الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده.. تفاصيل أزمة فريد الأطرش مع أم كلثوم

فريد الأطرش
فريد الأطرش

عرف مشوار الملحن فـريـد الأطرش الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده بالصعوبة، وكان طريقا طويلا مملوء بالدموع والآهات، ودائم القلق على فنه، وعرف بالعناد الشديد حتى لو أضر بنفسه، وشبهه أصدقاؤه بالمثل الدرزي المشهور «عنزة ولو طارت»، وحكاية هذا المثل معروفة عند اللبنانيين والسوريين.

وحسب كتاب «فريد الأطرش واسمهان» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تمنى فريد الأطرش التلحين لصوت سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وعندما فاتح عبد الوهاب في هذا الرأي أجابه: «فريد.. طباعك وطباع أم كلثوم لا تتمشى معا، لا بد أن يتنازل واحد منكما عن طباعه، فأنت لا تقبل أي تعديل في الحانك، وثومة.. تغير.. وتغير .. وتغيرا».

وكانت أم كلثوم تحترم فريد وفنه، فلم يكن بينهما أي خلاف، واختلفت الآراء وتضاربت، إلا أن الأغلبية اتفقوا أن البداية كـانت في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، حول أغنية «وردة من دمنا» للأخطل الصغير، بينما أضافت كاميليا ابنة أسمهان أن خالها كان بصدد تلحين أغنية «كلمة عتاب ياحب» شعر أحمد شفيق كامل لأم كلثوم أيضا قبل وفاته، ورحل فريد تاركا لحنه على العود، ليكمله بليغ حمدى وتغنيه وردة.

وجاءت في رواية لأم كلثوم: أنها طلبت من فريد أن يلحن لها أغنية تصلح لأدائها في إحدى حفلاتها إلا أن فريد رفض، واعتبر هذا الطلب من أم كلثوم إهانة له وتقليلاً من شأنه، وأصر أن تغنى وتسجل أولا أغنية «وردة من دمنا» على أن يقدم لها بعد ذلك أغنية تغنيها في حفل من حفلاتها كانت هذه هي شخصية فريد، الاعتزاز بنفسه، كما كان عنيدا في تعامله مع الآخرين فلم يتفقا، وأسدل الستار على فكرة غناء أم كلثوم لأغنية من ألحان فريد الأطرش والمحاولة الثانية ذكرها الشاعر أحمد شفيق كامل في قصته: أنه عندما كان يعمل مـستشارا تجاريا في السـفارة المصرية بالسعودية، التقى بالسيدة أم كلثوم التي كانت تقوم بأداء عمرة وقال لها: لدى كلمات تصلح أن تعطيها لفريد الأطرش ليلحنها لك فقالت: سمعنی.

وأسمعتها «كلمة عتاب يا حب بتدور عليك» فوافقت على أن أعطيها ألحانه لفريد، وكانت فرحته كبيرة عندما أبلغته خبر استعداد أم كلثوم لغناء ألحانه.

لحن فريد الأغنية، وكان الوسيط بينهما عازف الكمان الأول بفرقة أم كلثوم أحمد الحفناوي: حددت أم كلثوم موعدا للاستماع إلى الأغنية، فحمل فريد عوده وتوجه إلى فيلا أم كلثوم في شارع أبو الفدا، واسمعها اللحن وكان في مقام التهاوند على الصبا. وبمجرد أن انتهى من عزفه، فاجأته أم كلثوم بقولها: «يا ريت يا فريد كنت عملت اللحن من مقام الكرد»، فاحتضن فريد عوده وهم بالخروج من الغرفة وهو يقول في عصبية : «أنا الملحن.. أنا الذي أحدد الأغنية من مقام إيه.. وليه .. وإزاى!».

وخرج فريد وهو يتحسر على وفاة شقيقته أسمهان، فلو أنها على قيد الحياة لما اتجه الى أية مطربة سواها.

عن لقاء حنجرة أم كلثوم وألحان فريد قال عبد الوهاب: «المشاريع كانت كثيرة .. والأحلام أكثر، ولكن لا شيء تحقق .. لماذا؟».

فريد الأطرش كان موهوبا وواثقا من نفسه ثقة كبيرة، فاللحن في يده كان لا يستغرق أكثر من دقائق معدودة.. كان عندما يلحن لا يدخل على لحنه أي تعديل.. مهما كان..!! ولا يضيع وقته في الوسوسة عملا بالمثل القائل: ليس في الإمكان أبدع مما كان.

هكذا كان فريد، لا مناقشة، ولا تراجع، ولا مراجعة، ولا تصويب، أما أم كلثوم فهي المناقشة بعينها، هي الدقة، هي قمة الوسوسة، هي الاقتناع الكامل بكل حرف في الكلمة، وفي الجملة الموسيقية .

كم رفضت من أغاني وألحان، لأن المؤلف رفض تغيير كلمة واحدة، وكم رفضت من ألحان لأن الملحن رفض النزول لإرادتها.