تعالى الصيام إليه، وتولى جزاء الصائمين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».

ومن أسرار الصوم وحكمه أنه فيه صحة للبدن من الأمراض والأسقام؛ فبالصيام يطهر البدن من الفضلات والسموم التي نتجت عن أنواع الطعام الذي يُدخله المرءُ إلى جوفه طيلة العام، ومع الجوع يبدأ الجسم باستهلاك المخزون الجسدي، وطرد ما فيه من السموم والفضلات؛ فمع قلة الطعام الناتج عن صيام النهار ينتظم التنفس، ويقل العبء الملقى على القلب، ويتهيأ للجهاز الهضمي أن يجدد أنسجته التالفة، كما أن قلة الفضلات تسمح بإراحة الكلى وتجدد نشاطها، إلى غير ذلك من الفوائد الصحية العظيمة.

صوم رمضان

صيام شهر رمضان وقيامه 

يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء والمفتي السابق، إن الله اختار شهر رمضان من دون الشهور لنزول القرآن فيه، وربط الله وهو عليم بكونه وأسراره بين القرآن والليل، فقال تعالى (إِنَّا أَنـزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ).

وأشار إلى أن ليلة القدر هي خير من ألف شهر، منوها بأن الليل فيه عبادة قد يغفل عنها الكثير، وهي قوله تعالى "قُمِ اللَّيلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصفَهُ أَوِ انقُص مِنهُ قَلِيلاً * أَو زِد عَلَيهِ وَرَتِّلِ القُرآنَ تَرتِيلاً" في الصلاة في الليل وقيامه ومنها الاعتكاف والتهجد.

وأكد أنه لابد من الاهتمام بالليل والعبادة فيها، لفضلها ومكانتها في هذا التوقيت وخاصة في شهر رمضان، منوها أن شهر رمضان فيها ليل ونهار، فالنهار فيه الصيام والليل فيه القيام.

ويمضي الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى وضع روشتة للعبادة خلال شهر رمضان بعدة أمور منها: 

1- تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة.

2- التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام وغير ذلك من العبادات والطاعات.

3- القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، وهي تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية.

4- ألا ننسى أن نذكر بأهم ما يعين على ذلك كله ألا وهو ذكر الله عز وجل، وقد ورد الحث على الذكر في كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  نصيحة عامة: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». [رواه أحمد].

5- بذكر الله يعان المؤمن على كل ما أراد أن يقبل به على ربه عز وجل.

نفحات رمضان

لماذا سمي باب الريان بهذا الاسم ؟

ورد عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ " (متفق عليه) .

والريّان: هو صيغة مبالغة من الري وهو نقيض العطش، أي أنه قد كرم الله الصائمين بتخصيص باب من أبواب الجنة لهم، لا يزاحمهم فيه غيرهم، باب يسمى باب الريان، ومن دخله لا يظمأ أبدًا جزاء ظمئه بالصيام، لا يدخل من هذا الباب إلا الصائمون. 

وتنادي الملائكة يوم القيامة: أين الصائمون؟ هلموا إلى مكانتكم وشرفكم وعزكم وجنتكم، فيدخلون، حتى إذا انتهى آخرهم أغلق الباب بعدهم، منوهًا بأن قوله (إن في الجنة بابًا يقال له: الريان) قال: "في الجنة" ولم يقل للجنة ليشعر أن الباب نفسه في داخل الجنة، ففيه من الراحة والنعيم ما في الجنة. قاله الزين بن المنير. 

يقول العيني: وإنما لم يقل "للجنة" ليشعر بأن باب الريان غير الأبواب الثمانية التي للجنة. اهـ وفيه نظر، فقد جاء الحديث من وجه آخر "إن للجنة ثمانية أبواب. منها باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون"، مشيرًا إلى أن "الريان" من الري، وهو مناسب لحال الصائمين، قال القرطبي: واكتفى بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه، من حيث إنه يستلزمه، قال الحافظ ابن حجر: أو لكونه أشق على الصائم من الجوع. 

و(يدخل منه الصائمون يوم القيامة) شمول الصائمين، ولو قال ابتداء "لا يدخل منه إلا الصائمون" لأفاد قصره على الصائمين، لكن قد لا يشملهم، منبهًا إلى أنه مما يستفاد من الحديث : فضل الصوم، وعلو منزلة الصائمين، وأن الجزاء من جنس العمل .

كما ذكر الإمام ابن حجر العسلاقى فى كتابه فتح البارى لشرح صحيح البخارى، إن قول النبى‏:‏ « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا»، قال الزين بن المنير فيه‏:‏ إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة في الجنة فيكون أبلغ في التشوق إليه، مشيراً إلى أن قول الرسول: « يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ» أى أن الله تعالى خصص بابا فى الجنة يدخل منه الصائمون فقط جزاءً لهم على صيامهم وترك شهواتهم من أجل عبادة الله، وفيه إشعاراً بمزيد فى فضل الصائمين على غيرهم.
وأوضح ابن حجر فى شرحه للحديث، أن قوله –صلى الله عليه وسلم-‏:‏ « يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ»، أى أنه سيُنادى على الصائمين يوم القيامة لدخول الجنة من هذا الباب المخصص لهم فإذا دخل آخر الصائمين أغلق باب الريان ولن يدخل منه أحد بعدهم، مضيفاً أنه قد تكرر نفى دخول غيرهم منه تأكيدا على عدم دخول أحد منه غير الصائمين، وقوله «فَلَمْ يَدْخُلْ» معطوف على «أُغْلِقَ» أي لم يدخل منه غير من دخل‏.‏

فضل الصيام في رمضان

خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: 

أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».
ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
 سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».


الأعذار المبيحة للفطر

وحددت دار الإفتاء المصرية، الأعذار المبيحة للفطر، مؤكدة أنه يُبَاح الفطر لِمَن وجب عليه الصوم إذا تحقق فيه أمر من الأمور الآتية:

1) «العجز عن الصيام» لكبر سِن، أو مرض مُزْمن لا يُمكن معه الصيام، وحكمه إخراج فدية عن كل يوم وقدرها مُدّ من طعام لِمِسْكِين؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖ} [البقرة: 184]، ومِقْدَار المد (وهو مكيال) يساوي بالوزن 510 جرامات من القمح، عند جمهور الفقهاء.

2) ومن الأعذار المبيحة للفطر «المشقة الزائدة غير المعتادة» كأن يشق عليه الصوم لِمَرض يرجى شِفَاؤه، أو كان في غزو وجهاد، أو أصابه جوع أو عطش شديد وخاف على نفسه الضرر، أو كان مُنْتَظِمًا في عمل هو مصدر نفقته ولا يمكنه تأجيله ولا يمكنه أداؤه مع الصوم، وحكمه جواز الفطر ووجوب القضاء.

3) ومن الأعذار المبيحة للفطر  «السفر» إذا كان السَّفر مُبَاحًا، ومسافة السفر الذي يجوز معه الفطر: أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، قدَّرها العلماء بِالأَمْيَالِ، وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلا، وبالفراسخ: سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَتُقَدَّرُ بِسَيْرِ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ، وهي تساوي الآن نحو: ثلاثة وثمانين كيلو مترا، فأكثر، سواء كان معه مَشَقَّة أم لا، والواجب عليه حينئذ قضاء الأيام التي أفطرها؛ لقوله عز وجل: «فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ» (البقرة: 184).

4) ومن الأعذار المبيحة للفطر «الحَمْل» فإذا خافت الحامل من الصَّوم على نفسها جاز لها الفِطْر ووجب عليها القضاء؛ لكونها في معنى المريض؛ أمَّا إذا كانت تخاف على الجنين دون نفسها، أو عليهما معا فإنها تفطر، ويجب عليها القضاء والفدية، وعند الحنفية أنه لا يجب عليها إلا القضاء.

5) ومن الأعذار المبيحة للفطر «الرضاعة» وهي مثل الحمل، وتأخذ نفس الحُكْم.

6) «إنقاذ محترم وهو ما له حُرْمَة في الشَّرع كمُشْرِفٍ على الهلاك» فإنه إذا توقَّف إنقاذ هذه النَّفْس أو جزء منه على إفطار الْمُنْقِذ جاز له الفطر دَفْعًا لأشد المفسدتين وأكبر الضررين، بل قد يكون واجبًا كما إذا تعيَّن عليه إنقاذُ نفسِ إنسانٍ لا مُنقذ له غيرُه، ويجب عليه القضاء بعد ذلك.