الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرواة| عبد الله بن عمر .. أكثر الصحابة محاكاة للنبي

النبي محمد
النبي محمد

الرواة .. يواصل موقع “صدى البلد” الإخباري، في خامس أيام شهر رمضان المبارك رحلته مع الرواة، لنتعرف على سيرتهم ونقتفي أثرهم، ونتعلم منهم كيف كانوا على قدر المسئولية والأمانة والثقة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في منأى عن أي جرح أو تعديل.

ولعل من أهم الرواة ممن يطيب ذكره في هذا اليوم هي صحابي جليل ونجل الخليفة الثاني للمؤمنين والفاروق العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عُرف بـ، وقد روى عن سيد الخلق وإمام المرسلين سيد محمد صلى الله عليه وسلم ما يقرب من 2630 حديثا ما جعله في مقدمة الرواة، وعرف بـ  محاكاة رسول الله، فمن هو؟

الذاكرين

اشتهرالصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه، بين الرواة وبمحاكاته للنبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعل ويحرص على الصلاة في ذات المكان الذي كان يصلي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم.

هو عبدالله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح ، بن عدي ، بن كعب بن لؤي بن غالب ، الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي ، ثم المدني .

أسلم وهو صغير ، ثم هاجر مع أبيه لم يحتلم ، واستصغر يوم أحد ، فأول غزواته الخندق ، وهو ممن بايع تحت الشجرة ، وأمه وأم أم المؤمنين حفصة ، زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجمحي .

روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبيه، وأبي بكر، وعثمان، وعلي، وبلال، وصهيب، وعامر بن ربيعة، وزيد بن ثابت، وسعد، وابن مسعود، وعثمان بن طلحة، وأسلم، وحفصة أخته، وعائشة، وغيرهم .

يكنى أبا عبد الرحمن، وأمه زينب بنت مظعون، وُلد بعد البعثة بأربعة أعوام وكان أبوه ما زال على الكفر، وما إن أصبح يافعًا حتى كان الله قد هدى والده عمر بن الخطاب إلى الإسلام.

بدأت علاقته مع الإسلام منذ أن هاجر مع والده إلى المدينة وهو ابن عشرة أعوام، وبعد الهجرة أخذ ينهل من تعاليم الإسلام عن الرسول مباشرةً، حيث كان يتبعه كظلِّه. ولم يشهد بدرًا وأُحد لصغر سنِّه، وشارك في غزوة الخندق عندما سمح له النبي بذلك، وهو ابن خمسة عشر عامًا، وشارك في بيعة الرضوان. كان فقيهًا كريمًا حسن المعشر طيِّب القلب، لا يأكل إلا وعلى مائدته يتيم يشاركه الطعام.

كان عبد الله بن عمر حريصًا كل الحرص على أن يفعل ما كان الرسول يفعله، فيصلي في ذات المكان، ويدعو قائمًا كالرسول الكريم، بل يذكر أدق التفاصيل؛ ففي مكة دارت ناقة الرسول دورتين قبل أن ينزل الرسول من على ظهرها ويصلي ركعتين، وقد تكون الناقة فعلت ذلك بدون سبب، لكن عبد الله لا يكاد يبلغ نفس المكان في مكة حتى يدور بناقته ثم ينيخها ثم يصلي لله ركعتين تمامًا كما رأى الرسول يفعل، وتقول في ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "ما كان أحد يتبع آثار النبي في منازله كما كان يتبعه ابن عمر"، حتى إنّ النبي نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة، فيصبُّ في أصلها الماء لكيلا تيبس.

 

جهاده 

شارك عبد الله بن عمر في غزوة الخندق وكانت أول مشاركة له في الجهاد، فقد اسْتُصْغِرَ يوم أُحد، ثم شهد ما بعدها من المشاهد، وخرج إلى العراق وشهد القادسية ووقائع الفرس، وورَدَ المدائن، وشهد اليرموك، وغزا إفريقية مرتين.

وكان عبد الله مثل أبيه تهطل دموعه حين يسمع آيات النذير في القرآن؛ فقد جلس يومًا بين إخوانه فقُرئ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ثم مضى يردد: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ودموعه تسيل كالمطر، حتى وقع من كثرة وجده وبكائه.

قراءة القرآن

موقفه من الفتنة

رفض استعمال القوة والسيف في الفتنة المسلحة بين عليٍّ ومعاوية، وكان الحياد شعاره ونهجه: "من قال: حي على الصلاة أجبته، ومن قال: حي على الفلاح أجبته، ومن قال: حي على قَتْل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت: لا". يقول أبو العالية البراء: "كنت أمشي يومًا خلف ابن عمر وهو لا يشعر بي، فسمعته يقول: "واضعين سيوفهم على عَوَاتِقِهم، يقتل بعضهم بعضًا، يقولون: يا عبد الله بن عمر، أَعْطِ يدك".

 

وفاته

كُفَّ بصر عبد الله بن عمر آخر عمره، وقد مات بمكة سنة أربع وسبعين للهجرة، وقيل: سنة ثلاث وسبعين وهو ابن أربع وثمانين سنة.