الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحديد سقف لأسعار النفط الروسي .. هل يمكن هزيمة بوتين بسلاحه الأقوى؟

النفط الروسي
النفط الروسي

خرج وزراء مالية مجموعة السبع بقرار تحديد سقف لأسعار النفط الروسي، خلال اجتماعهم الافتراضي اليوم الجمعة، في محاولة لتقليل عوائد النفط المتدفقة إلى الخزانة الروسية دون التأثير على كميات النفط المعروضة في الأسواق العالمية.

ولطالما حذرت موسكو من تحديد سقف لأسعار النفط الروسي، مؤكدة أنها خطوة غير قابلة للتطبيق عمليًا، فضلًا عن امتلاك موسكو أدوات ووسائل للرد على أي دولة تلتزم بقرار تحديد سقف لأسعار النفط الروسي.

واليوم، جدد نائب وزير رئيس الوزراء الروسي لشئون الطاقة ألكسندر نوفاك التحذير من أن تحديد سقف لأسعار النفط الروسي من شأنه زعزعة استقرار أسواق النفط، مؤكدًا أن روسيا ستتوقف عن بيع نفطها لأي دولة تمتثل لهذا القرار.

تحديد سقف لأسعار النفط الروسي.. ما الدافع؟

وفقًا لوكالة "بلومبرج" الأمريكية، فمنذ بدأ الحلفاء الغربيون وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا التوقف عن شراء النفط الروسي في إطار العقوبات المفروضة على موسكو، لم يبد أن هذه الخطوة قد سببت لروسيا الألم الكافي كي تعيد النظر في حربها مع أوكرانيا.

وأوضحت الوكالة أن دولًا أخرى مثل الصين والهند لا تزال تشتري النفط الروسي، كما أن ارتفاع أسعار النفط نتيجة التهافت على شرائه من منتجين آخرين قد عوض الخزانة الروسية عن عقود الشراء التي فسختها دول الولايات المتحدة وبريطانيا.

وهنا خطرت لخصوم روسيا فكرة إجبارها على بيع نفطها بأسعار رخيصة، بحيث تفقد عوائده الضخمة المتدفقة على خزانتها، ومن ثم تعجز عن مواصلة تمويل حربها في أوكرانيا، ومن ناحية أخرى فمن شأن هذه الخطوة كبح ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، لأن المنتجين الآخرين سيضطرون لخفض الأسعار كي لا يتحول المشترين إلى شراء النفط الروسي.

ماذا يعني تحديد سقف لأسعار النفط الروسي؟

أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا في وقت سابق التوقف تمامًا عن شراء النفط الروسي، ويخطط الاتحاد الأوروبي للتوقف عن شراء شحنات النفط الروسي المنقولة بحرًا بحلول ديسمبر المقبل، والتوقف عن شراء المشتقات النفطية الروسية في أوائل العام المقبل.

وفي خطوة إضافية، أعلنت مجموعة السبع اليوم تحديد سقف لأسعار النفط الروسي، وسيتمتع مشترو النفط الذين يلتزمون بسقف السعر بتسهيلات تأمينية وتمويلية من الاتحاد الأوروبي لمساعدتهم على شراء احتياجاتهم من النفط.

وينص اقتراح طُرح خلال قمة مجموعة السبع في ألمانيا في يونيو الماضي على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي المشحون على متن ناقلات بحرية، أما ما يمكن دول مجموعة السبع من تحقيق ذلك فهو قدرتها على حظر عمليات التأمين على تسليم شحنات النفط الروسي المنقولة بحرًا.

تُغطى 95% من ناقلات النفط في العالم بعقود تأمين مع شركات تابعة للمجموعة الدولية للحماية والتعويض التي تتخذ من لندن مقرًا لها، أو شركات تأمين أخرى مقارها الأساسية في دول أوروبية، ومن ثم يمكن للحكومات السماح لمشتري النفط بالتفاوض لشراء النفط الروسي والحصول على استثناء من الحظر على تأمين شحناته البحرية، ولكن بشرط التزام هؤلاء المشترين بسقف السعر.

تحديد سقف لأسعار النفط الروسي.. العقبات والنتائج

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا أن دول الغرب تعاني من العقوبات المفروضة عى روسي أكثر من روسيا نفسها، كما أن ارتفاع أسعار الصادرات الروسية من السلع الأساسية ساهم في زيادة الإيرادات التي ساعدت موسكو على تحمل آثار العقوبات.

ويأمل داعمي تحديد سقف لأسعار النفط الروسي قريب من تكلفة إنتاجه أن يكون بمثابة ضربة موجهة إلى إيرادات الخزانة الروسية دون أن يقلل ذلك من كميات النفط المعروضة في الأسواق العالمية، وفي الوقت ذاته يساهم ذلك في خفض أسعار النفط عالميًا وتخفيف أعباء فاتورة الطاقة عن كاهل المستهلكين.

لكن تحديد سقف لأسعار النفط الروسي لا يمكن أن ينجح دون إجماع الدول الأوروبية، التي تعتمد على روسيا لتلبية معظم احتياجاتها من النفط والغاز، على الالتزام بالسقف المحدد، ولذا قد يجد الاتحاد الأوروبي نفسه مجبرًا على إعادة النظر في النص القانوني لحزمة العقوبات الأخيرة المفروضة على روسيا، والتي تشمل حظرًا على تأمين شحنات النفط الروسي.

لقد استغرقت حزمة العقوبات الأوروبية الأخيرة ضد روسيا أسابيع عدة كي توافق عليها جميع دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، وخضعت نصوصها الأصلية لتعديلات كثيرة في سبيل تأمين الإجماع عليها من الدول الأعضاء.

وأعلنت المجر، أوثق أعضاء الاتحاد الأوروبي صلة بروسيا، أنها ستعارض تحديد سقف لأسعار النفط الروسي. وحتى إن اتفق الحلفاء الغربيون على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي من حيث المبدأ ثم اختلفوا فيما بينهم على المدة التي يسري خلالها، فمن شأن ذلك إكساب بوتين نصرًا رمزيًا.

وبجانب ذلك، ليس هناك ما يضمن أن تقبل روسيا بيع نفطها بأسعار تحت السقف المحدد، وبالذات إن كانت قريبة من تكلفة إنتاجه، وقد يفكر الكرملين في أنه إن حجب النفط الروسي عن الأسواق العالمية لفترة فسيؤدي ذلك إلى قفزات عالية في أسعار النفط، وسيرتب أعباء ثقيلة على ميزانيات الدول وكاهل المستهلكين، الأمر الذي سيضر بالولايات المتحدة ودول أوروبا أكثر مما يضر روسيا.

هل يلتزم زبائن النفط الروسي بسقف السعر؟

إن تحديد سقف لأسعار النفط الروسي قد يكون مفيدًا للدول التي تشتري كميات ضخمة منه مثل الصين والهند، لكن هناك اعتبارات أخرى تدخل في حسابات بكين ونيودلهي، مثل علاقاتهما الوثيقة مع موسكو، ولذ فقد تقبل الصين والهند المخاطرة بشراء النفط الروسي دون تغطيات تأمينية كافية، وترفضان الخضوع لأي إملاءات بشأن معاملاتهما التجارية، وخاصة في سلعة ضرورية كالنفط.

ومع ذلك، يمكن للدول التي يُرجح أنها لن تلتزم بالسقف المحدد لأسعار النفط الروسي استغلال هذا التحديد للتفاوض مع موسكو على شراء النفط بأسعار أعلى من السقف المحدد ولكنها أقل من الأسعار العالمية.

أما روسيا من جانبها، فقد أعلنت مرارًا أنها لن تبيع النفط لأي دولة تفرض سقفًا لسعر النفط، وأنها ستوجه نفطها إلى أسواق بديلة، كما أنها بدأت الاعتماد على الشركة الوطنية الروسية لإعادة التأمين لتقديم حلول تأمينية بديلة لتلك التي تعرضها المجموعة الدولية للحماية والتعويض، وإن لم يكن معروفًا بعد ما إذا كان مشترو النفط الروسي سيقبلون شراء شحناته المؤمّن عليها من جانب الشركة الروسية.