الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عصابة فيصل - الدقي

صدى البلد

لم تخشيا الزحام، ولم تفكرا أن تلمحهما عين أو يضبطهما رجل شرطة، تحكمان رسم الخطة، وتنفذانها كمحترفتين.

تتخفيان في الأسود كلون غير لافت، إحداهما تدعي الرقي، والأخرى تبدو بعباءة شعبية، حتى لا يساور أحدا شك في علاقتهما.

والضحية، لابد أن تكون امرأة أو فتاة تحمل حقيبة نسائية، حتى يسهل فتحها واقتناص ما تصل إليه اليد الخفيفة.

عصابة الدقي، أو بالأحرى، عصابة ميكروباصات خط فيصل الدقي، كثرت في الآونة الأخيرة الشكاوى والمحاضر التي يئن منها قسم شرطة الدقي، وكلها من سيدات وفتيات، يقصدن القسم منهارات، فتلك سرق منها مبلغ ضخم كانت تضعه في حقيبة يدها، وأخرى اختفت حافظة نقودها وبداخلها أوراقها وإثباتات هويتها، وكروت البنوك التي تتعامل معها، والأخرى اكتشفت اختفاء موبايلها من حقيبتها فور نزول السيدتين من السيارة، وكلهن يجمعن على مواصفات بعينها: سيدتان في العقد الرابع من عمرهن، ترتديان الأسود، تجلسان بجانب الضحية، وفجأة تسقط إحداهما بعض النقود أسفل المقعد، وتطلب من الضحية مساعدتها في البحث عنها، لتنشغل معها، في حين "تقلب" الأخرى حقيبة الفتاة وتسرق ما تصل إليه يدها.

إلى هذا الحد ويبدو الأمر غير غريب، حوادث سرقة ونشل تحدث يوميا في كل شبر بالعالم، لكن...
عندما يتنامى إلى علمي، وبصفتي الصحفية، أن تلك العصابة تزاول نشاطها الإجرامي منذ سنوات، ويعرفها كل سائقي خط فيصل الدقي، وبعضهم يرفضون أن تركب سياراتهم من الأساس، وهذا هو أقصى ما يمكنهم به مواجهة الموقف، والبعض الآخر قالها لي نصا :" لو تعرضت لهم أنا اللي هضر".

فيما وصف لي أحد السائقين بل وحدد مكان وتوقيت تواجدهما بالدقي، وكيف أنهما تظلان طوال اليوم تتردان على الميكروباصات لتمارسا السرقة، حتى إذا انتهيتا من ميكروباص غادرتاه واستقلتا آخر، وهكذا.

وإذا ما علمنا، من أحد العاملين بقسم الدقي، أن هناك الكثير من المحاضر التي ترد إلى القسم، وتصف صاحباتها تلك السيدتين، وتكون السرقة بالأسلوب ذاته والمكان عينه..  إذن فلابد لنا هنا من وقفة.

فما جمعته أنا في ساعتين من معلومات كفيل بأن يوصلني إلى تلك العصابة بمنتهى السهولة، فحوادث السرقة ليست أقل ضررا من حوادث القتل والاختطاف، ولا بد من الانتفاض لردع مرتكبيها. 

فإن كانت السرقة بغير إكراه جنحة، فإن الاستيلاء على أموال ومتعلقات الغير بمغافلتهم يصل لحد الإكراه، وهو ما يعده القانون جناية... 

ومن الممكن أن تكتشف إحدى الضحايا محاولة السرقة فتتصدى للعصابة، وتحدث مواجهة قد تتعرض على إثرها الضحية لضربة "مطواة"، أو طعنة سكين، تودي بحياتها، وقتها ربما يستحق الأمر للتحرك الجاد.

سيناريو لا أستبعد حدوثه يوما، فبالنسبة لي، وقد تعرضت بالفعل للسرقة من تلك العصابة، لا أضمن ما سأفعله بهما إذا رأيتهما أمامي، وأظنه الشعور ذاته الذي يصيب كل من تعرضت للسرقة، خاصة إذا ما علمنا أنني عندما توجهت لتحرير محضر سرقة، وعلم الضابط أن المبلغ الذي تحويه حافظتي ليس كبيرا، وأن الأهم بالنسبة لي هو الأوراق، وجهني لتحرير مذكرات فقد، وهو بالطبع ما يختلف كلية عن محضر السرقة. 

ولا أظن أن كل من تعرضت للسرقة من تلك العصابة، كانت تحمل في حقيبتها مبلغا كبيرا، خاصة إذا كانت في طريقها لعملها مثلا، ناهيك عن أن هناك الكثير من الفتيات يخشين اللجوء لتحرير محاضر، مما يحول دون تركيز الاتهام على تلك العصابة، ويترك لها المجال فسيحا لممارسة نشاطها الإجرامي.

ختاما، لا أظن أن رجال الأمن قد يسعدهم ما يحدث واثق في قدراتهم بسرعة ضبط هؤلاء لحماية المواطنين وردع كل من تسول له نفسه السرقة وترويع الناس. فمصر بلد الأمن والأمان وستظل هكذا.