الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ليالي الأنس في فيينا..لماذا تقيم كنيسة مائدة إفطار لمسلمي النمسا في رمضان؟

صدى البلد

عندما تغنت المرأة الراحلة أسمهان بأغنيتها الشهيرة «ليالي الأنس في فيينا»، لم تخطيء، خاصة أن للنمسا مكانة مميزة في تاريخ العلاقات بين المسلمين والغرب؛ حيث كانت أبواب النمسا مسرحًا لمواجهة عسكرية ما بين جيوش الدولة العثمانية بقيادة كارا مصطفى باشا في العام 1683، وبين الجيوش النمساوية، وهي المعركة التي شهدت تراجعًا لجيوش العثمانيين وأوقفت فتوحاتهم في أوروبا على منطقة البلقان، وعلى الرغم من هذا التاريخ الحربي إلا ان المسلمين في النمسا يعيشون حياةً طبيعيةً نسبيًّا، لكنهم بالتأكيد ينتظرون شهر رمضان من أجل تذكير أنفسهم بقيمهم الإسلامية وبالعادات التي تركوها في أوطانهم الأصلية.

200 الف مسلم في النمسا

يبلغ عدد سكانها 8 مليونًا و834 ألف نسمة، يعيشون على مساحة 83 ألف و850 كيلو مترًا مربعًا، ويبلغ تعداد المسلمين في المجتمع النمساوي حوالي 200 ألفًا، الأغلبية الساحقة منهم من المهاجرين، حيث يصعب وجود مسلمين من النمساويين، وتعتبر المسيحية هي الديانة الرئيسية في البلاد.

الإسلام في النمسا 

دخل الإسلام إلى النمسا، عن طريق الاحتكاك بالعثمانيين، سواء في أثناء المواجهات العسكرية معها، أو من خلال التجارة مع الاتراك، وفي هذه الأيام بدأت النمسا التعرف إلى الإسلام أكثر عن طريق المهاجرين الذي تركوا بلادهم الأصلية بحثًا عن مستوى اقتصادي واجتماعي أرقى.

جنسيات المسلمين في النمسا

تعتبر الجنسيات الرئيسة للمسلمين في النمسا من العرب والأتراك والإيرانيين، ويعيش المسلمون في النمسا تحت قوانين حقوق الإنسان التي تكفل حرية العبادة لأتباع جميع الديانات، وهذا هو الموقف الرسمي، أما الموقف الشعبي فيختلف قليلاً؛ حيث تطغى العنصرية بصورة نسبية على تعامل الشعب النمساوي مع المسلمين، وهو ما وضح في قضية شرطي نمساوي أعلن إسلامه فتم نقله من مكان عمله، لكن القضاء هناك أنصفه وأعاده إلى موقعه الأول.

كما بدت العنصرية النمساوية تجاه الإسلام في السنوات الأخيرة، في عرقلة النمسا بدء مفاوضات انضمام تركيا لـ الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب الخلفية الإسلامية للمجتمع التركي.

شهر رمضان في النمسا 

يترقب المسلمون في النمسا، شهر رمضان الكريم، للتزود بجرعة إيمانية تساعدهم على الحياة في بلاد الغربة، ويقبل المسلمون في النمسا على المساجد بكثافة؛ وذلك من أجل أداء الصلاة، خاصة صلاة التراويح، الاستماع إلى الدروس الدينية.

المساجد في النمسا

يبلغ عدد المساجد في عموم النمسا أكثر من 50 مسجدًا، وتقدم المساجد البرامج الدينية المختلفة، فهناك مَن يعتمد على الدعاة المقيمين في البلاد، وهناك من يستقدم الدعاة من البلاد الأخرى مثل الدعاة الأزهريين من مصر، وتتعدد المراكز الإسلامية في النمسا، فهناك المركز الإسلامي في فيينا واتحاد الطلاب المسلمين، كما أن هناك المراكز الإسلامية المختلفة التي أنشأتها الجالية التركية.

ولا تقتصر خدمات المراكز الإسلامية في النمسا بصفة عامة على البرامج الدعوية، بل تتعداها إلى تقديم الوجبات المجانية للإفطار في المساجد، كذلك تقديم الذبائح المعدة على الطريقة الإسلامية.

استعدادات شهر رمضان

تظهر استعدادات شهر رمضان على الأسواق والمحلات التجارية، ففي سوق "ناش ماركت"، الذي يُعد أقدم أسواق العاصمة فيينا تنتشر المحلات العربية والتركية والبوسنية، ويجد المسلم كل ما يحتاجه بها، أما المحلات الجزائرية فيمكن شراء اللحوم المذبوحة وفق الشريعة الإسلامية من خلالها.

ويلاحظ أن المنتجات العربية والتركية تغزو الأسواق النمساوية بقوة، فلا يجد المسلم محلاً يخلو من الجبن والمخللات والزيتون بكافة أنواعه، والفول والأغذية الأخرى المجمدة والياميش والكنافة والجلاش والبقلاوة والبسكويت، وكلها تعكس تمسك المسلم بعاداته وتقاليده في المأكل والمشرب خاصة في رمضان.

موائد الرحمن بكنيسة عذراء الزيتون

على صعيد آخر، يتسابق المسلمون إلى إقامة موائد الرحمن من أجل التقرب إلى الله وزيادة الحب والمودة بين أبناء الجاليات، كما تتحول المساجد إلى مراكز لتعليم الأبناء الصغار سماحة الإسلام وآدابه والتحلى بالأخلاق الكريمة.

وتكثر في شهر رمضان دعوات المشاركة في الإفطار بين أبناء الجالية الواحدة دون تمييز، ومن أبرزها مائدة "الوحدة الوطنية" التي تقيمها الجالية المصرية وتدعو إليها كنيسة عذراء الزيتون بفيينا، ويشارك فيها الأقباط والمسلمون.

كما تحرص الأحزاب النمساوية على إقامة موائد الإفطار لرموز الجالية الإسلامية، مما يشير إلى اهتمام القوى السياسية بالمسلمين وبدورهم في الحياة السياسية والاجتماعية، إضافة إلى أن رجال السياسة وأعضاء الحكومة النمساوية يشاركون الجالية الإسلامية مشاركة فعالة، حيث إن رئيس جمهورية النمسا يشاركهم مشاكلهم وقضاياهم.

طول فترة الصيام

يتسم شهر رمضان فى النمسا خاصة وأوروبا عامة، بطول ساعات الصيام، حيث يكون الإفطار فى الساعة الثامنة والربع مساء، ويخفف نسبيا من أعباء الصيام استمرار الطقس البارد والممطر الذى تشهده النمسا خلال الأسابيع المقبلة.

وتعترف النمسا بالديانة الإسلامية كديانة رسمية منذ عام 1912، وهى الديانة الرسمية الثانية فى البلاد، حيث تكفل الحكومة النمساوية للمسلمين حرية ممارسة الشعائر الدينية، ويقيم عمدة فيينا، حفل إفطار سنوى فى مقره كل عام يحضره أبناء الجاليات الإسلامية والعربية.

ويعد المركز الاسلامى الكبير فى العاصمة النمساوية، المركز الرئيسى لتجمع مسلمى فيينا للإفطار وأداء صلاة التراويح و"الاعتكاف"، ويحرص المصريون فى النمسا بصفة خاصة على التجمع فى النادى المصرى والاتحاد العام، طيلة أيام شهر رمضان، لتناول الإفطار، وتوثيق علاقات المودة والمحبة كل أبناء الجالية وقضاء أوقات السمر.

إفطار السفارة المصرية السنوي

كما اعتادت السفارة المصرية فى العاصمة النمساوية، على تنظيم حفل افطار سنوى تدعو اليه أبناء الجالية، حيث يقام الحفل فى أجواء مصرية صميمة من خلال تزيين السفارة بمجسمات فوانيس رمضان، وتقديم المشروبات والمأكولات الرمضانية المميزة.

ولا تختلف مظاهر الاحتفال بشهر رمضان خارج العاصمة النمساوية عن الاحتفالات فى العاصمة، حيث يحرص المصريون - رغم قلة أعدادهم فى القرى النمساوية - على التجمع واقامة حفلات الإفطار الرمضانية.