الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الداية والماء الساخن.. سؤال ساخر لأحمد خالد توفيق مات قبل معرفة إجابته

الكاتب الراحل د.
الكاتب الراحل د. أحمد خالد توفيق

كعادة كتاباته الساخرة، لم تسلم “الداية” من مقالات د. أحمد خالد توفيق الطبيب والكاتب الراحل، لطالما مثلت لغزا مؤرقا بالنسبة له طوال طفولته، ما العلاقة بين آلام الولادة والماء الساخن، عبر ساخرا عن هذا التساؤل الطفولي وعلاقته بالمفاهيم العلمية لاحقا.

قبل أن يلتحق أحمد خالد توفيق (10 يونيو 1962 - 2 أبريل 2018) بكلية الطب كان هناك لغزا يؤرقه في الأفلام العربية، وهو ما إن تشعر المرأة بآلام الولادة حتى تقول إحدى السيدات العجائز “قومي بتسخين الماء”.

تعود السيدة من المطبخ حاملة إناءا كبيرا به ماءا مغليا تحمله بحذر إلى غرفة الولادة ثم يُقفل الباب، ولا يعلم أحد ما يحدث بعد ذلك.

لم يمتلك الشجاعة الأدبية بأن يسأل أمه عن استخدام الماء الساخن في الولادة، ظل الدخول بإناء الماء المغلي لغزًا غامضًا، وكان ردها “هذه أمور نسائية لا تسأل عنها”.

وبحسب المقال الذي كتبه في مجموعة “قصاصات قابلة للحرق”، يقول: "كبرت فوجدت كتاباً كتبه طبيب أمريكي يبسط العلوم الطبية للقارىء، واسم الكتاب هو (حتى يحضر الطبيب )، و يقول المؤلف في باب الولادة : “ لا داعي لتسخين الماء لأن هذا قد يسبب حروقاً خطيرة لك أو الأم أو الجنين”.

هذا ما قاله ولم يشرح استخدام هذا الماء الخاطئ الذي يجب التوقف عنه، وتساءل مرة أخرى “حتى الأمريكا يسخنون الماء لسبب مجهول !”.

مرت الأيام والتحق بكلية الطب، كان الدرس الأهم الذي ينتظره هو “الولادة” درس عنها كل شئ، ويتابع: “درسنا كل شيء عن الولادة والأغشية التي تنفجر ودوران الرأس و .. و .. وكل شيء .. وقد قمت بتوليد نساء كثيرات في بداية حياتي قبل أن أتخصص في الأمراض الباطنة، لم يحدث قط أن احتجت للماء الساخن، ولم أر أي شخص يحتاج للماء الساخن أمامي”.

ويتابع ساخرا أنه سأل أحد كبار الأطباء، ويقول: لكنني فطنت بعد أن ابتعدت عن صرخات غرفة التوليد بعشر سنوات أنني لم أتلق الإجابة قط.. لم أعرف ما يفعلونه بالماء الساخن في الأفلام، هكذا انتحيت بأحد كبار أطباء التوليد جانباً وسألته عن سر الماء الساخن، فاتسعت عيناه في ذهول وظل ينظر لي عاجزاً عن الكلام بضع ثوان ثم قال :
- " حقاً لا تعرف ؟ .. إنسان مثقف مثلك ، أو هذا ما كنت أحسبه ؟ .. أنت تمزح طبعاً .. لا يوجد تفسير عندي سوى أنك تمزح .."
هنا انفجرت ضاحكاً وقلت له إنني كنت أمزح فعلاً .. عليه ألا يكون ساذجاً لهذا الحد .. هناك مشكلة مزمنة عندي هي أنني لا أبدو كمن يمزح عندما أمزح .
قال لي بلهجة جدية :
- " أنصحك ألا تسأل أسئلة بلهاء كهذه وإلا ظنوا بعقلك الظنون !".

يختتم مقاله الساخر بكلمات تدور في ذهن كل طفل: هكذا قضي الأمر وصار علي أن أبقى جاهلاً للأبد ما دمت لا أملك شجاعة أن أبدو جاهلاً لنصف دقيقة ، وعلى كل حال قد كونت نظريتي الخاصة عن الموضوع، غالباً يستعمل الماء الساخن لقتل الوليد إذا كان قبيحاً، أو هم يحرقون الأم به كي لا تشعر بألم الولادة، وربما هم يفعلون هذا لاستفزازي فقط ، أي أنهم يسخنون الماء في كل الولادات كي أجن أنا".

ولكن بالطبع هو يعلم أن استخدام ضمادات من الماء الساخن يسهل من عملية الولادة، وارتخاء العضلات، ولكن جاءت تساؤلاته في هذا المقال ساخرة.