الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ميشال عون للبنانيين: الانتخابات فرصتكم فلا تضيعوها

الرئيس اللبناني ميشال
الرئيس اللبناني ميشال عون

دعا الرئيس اللبناني ميشال عون جمهور الناخبين اللبنانيين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها غدًا الأحد في عموم لبنان.

وجاء في نص كلمة متلفزة ألقاها عون:

أخاطبكم عشية الانتخابات النيابية كي أدعوكم للمشاركة فيها بكثافة، والتعبير عن رأيكم، واختيار من تثقون بهم وتجدونهم أهلاً للدفاع عن حقوقكم، وإقرار القوانين التي تصونها وتحميها، خصوصاً وأن مجلس النواب المقبل سيكون أمام مسؤوليات تشريعية كبرى واستحقاقات دستورية.

الانتخاب ليس مجرّد حقّ فحسب، بل هو أيضاً واجب لكلّ مواطن. كما أنّه الطريق الصحيح والفعلي للتغييّر. لقد حانت لحظة المحاسبة، ولحظة تحديد الخيارات. والمحاسبة تكون دائماً في صندوق الاقتراع.

الانتخابات هي فرصتكم، فلا تضيعوها، خصوصاً بعد الحقائق التي تكشّفت خلال هاتين السنتين، والأكاذيب التي تم فضحها، وبعدما بات للفساد وللسرقة وجوه وأسماء. إنَّ مسؤوليتكم كبيرة اليوم، كي لا يتوقّف مسار تفكيك منظومة الفساد المركّبة، التي تحكّمت بمفاصل البلد على مدى عقود.مسؤوليتكم كبيرة لكي تحاسبوا الفاسدين والسارقين.

منذ 30 سنة، جعلونا نعيش كذبة كبيرة؛ أوهمونا أن الليرة بخير وأن أموالنا موجودة ولا شيء يدعو للقلق. كذبة كهذه هي لا شك ممتعة ومريحة، ولكن كان لا بد أن يأتي وقت وندفع ثمنها، وكلَّما طالت الفترة، كلما بات الثمن أغلى وأقسى. منذ فترة، انتهت الكذبة، وكان يجب أن تنتهي وتتكشف الحقيقة القاسية، لنتمكن من مواجهة الواقع وإيجاد طريق الخروج منه.

اليوم، هنالك حملة تيئيس كبرى، عنوانها أنَّ لبنان مكسور ومفلس: "غادروه، واهربوا". لا. لقد قلتها منذ سنين، وها إنَّني أكررها: إنّ لبنان منهوب وليس مكسوراً، ولا هو بمفلّس.

بعد أن أنجزنا الموازنة، لأول مرّة بعد 12 سنة من الانقطاع، وانتظمت المالية العامّة، بدأت الفجوات بالظهور، وبتنا متأكدين، وبالأرقام، من أنّ لبنان منهوب.
نعم، إنّه منهوب ومسروق، بالتكافل والتضامن، والأموال مهرّبة الى الخارج. لبنان منهوب وليس مكسوراً، وها هم يحاولون تحميل تبعات النتائج لكم، والمسؤولية لي. أنا الذي لطالما حذّرت، منذ أكثر من 25 سنة، من سياسات مالية سترهن البلد، وسياسات اقتصادية ستوقعه بأزمات مستقبلية.

اليوم، ولكي يستقيم الوضع في لبنان، فلا يبقى هناك تراشق اتهامات ورمي مسؤوليات، على القضاء أن يقوم بعمله، عليه أن يسمي الفاسدين ويلاحقهم، وبعض هؤلاء بات معروفاً. لا يعود لرئيس الجمهورية أن يلاحق الفاسدين والسارقين ويقاضيهم ويزج بهم في السجون. أنا بإمكاني ان أدل على الطريق التي توصلنا الى معرفة من سرق، ولقد فعلت وقلت "إن التدقيق الجنائي هو الطريق فابدأوا من هنا". قلت للقضاء: أنا حمايتك، أنا سقفك الفولاذي، لكنني لست مكانك، ولا يعود إليّ القيام بدورك. قم بعملك لكي تنقذ البلد. وعلى الضابطة العدلية أيضاً أن تقوم بمهامها، لأنَّه من دونها تبقى قرارات القضاة حبراً على ورق.

قلت للنوّاب ولأكثر من مرّة: هنالك قوانين تحمي حقوق المواطنين وتمنع تهريب أموالهم، لو بادرتم الى إقرارها في الوقت المناسب لما كنا وصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

لكم أقول: لدينا موارد، وطاقات، بمقدورها أن تنتشل الاقتصاد والبلد، فلا تيأسوا. وإذا تمكنتم من اختيار نواب يشرّعون ويتقدّمون بالقوانين اللازمة للإنقاذ، ويسعون لإقرارها ولحماية حقوقكم، نكون أمام فرصة حقيقية.

انكشفت كذبتهم الأولى وها هم يحاولون اختلاق كذبة جديدة وبدعة خطيرة، محاولين زرعها في عقول اللبنانيين، لا سيما الشباب منهم، وخلاصتها أنه من الممكن إلغاء مكون من مجتمعنا من دون أن يؤثر ذلك على استقرار الوطن. هذا التفكير خطر للغاية وكلفته جدُّ مرتفعة. كلفته فتنة. كلفته حرب أهلية.

لبنان لا يمكن أن يحيا إلا بجميع مكوّناته وبجميع ابنائه. وقد سبق واختُبرت محاولات العزل، وأغرقت لبنان في بحر من الدم والدموع. فهل من أحد على استعداد أن يعيش أولاده وأحفاده ذلك الخوف إياه، وذلك الوجع، وتلك المآسي؟ أوقفوا خطاب الكراهية، وشعارات التحريض، وأحلام العزل. أوقفو فبركة الشائعات، وتخويف المواطنين من بعضهم البعض. هذا الطريق مهدّم ولا يمكن أن يوصل إلا الى الدمار. دمار مجتمع ودمار وطن. غداً ستنتهي الانتخابات، وستعودون للعيش معاً، ولا يمكن لأحد أن يتخلّص من أحد.

ليس ميشال عون الذي أمضى حياته يقاتل من أجل وحدة لبنان، وسيادته على كل شبر من أرضه وبحره، وأول من تقدّم باستراتيجية دفاعية وطنية، سيسمح اليوم أو في أي يوم، أن تُمسَّ هذه السيادة، أو تُباع في السوق السوداء، أو تغدو موضع مساومة أو مقايضة.

تقرير الأمم المتحدة أوصى بإعطاء النازح السوري واللاجئ الفلسطيني حق العمل والاستفادة من الضمان الاجتماعي. أكرر وبصوت عالٍ أن حق الشعب اللبناني هو أولوية، ووطننا لم يعد قادراً على تحمّل أعباء اللجوء والنزوح، ونرفض كل شكل من أشكال الدمج والتوطين. لا يمكن لأحد أن يأخذ توقيعي إلا على عودة آمنة للاجئين والنازحين الى بلادهم.

إن استغلال وجعكم، وحاجة البعض منكم هو أكبر خصم لكم جميعاً في الانتخابات، ومحاولة مستميتة لتثبيت نفوذ من أوصلكم الى هذا الحد، كي يعود لإبتزازكم عند كل استحقاق. أتمنى أن تعلو صرختكم بوجه تجار البشر والوطن وأن توصدوا أبوابكم أمامهم وتعلنوها: ضميرنا ليس للبيع! ونحن لسنا للبيع!

تذكّروا وصيَّة السيد المسيح: "لا تعبدوا ربين، الله والمال". وتذكّروا كذلك أنَّ من يشتريك اليوم بالثمن الزهيد، سيبيعك في الغد بأغلى الأثمان. هنالك أموال كثيرة تصرف، مشبوهة المصدر ومشبوهة الأهداف... فلا تسمحوا أن تحقّق أهدافها. لقد كشفنا منظومة الفساد، لكي نتمكن من إعادة بناء النظام والمؤسسات، وكلّفنا الأمر غالياً. فلا تسمحوا لها أن تنتعش من جديد.

أمامكم فرصة كبيرة، فرصة الثورة وراء العازل: ثوروا وراء العازل على المال الانتخابي. ثوروا على كلِّ من يعتبركم مجرّد سلعة. ثوروا على الابتزاز السياسي. ثوروا على الانحطاط الاخلاقي وفقدان القيم. ثوروا على الارتهان للخارج. ثوروا على من سرق أموالكم وودائعكم. ثوروا وراء العازل على من عرقل، ولمّا يزل، كلَّ خطوة بمقدورها أن تحمي ما تبقَّى من حقوقكم أو تفضح السارقين. ثوروا على من يحرِّض ويبتغي الفتنة وربّما حرباً أهليَّة.

إنَّ ثورة صندوق الاقتراع هي أنظف الثورات وأصدقها. فلا تبيعوها لأحد. كونوا أحراراً خلف العازل لدقائق، تربحون وطنكم وتعيشون فيه أحراراً وبكرامتكم، مدى حياتكم.