الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فوائد سورة العنكبوت الروحانية .. 7 أسرار يغفلها الكثيرون عنها

فوائد سورة العنكبوت
فوائد سورة العنكبوت الروحانية

فوائد سورة العنكبوت الروحانية.. يتساءل الكثيرون عن فوائد سورة العنكبوت الروحانية، وهل للسورة فوائد خاصة بالرزق والسحر وخلافه كما يشاع، ومن خلال التقرير التالي نوضح فوائد سورة العنكبوت الروحانية.

القرآن الكريم

فوائد سورة العنكبوت الروحانية 

سورة العنكبوت هي السورة التاسعة والعشرون بترتيب سور القراَن الكريم، وهي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب نزول السور، تقع بالجزء الحادي والعشرون، وتأتي بعد سورة القصص وقبل سورة الروم، وهي مكية إلا أول إحدى عشر آية منها مدنية، حيث أنها من أواخر السور التي نزلت في مكة المكرمة، بحيث لم ينزل بعدها في مكة إلا سورة المطففين، وسُميت هذه السورة باسم العنكبوت لذِكره فيها بهذه الآية الكريمة: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
وكان المشركون إذا سمعوا تسمية العنكبوت أو البقرة يستهزئون بهما، فنزل قوله تعالى {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}.
وسميت ‏سورة ‏العنكبوت بذلك الاسم ‏لأن ‏الله ‏ضرب ‏بالعنكبوت ‏فيها ‏مثلا ‏للأصنام ‏المنحوتة ‏والآلهة ‏المزعومة حيث قال تعالي" ‏مثل ‏الذين ‏اتخذوا ‏من ‏دون ‏الله ‏أولياء ‏كمثل ‏العنكبوت ‏اتخذت ‏بيتا ".
وسورة العنكبوت مكية ماعدا الآيات من 1 : 11 فمدنية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى"الوحدانية -الرسالة -البعث –الجزاء".

ومحور السورة الكريمة يدور حول الإيمان وسنة الابتلاء في هذه الحياة لأن المسلمين في مكة كانوا في أقسى أنواع المحنة والشدة ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطولا مفصلا وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء.
وفي سبب نزول السورة، قال الشعبي إنها نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب النبي من المدينة إنه لا يُقْبَل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فآذوهم فنزلت فيهم هذه الآية وكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا نخرج فان اتبعنا أحد قاتلناه فخرجوا فأتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قُتِل ومنهم من نجا فأنزل الله تعالى فيهم (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فُتِنوا ).
وقال مقاتل: نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر رماه عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله فقال النبي : سيد الشهداء مهجع وهو أول من يُدْعَى إلى باب الجنة من هذه الأمة فجزع عليه أبواه وامرأته فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية وأخبر أنه لا بُدَّ لهم من البلاء والمشقة في ذات الله تعالى.
وقال مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنّه قال: نزلت هذه الآية حينما حلفت أم سعد لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب ومكثت ثلاثة أيام حتى غُشِيَ عليها من الجهد فأنزل الله تعالى (ووصينا الانسان بوالديه حسنا) رواه مسلم عن أبي خيثمة.

مقاصد سورة العنكبوت

تحث سورة العنكبوت على الاجتهاد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعاء إلى الله، والمحور الرئيس يدور حول الإيمان لينبثق منه وحدانية الله سنة الابتلاء والفتنة ومصير كل من المؤمنين والكافرين والمنافقين، وعرض قصص الأنبياء السابقين وما تصوره من فتن في طريق الدعوة، بالإضافة للنهي عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن. 

وتأتي مقاصد سورة العنكبوت في وجه التفصيل بتثبيت المسلمين من فتنة المشركون وذُكرت في السورة فتنة طول مكث الأعداء وتسلطهم على من اَمن وجاء في قوله تعالى: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}.

وكذلك من مقاصد سورة العنكبوت وعد الله بنصر من اَمن، وخذل أهل الشرك، والابتعاد عن المشركين، وبينت السورة أن على المؤمن الصبر على أذى المشركين، ووضحت أن القراَن الكريم مُنزل من عند الله -عز وجل- ودلالية البعث، وإثبات الجزاء على الأعمال، ووعد الله المشركين بالعذاب مع ضرب المثل لاتخاذ المشركين أولياء من دون الله وهو بيت العنكبوت، وهنا الإشارة لمن اعتمد على قوة الأصنام.

وقد تناولت سورة العنكبوت العديد من الأمور والدلالات والمعاني، ومنها:

1- ذكر الله تعالى الجهاد في سبيله في موضعين من سورة العنكبوت، الموضع الأول قوله: (وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، أما الموضع الثاني قوله: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، مما يدل على أن الجهاد فرض في مكة المكرة، وليس في المدنة المنورة، والمقصود من ذلك الجهاد في الدعوة والتبليغ، وجهاد النفس في الصبر والتحمّل، والانقياد والخضوع لأوامر الله تعالى.

كما ذُكِر الجهاد في سورة الفرقان التي تعدّ سورة مكية، حيث قال الله تعالى فيها: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا)، أي بالجهاد بالقرآن الكريم عن طريق الكلمة والدعوة والتبليغ، وإقامة الأدلة والبراهين والحجج، والحثّ على توحيد الله تعالى، والتصديق بالقرآن الكريم وبالرسول عليه الصلاة والسلام، فالجهاد ليس محصوراً بجهاد السيف والقتال فقط، فالسيف من آخر خطوات الجهاد، ويكون لمن صدّ وردّ الدعوة، ووقف في طريق انتشارها، ولم يخضع لأوامر الله تعالى. 

وبيّن ابن القيم رحمه الله مراتب الجهاد في كتاب زاد المعاد، حيث قال: (الجهاد أربع مراتب: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين)، فجهاد النفس يتمثّل بالجهاد في تعلّم الهدى ودين الحق، والعمل به بعد علمه، والدعوة إليه وتعليمه للناس، والصبر على الأذى ومشاق الدعوة، وأما جهاد الشيطان فيكون بردّ الشبهات والشكوك، وهذا لا يتحقّق إلا باليقين، ويكون أيضاً بردّ الإرادات والشهوات، ولا يتحقّق ذلك إلا بالصبر، وأمّا جهاد الكفار والمنافقين فيكون على أربع مراتب؛ وهي: جهاد بالقلب، وباللسان، وبالعقل، وبالنفس، وجهاد أصحاب البِدَع والمنكرات يكون على ثلاث مراتب؛ وهي: جهاد باليد، ثم باللسان، ثم بالقلب.

وقد بيّن الله تعالى في سورة العنكبوت أن الابتلاء سُنّة من السُّنَن، حيث قال: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، فالابتلاء من الأمور الملازمة للمؤمنين دون النظر إلى حالهم، سواءً أكانوا في شدّة أم في رخاء، حيث قال الله تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ).

كما أن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم الابتلاء، وبعد صبرهم على الأذى مدة ثلاثة عشر عاماً أذن الله تعالى لهم بالهجرة إلى المدينة المنورة، وبيّن الله تعالى حال الأنبياء عليهم السلام، وانتقامه ممّن عاداهم؛ فقد كان خطاب الله تعالى لنبيّه محمّد في سورة العنكبوت بأنه سينصره، وينتقم من أعدائه.

كما بيّن الله تعالى حال إبراهيم عليه السلام عندما أراد قومه حرقه بالنار، فأنجاه الله تعالى منهم، ثمّ هاجر، وقد قال الله تعالى في أمره: (وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وذلك ما حدث مع محمد صلى الله عليه وسلم عندما أراد المشركون قتله، فبعد أن نجّاه الله هاجر، وفي ذلك قال ابن كثير: (ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مُقامُهم بها، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة ليأمنوا على دينهم، ثمّ بعد ذلك هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الباقون إلى المدينة).

سورة العنكبوت

الصبر على الابتلاءات والمحن

قال الإمام محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق، فى تفسيره قول المولى تبارك وتعالى :«أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ»، سورة العنكبوت: آية 2، إنها نزلت فى أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من المدينة لايقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون فآذوهم فنزلت فيهم هذه الآية وكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا.
وأضاف إمام الدعاة فى شرح الآية الكريمة: أن الإيمان ليس قولاً فحسب لأن القول قد يكون صادقاً أو كاذباً فلا بد بعد القول من الإختبار وتمحيص الإيمان فإن صبر على الابتلاءات والمحن فهو صادق الإيمان، مشيراً إلى أن الله سبحانه يريد أن يمحص الإنسان ويبتليه لأنه يريده لمهمة عظيمة لايصلح لها إلا قوى الإيمان.
وتابع: «أن الإبتلاءات لاتذم لذاتها إنما لنتائجها المترتبة عليها فما جُعلت إلا لمعرفة النتائج»، لافتاً أن معنى قوله تعالى: «يُفْتَنُونَ»، أى يختبرون مأخوذة من فتنة الذهب حين نصهره فى النار لنخرج ما فيه من خبث.

 

أحاديث عن سورة العنكبوت

ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأها في الركعة الأولى من صلاة كسوف الشمس، عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنهُا: "أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بالعنكبوت أَو الرّوم وَفِي الثَّانِيَة بيس".

كما أنه لم يرد أي حديث نبوي يثبت فضل سورة العنكبوت في تسهيل أمر الزواج، ولم يرد في أي سورة من سور القرآن الكريم، ففعل ذلك من غير السنة، وما ينصح به في ذلك هو تقوى الله تعالى وتخصيص الدعاء لتسيير المتعسر، وتحري أوقات استجابة الدعاء.

وجاء في فضل قراءة سورة العنكبوت؛ عن أبي بن كعب رضي الله عنه: "من قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المؤمنين والمنافقين"، هو حديث لا يصح.

سورة العنكبوت

الدروس والعبر في سورة العنكبوت

تدور محاور سورة العنكبوت حول العقيدة في أصولها الكبرى وهي الوحدانية والرسالة والبعث والجزاء حالها كحال غالبية السور المكية، كما تتناول أمور الإيمان وسنّة الابتلاء في هذه الحياة، فالمسلمون في مكة المكرمة كانوا في أقسى أنواع العذاب والشدة، ومن مضامين سورة العنكبوت ما يأتي:

1- ابتدأت الآيات بالحديث عن فريقٍ من الناس يحسبون الإيمان كلمة تقال باللسان، فإذا نزلت بهم المحنة انتكسوا إلى جحيم الضلال وارتدوا عن الإسلام. 

2- الوعد بتكفير الذنوب ومضاعفة الحسنا: حيث وعدت السورة الكريمة المؤمنين بالله بتكفير ذنوبهم ومضاعفة حسناتهم، وأمرتهم بالإحسان للوالدين كسبيلٍ لكسب الحسنات ومحو الذنوب. 

3- صفات المكذبين: تحدثت سورة العنكبوت عن صفات المكذّبين وعن كفار قريش الذين قالوا للمؤمنين ارجعوا عن دينكم وسنحمل خطاياكم، وبينت عاقبتهم تحذيرّا من اتباع خطاهم. 

4- مِحن تعرض لها الأنبياء: ذكرت السورة الكريمة محنة أنبياء الله وما لاقوه من شدائد في سبيل تبليغ رسالة الله، فتحدّثت عن قصة نوح وخليل الرحمن إبراهيم -عليهما السلام-، وما في القصتين من عبر وعظات.

5- استمرت الآيات بالحديث عن قصص الأنبياء، فذكرت قصة لوط وشعيب وهود وصالح -عليهم السلام أجمعين- لتبين عاقبة الله للمكذبين، وأكدت أنّ الدنيا دار ابتلاء لا يسلم منها أحد حتى الأنبياء. 

6- التلطف في الدعوة لله: أمر الله تعالى في سورة العنكبوت بالتلطف في دعوة أهل الكتاب للإيمان، ثم ذكر البراهين القاطعة على صدق محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحة القرآن الكريم ومعجزاته. 

7- سبيل الحق: ختمت السورة الكريمة ببيان اغترار المشركين بالدنيا الفانية، وتوعدهم بالعقاب الأليم، ووعدت المؤمنين بتبصيرهم سُبل الحقّ في الدنيا والآخرة.