الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحلام بايدن التي تبخرت في قمة جدة

نادية صبرة
نادية صبرة

فى الشرق الأوسط حط الرئيس الأمريكى (جوبايدن) رحاله وفى جعبته العديد من الموضوعات ... بايدن جاء لزيارة المنطقة ليثبت انه قائد وزعيم وآملاً فى أن تخرجه هذه الزيارة من وضعه الصعب ووضع حزبه بالرغم من انه يعلم انها لن تغير الكثير خاصة إذا كرر وعوده الانتخابية ....ولكنه يريد طمأنة الداخل الأمريكى والحد من ارتفاع اسعار البنزين التى وصلت الى 6 دولارات للجالون وأثرت على شعبيته بشكل كبير إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم ومعاناة المواطن الأمريكي الذى بدوره سيترجم غضبه فى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى فى الثامن من نوفمبر المقبل وهو ماتخشاه إدارة بايدن .. ولأن إسرائيل جزء اساسى من الحملة الانتخابية ويحتاج بايدن دعم اللوبى الصهيونى كانت بداية افتتاح الجولة الأمريكية بالعلاقات الاسرائيلية الامريكية أي من تل ابيب ومارايناه لايختلف عن الرؤساء الأمريكيين السابقين نفس العلاقات الودية ذات الطبيعه الخاصه وتأكيد المؤكد سابقاً مراراً وتكرارا عن ضمان امن اسرائيل وتفوقها التقنى والعسكرى لم يكن هناك جديداً سوى ( اعلان القدس ) الذى تضمن بنوداً كثيراً ماوعد بها كل رؤساء امريكا السابقين اسرائيل ولكن هذه هى المرة الأولى التى تتحول فيها هذه الوعود الى اتفاق مكتوب ومعلن وموثق وهذا هو الاهم من وجهة نظر إسرائيل.

 

وقد تضمن اعلان القدس العديد من البنود كان اهمها هيكل اقليمى قوى لتعميق العلاقات بين اسرائيل والدول العربية دون الكشف عن طبيعة وملامح هذا الهيكل وامكانية تحقيقه ؟ وآلية تحقيقه ؟ والمدة الزمنية لذلك ان كانت شهور او سنوات ؟ وهل هو نيتو شرق اوسطى؟ كان هناك ضبابيه كاملة وبالطبع لم تفصح اسرائيل ايضاً ولكن اللافت ان (يائير لابيد ) رئيس الوزراء الاسرائيلى قال للرئيس الامريكى بوضوح ( انقل رساله للزعماء العرب مفادها ان يد اسرائيل ممدوده بالسلام ووضع التكنولوجيا والعلماء الاسرائيلين تحت امرهم ) والمقصود هنا ان اسرائيل تمتلك التقنية والتكنولوجيا ودول الخليج تمتلك القدرات الماديه ومصر والاردن والعراق تمتلك القدرة العددية والبشرية فلما لايتم دمج كل هذه القوى فى تحالف لتفض امريكا يدها من الشرق الاوسط وتتفرغ لمواجهة الصين فى جنوب شرق اسيا واليابان وتايلاند وكوريا الجنوبية والتصدى لروسيا كي لا تتوسع فى دول البلطيق وايضا تحقق هدف دمج اسرائيل فى المحيط العربى وانهاء الصراع العربى الاسرائيلى للابد وان تصبح ( اسرائيل ) اكبر ممثل للقوة والهيمنه الامريكية فى المنطقة بغض النظر عن ان اسرائيل غير مؤهله للقيام بهذا الدور .

 

وبالرغم من عدم وفاء بايدن بوعوده الانتخابية تجاه الشعب الفلسطينى بدءاً من حل الدولتين الى اعادة فتح القنصلية الامريكية فى القدس الشرقية الذى رفضته اسرائيل بحجه انه غير قانونى بعد اعتراف ادارة ( ترامب ) بالقدس عاصمة لاسرائيل الا انه قام بزياره خاطفه للقدس بمفرده ليبعث برساله انه مستقل والتقى الرئيس الفلسطينى ( محمود عباس ) وكان واضحاً ان الجانب الفلسطينى حريص على علاقته مع الجانب الامريكى برغم خيبات الامل المتكرره وفى المؤتمر الصحفى اكد الرئيس ابو مازن لبايدن ان حل الدولتين على اساس 67 قد يكون متاح الان ولايضمن ماذا سيجرى فى المستقبل الا ان ( بايدن ) رد عليه رداً يعبر عن موقفه السياسى النابع من سياسات امريكية متعاقبه بأن تحقيق السلام ليس متاح الان ولكن لن يسمح لليأس والقنوط برسم المستقبل وعندما يكون الطرفان مستعدان ( الطرف الاسرائيلى والطرف الفلسطينى ) سوف يتم جمعهما فى مفاوضات سلام وتحدث عن المساعدات الامريكية الماليه لتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين والدعم المادى للقطاع الصحى واعادة دعم منظمه الانروا وكأنه يقول هذا كل مالدينا ولا تفكروا فى المزيد..

ثم كان ختام الجوله حيث توجه بايدن الى جدة محملاً باحلامه وبالرسائل الاسرائيلية للقاء قادة دول الخليج +3 ( مصر والاردن والعراق ) حيث كانت القمة العربية الامريكية او قمة جده للامن والتنمية التى لم تكن مجرد قمة عادية بل كانت من وجهة نظرى تسطر لبدء عهد جديد من الشراكه الاستراتيجية بين الدول العربية وامريكا وتشكل منعطفاً جديداً من العلاقات العربية الامريكية فـ بايدن جاء الى قمة جده ليقول نحن موجودين امريكا ستقدم الامن والاستقرار مقابل النفط والغاز ولكن دول الخليج تريد ما هو اكثر من ذلك تريد شراكة استراتيجية امنية عسكرية اقتصادية مع شريك موثوق فيه تريد تحقيق الامن الاستراتيجيى اما معادلة الامن مقابل النفط معادله عفى عليها الزمن كما اكدت ذلك السفيرة السعوديه فى واشنطن الاميرة ( ريم بنت بندر ال سعود ) فى مقالها فى صحيفة بوليتيكوا.

 

بايدن ايضاً كان يظن ان الطريق بات ممهداً لتوسيع الدور الاسرائيلى وانه سيقوم بمهمة اندماج اسرائيل فى العالم العربى بحجة انه سيساعد الفلسطينين فى فتح افق جديد ومساعده انهاء الاحتلال وحل الدولتين بسلام ضمن تحالفات امنية او سياسية وهى فى الواقع اضرار بالقضية الفلسطينية لان الهدف والنوايا الحقيقية تحقيق سلام اقتصادى اي ازدهار اقتصادى لاسرائيل التى تريد الذهاب لنقطة ابعد والحصول على عقود صفقات بالمليارات ليس من اجل الحفاظ على امن المنطقة ولا محاربة الارهاب وحتى التصدى للتهديات الايرانية لذا اصطدم الرئيس الامريكى بالرد العربى الموحد والتمسك بالمبادرة العربية التى اعلنها ( الملك عبد الله بن عبد العزيز ) فى القمة العربية ببيروت 2002 وهناك نقطة اخرى ان التطبيع او الدمج او اياً كان المسمى له الياته فهو سياسى اجتماعى اقتصادى وليس امنى فقط.

 

لذا سوف يصطدم بالرفض الشعبى لان الدمج بمعنى ان تصبح اسرائيل جزء طبيعى من المنطقهوتفرض على دول المنطقة تحالف سياسى واقتصادى كاملا من الصعب بل من المستحيل اقناع الشارع العربى به فى ظل ماتقوم به إسرائيل من ممارسات ضد الشباب الفلسطينى واستمرار القمع والاحتلال والانتهاكات المستمرة ولان الصراحه هى عنوان السياسة الخارجية السعوديه فقد نفى الامير ( فيصل بن فرحان ) وزير خارجية السعودى مناقشة اى تعاون تقنى او عسكرى مع اسرائيل لاقبل قمة جده ولا اثنائها كما نفى مايسمى بالنيتو العربى الذى تردد كثيراً قبل القمة.

 

ان اكثر ما ابهرنى فى قمة جده هو التوافق العربى الذى لم يأت من فراغ بل هو نتاج تناغم وتنسيق مستمر طيلة الوقت بين الدول الخليجية ومصر والاردن والعراق ونتيجة تطابق وجهات النظر فى كل مايتعلق بالأمن القومى العربى والرؤية الموحده للمصالح العربية  ومفهوم الشراكة العربية الامريكية.

 

تحية لكل القاده العرب الذين انتصروا للقضية الفلسطينية واعادوها الى بؤرة الاهتمام العربى وللبيان الختامى الذى لم يستثنى اى دوله عربية شقيقه تمر بازمه فتحدث عن سوريا وليبيا ولبنان واليمن واكد على دعم واستقرار العراق الشقيق ودعم حقوق مصر المائية ومواصلة الحرب على الارهاب وكأن ما جرى فى جده كان ايضا بمثابة قمة عربية مصغرة.

اتمنى ان تفهم اسرائيل الرد العربى جيداً وان تعي ان امامها طريق طويل وثمن لابد ان تدفعه وحقوق فلسطينية تسترد اولاً كى يتم الترحيب بها فى العالم العربى لن تحصل إسرائيل على التطبيع او الدمج مجاناً مهما اتخذت من اساليب ومارست من ضغوط خاصة وقد رأت على ارض الواقع احلامها واحلام بايدن التى تبخرت فى قمة جدة.