الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما لم يستطعه الأوائل| محمد بن سلمان..إجابة السعودية عن سؤال لم يطرحه أحد

صدى البلد

بينما كان الشرق الأوسط يتطلع إلى الحكومات الغربية حيث يتولى الشباب المناصب القيادية وتتفجر طاقاتهم في سبيل رفعة أوطانهم، ولم يكن هناك أحداً يتوقع أن نرى في بلادنا العربية تجربة مثيلة قريباً، قبل أن تمنحنا الظروف فرصة لنرى تجربة الأمير محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودي.

أكمل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الأربعاء 31 أغسطس، عامه الـ37، أصغر ولي عهد في تاريخ المملكة العربية السعودية سناً.

في 29 أبريل 2015، صدر الأمر الملكي باختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد، وسط حالة من الاندهاش إقليميا ودولياً تجاه الخطوة غير المسبوقة و"السابقة"، ووسط ترقب لما قد يبليه هذا الشاب، كان السؤال:"هل هو مؤهل للقيام بمهام هذا المنصب الثقيل في مثل هذه الدولة العظمى؟".

الحقيقة الواضحة، أن الأمير محمد بن سلمان أبلى ما يتجاوز هذا السؤال والإجابة عنه، بل كان إجابة لسؤال لم يخطر ببال، سؤال عن ثورة تغيير وجه المملكة وقيادتها نحو المستقبل.

كيف غير الأمير الشاب وجه المملكة؟

أظهر الأمير محمد بن سلمان منذ ولايته عهد المملكة عقلية منتفحة نفضت غبار الفكر الرجعي والمتشدد عن المملكة، وهي مهمة لم يكن من المتخيل أن يجرؤ أحداً عليها، فتحدي الخطأ الشائع هي مهمة الشقاء، حيث لن يغفر لك صوابك ولن يحميك من التشكيك والتشنيع، لكن القائد الثابت لا يلتفت ويمضي في طريقه من أجل شعبه.

كتب الأمير محمد بن سلمان التاريخ عندما شهدت ولاية عهده السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة ودخولها الملاعب الرياضية من ثم تأسيس هيئة الترفيه.

كانت دائما توجهاته واضحة بكلمات قاطعة، حين وصف "التشدد الديني" بالدخيل على المجتمع السعودي، وأنه لا مكان لإهدار حقوق المرأة وفقاً لأفهام مغلوطة عن الإسلام، حيث ألغت المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز نظام الولاية على المرأة في 2016.

وقال الأمير محمد بن سلمان لمجلة ذا أتلانتيك:"قبل العام 1979 كانت هناك عادات اجتماعية أكثر مرونة، ولم تكن هناك قوانين للولاية في السعودية". في إشارة منه إلى سلسلة تشريعات متفرّقة لم تأخذ صفة القانون جرى العمل بها منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين حدّت من حقوق المرأة السعودية باعتبارها قاصرًا بحاجة إلى ولي أمر.

كان بن سلمان مدركاً بفهم حقيقي لما يقوده من تغيير، مدركا للتحدي ومدركا لماهية الإسلام، حيث وصف من يعارضون مشروع "الصحوة الإسلامية" واختلاط الجنسين في العمل بـ«التطرّف»، قائلًا:"هؤلاء المتطرفون «يخالفون ما كان عليه الرسول والخلفاء الراشدون"، وألمح إلى قرب السماح للمرأة السعودية بعدم ارتداء "العباءة السوداء"، قائلًا: "لا يوجد نص شرعي يوجب أن تكون العباءة سوداء أو الحجاب أسودًا".

وجاء قرار  منح التراخيص لفتح دور للسينما في السعودية بعد أربعين سنة من المنع، إضافة إلى قرار إنشاء الهيئة العامة للترفيه في السعودية

كذلك، في سياق الانفتاح، أسست في فبراير 2020، هيئات ثقافية متعددة لتهتم من جانب بالموروث الثقافي السعودي حيث تعمل على حفظه ونشره على الصعيد الوطني والإقليمي والعالمي بعد أن كان مغيبًا في ظل التشدد الذي كان يُخيم على الأجواء في المملكة ومن جانب آخر لتؤسس قطاعات ثقافية للمساهمة في التنويع الاقتصادي، ومن هذه الهيئات: هيئة التراث، وهيئة المتاحف، وهيئة الأفلام، وهيئة الموسيقى، وهيئة المكتبات.

كل هذا يشير إلى شاب يمتلك نهجاً فكرياً حقيقياً واستراتيجية ترى المسقبل بوضوح، يعلم كيف يذهب إليه حاملا إرث بلاده وتاريخها.

اقتصاد جديد لـ السعودية

تعد أبرز مشاريع ولي العهد الشاب خطة "رؤية السعودية 2030" التي تهدف إلى جعل الاقتصاد السعودي يرتكز على الاستثمار، بالإضافة إلى عدم اعتماده على النفط كدخل أساسي ووحيد، إذ وعد بإنهاء علاقة ارتهان الدولة السعودية بالنفط والتي وصفها بـ"الإدمان".

تتزامن الرؤية مع التاريخ المحدّد لإعلان الانتهاء من تسليم ثمانين مشروعًا حكوميًا عملاقًا، يكلّف أقل واحد بينهما ما يعادل أربعة مليارات ريال.

يهدف محمد بن سلمان من خلال هذه الخطة، والبرامج المتصلة بها، إلى زيادة الإيرادات غير النفطية السعودية ستة أضعاف من نحو 43.5 مليار دولار سنويًا إلى 267 مليار دولار سنويًا. إضافة إلى زيادة حصة الصادرات غير النفطية السعودية من 16% من الناتج المحلي السعودي (في 2016) إلى 50% من الناتج المحلي السعودي (في 2030).

وكذلك مشروع "نيوم" العملاق، أرض الفرص والأحلام، التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان في أكتوبر 2017، والتي يطمح لان تكون بمثابة عاصمة تجارية واقتصادية عالمية تمثل روح العصر المرتبط بالذكاء الاصطناعي. يقع مشروع "نيوم" شمال غرب السعودية على مساحة ست وعشرين ألفًا وخمسمائة كيلومتر مربع بالاشتراك مع كلٍّ من مصر والأردن.

كل ما ذكر غيض من فيض، فهي مجرد أمثلة للاستشهاد بها على أن الأمير الشاب يملك شيئا يتجاوز الشباب وحماسته، بل يملك كذلك الرؤية وما تتطلبه قيادة التغيير- الذي لابد منه-  من صفات ومتطلبات لابد منها.