الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيزيس.. عنفوان الحياة

صدى البلد

إيزيس محبة أبيها الفاتنة والخائنة الجميلة والمذنبة الملهمة والساحرة كليوباترا ملكة فرعونية من أجمل وأقوى ملكات مصر القديمة على مر العصور  آخر ملوك الأسرة المقدونية التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر .  ولدت عام ٦٩ قبل الميلاد كانت  ابنة الملك بطليموس الثانى عشر وأخاها بطليموس الثالث عشر .

الوحيدة التى سحرت أذهان الكثير من الكتاب والفنانين  بجمالها وجاذبيتها وهنا لا اتحدث عن جمال الوجه والجسد فليس للجمال قيمة إلا إذا كان هناك عقل يتحكم فيه، فمخطئ من اعتقد أن الجمال وحده كاف على أن يخلد قصتها عبر العصور، وإلى وقتنا هذا حتى تجسد قصتها المأساوية فى السينما والمسرح  وبخاصة "شكسبير". 

فكانت تتمتع بالدهاء والذكاء وقال عنها المؤرخ "بلوتارخ " (أنها تتمتع بجمال لا يضاهى يستحوذ فى التو واللحظة على قلوب من ينظرون إليها ،إنها تمثل بصفة خاصة الحياة بكل أبعدها وعنفوانها وثرائها ).

كما كتب "بلوتارخ" عنها أنه كان للحديث معها سحر لا يقاوم ، لديها قدرة على الإقناع، وكانت هناك حلاوة فى نغمات صوتها الذى يشبه آلة موسيقية وترية ، يتحول بسهولة إلى نغمات.

كانت كليوبترا امرأة متعلمة تجيد ست لغات بالإضافة إلى تحدثها باللغة اليونانية والمصرية فنادراً ما كانت تحتاج إلى مترجم.

وبصفتها متعلمة تعليما عاليا قامت بنشر نصين معروفين ، أحدهما عن رعاية الجسد والآخر عن أوزان ومقاييس تتعلق بالطب والتجارة .

بعد وفاة والدها بطليموس الثانى فى ٥١ قبل الميلاد أنتقل العرش إلى  ابنة بطليموس الثالث عشر وكانت كليوباترا تبلغ من العمر ١٨ عاماً تكبر أخيها بثمانى سنوات. وأصبحت هى الحاكم المهيمن. 

وبعد استلام وتعهد كليوباترا للحكم بفترةٍ قصيرة كانت دائما على نزاع وخلاف  مع شقيقها الذي انتهى بطردها من مصر . وكانت البلاد في ذلك الوقت مملكة تحت الحماية الرومانية ، والمصدر الرئيسي للقمح  بالنسبة للشعب الروماني. وجاء "يوليوس قيصر " إلى مصر عقب هزيمة سنة 48 ق.م، فوجد الحرب الأهلية  ماتزال قائمة فيها. 

وكانت كليوباترا تحاول العودة إلى مصر ، و إذ كان عليها استعادة العرش ، فعمدت إلى الظهور فجأة أمام قيصر ملفوفة في سجادة  و تستطيع بالجمال والذكاء والدهاء  التوسل إليه لمساعدتها في تحقيق غايتها للعودة إلى الحكم. وقد أسرته، إما بمفاتن جمالها أو بالمنطق   بأنها ستكون حاكماً أفضل من شقيقها. وساعدها قيصر على التغلب على بطليموس  الذي أغرق في نهاية المعركة. 

ويقول المؤلف الأيرلندي الشهير "برنارد شو" إن كلمة يوليوس قيصر المشهورة، (أتيت ورأيت وغزوت )حققتها كليوباترا نفسها عندما فاجأته بمغامرتها واقتحمت مجلسه الخاص، ولا تحمل معها سلاحاً سوى سحرها وشخصيتها، فأسرت قيصر من أول لقاء وغزت قلبه، فكانت هى التى أتت ورأت وغزت.

وبالرغم من ذلك يقال إن كلا من كليوباترا وقيصر سعيا لاستخدام الآخر، فقيصر سعى للمال لتسديد الديون التي تكبدها من والد كليوباترا "أوليتيس "من أجل الاحتفاظ بالعرش. في حين أن كليوباترا كانت عازمة على الاحتفاظ بعرشها، وتوطدت أواصر العلاقة بينهما وولدت له بعد رحيله طفلا أسمته " قيصرون" .
 
و تم اغتيال إمبراطور الرومان قيصر فى  شهر مارس من عام 44 ق.م، وقد سجلها المؤرخ اليونانى بلوتارخ، هذه الحادثة  التى اشترك فيها أقرب الناس إلى قلب الإمبراطور بروتوس.

وبعد مقتل قيصر حزنت كليوباترا حزناً شديداً على الأب والمعلم العاشق وعادت إلى مصر تنتظر ما يحمله البحر من رسائل روما وقيصرها الجديد "أنطونيو"  . لملمت كليوبترا قوها وأدركت أن الحي أبقى من الموتى وعليها أن تستعد لمقابلة قيصر روما .

واستحضرت كليوباترا لأفكارها الذكية فى الإغراء . و نظمت  مدخلًا إلى طرسوس مصممًا لإثارة أنطونيو وزملائه .

وأبحرت  كليوباترا إلى المدينة في “انفجار لوني” تحت أشرعة أرجوانية متصاعدة. كانت تحتمى تحت مظلة ذهبية متلألئة، مرتدية زي فينوس في لوحة، بينما كان الأولاد الصغار الجميلين، مثل كيوبيد المرسومة، يقفون على جانبيها ويهزونها. 

فكانت أجمل خادماتها يرتدون ملابس مثل حوريات البحر، وبعضهن يوجهن في الدفة، وبعضهن يعملن على الحبال. بالإضافة إلى انتشار روائح عجيبة من قرابين البخور التي لا تعد، ولا تحصى على طول ضفاف النهر.

وقد كتب المؤرخ اليوناني "أبيان " في اللحظة التي رآها فيها، فقد أنطوني رأسه لها مثل الشاب، ولم تنته كليوباترا .

وحينما تم الاجتماع بين كليوباترا وأنطونيو ، شعر الطرفان بأنهما وجدا فرصتهما لتحقيق أهدافهما  ، حيث توسمت كليوباترا في أنطونيو لمساعدتها في العودة لحكم مصر ، حيث كانت ترى أن أختها غير الشقيقة تخطط للاستيلاء على الحكم ، بينما رغب أنطونيو في دعم كليوباترا له في الحرب ضد الباراثنيين .

أصبحت كليوباترا وأنطونيو حليفين خلال فترة وجيزة ، وسرعان ما تحولا إلى عاشقين ، وقد عاد أنطونيو إلى الإسكندرية برفقة كليوباترا .

وتزوجت كليوباترا أنطونيو و أنجبت منه توأمين ، وبعد أن تعقد الوضع في روما ، كان من الضروري أن يعود انطونيو من أجل تسوية الخلافات القائمة هناك مع أوكتافيوس ، وانقطع ثلاث سنوات عن كليوباترا حيث تقابلا بعد هذه المدة في مدينة أنتيوش ، ثم حملت كليوباترا في طفل ثالث من أنطونيو ، وقد سرت بعض الشائعات بأن أنطونيو يخطط لنقل عاصمة روما إلى الإسكندرية ، وهو ما جعل مجلس الشيوخ يعلن الحرب على أنطونيو وكليوباترا . وقد كان وقامت المعركة التى سُميت ب أكتيوم البحرية والتى هزم فيها جيش كليوباترا وأنطونيو وتم حصار الإسكندرية . 

وبعد هذه الواقعة وقام أنطونيو بالانتحار عن طريق إلقاء نفسه على سيفه . ووصلت الأنباء إلى كليوباترا بأن حبيبها هزم وانتحر وخصمها أوكتافيوس سيقوم بعرضها داخل شوارع روما في إطار احتفالاته بالانتصار عليها ، فلم تتحمل ذلك الخبر ،مما جعلها تلجأ هي الأخرى للانتحار بعد أن جلبت أفاعى مصرية والتي قامت بلدغها مع اثنين من خدمها، وتوفيت كليوباترا على إثر هذه اللدغة لتنتهي أسطورة كليوباترا التى كانت لها القدرة على امتلاك قلب أقوى رجلين من عصرها مما جعل قصتها محوراً للعديد من أعمال الكتاب والفنانين الأدبية التى وصفت حياتها وملامح شخصيتها الفريدة التي ظلت عالقة في ذاكرة التاريخ .