الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"ذا ديبلومات": تولي إندونيسيا رئاسة "آسيان" العام المقبل يُنعش الآمال لإنهاء أزمة ميانمار

صدى البلد

  / رأت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية، المتخصصة في الشئون الآسيوية، أن تولي إندونيسيا لرئاسة رابطة الآسيان العام المقبل 2023 أحيت الآمال بشأن إنهاء أزمة ميانمار؛ نظرا لاعتبارها واحدة من أقوى وأكبر دول الرابطة، إلا أن الحل الحقيقي يكمن في تعيين مبعوث خاص لميانمار دون الاعتماد على التناوب الدوري لرئاسة الرابطة.
وأشارت المجلة إلى أنه في فترة ما بعد الانقلاب العسكري في ميانمار، تحاول كل دولة خلال رئاستها لرابطة "آسيان" أن تدعو وتحث على إحراز بعض التقدم في خطة السلام المكونة من خمس نقاط، قبل أن تنقل العبء على عاتق الدولة رئيس الدورة التي تليها، وقد فعلت سلطنة بروناى ذلك في عام 2021، كما فعلت كمبوديا الأمر نفسه هذا العام، وقريبا سيحل دور إندونيسيا في عام 2023، وبحسب المجلة، فإنه مع ابتعاد القوى العظمى العالمية عن هذا المستنقع، فإن أزمة ميانمار تعود مرة أخرى إلى أيدي الآسيان للتأكيد على مركزيتها ومسئوليتها في التعامل مع هذه الأزمة .
وأوضحت "ذا ديبلومات" أنه رغم كل جهود الرابطة، فإنها لم تحقق سوى القليل من الإنجازات الملموسة، مضيفة أنه عندما جرى الإعلان عن خطة السلام في أبريل 2021، كانت هناك آمال مبكرة في إمكانية تغيير اتجاه الانحدار الفوضوي لميانمار نحو صراع، لكن على الفور تراجع زعيم المجلس العسكري، مين أونج هلاينج، عن التزاماته وضاعف جهوده في القضاء على خصومه بالقوة، لكن عاد التفاؤل الحذر مرة أخرى بعد تعيين الدبلوماسية السنغافورية المخضرمة، نويلين هايزر، كمبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ميانمار، والتي قدمت إلى الآسيان إمكانات تحقيق انفراجة في الأزمة بالتعاون معها، كما أثارت زيارة رئيس الوزراء الكمبودي، هون سين، إلى ميانمار في يناير الماضي أحاديث حول التحولات المحتملة، إلا أنه حتى الآن تلاشت هذه الجهود أمام الاستفزازات الباردة والنقد الشديد والسخط من أطراف الصراع في ميانمار.
لكن بالنظر إلى مكانة إندونيسيا باعتبارها "الأخ الأكبر" في رابطة الآسيان، ورحلتها الإصلاحية، فمن المؤكد أن جاكرتا ستمارس الضغوط وتصعد اللوم على المجلس العسكري في ميانمار خلال رئاستها للرابطة العام المقبل، وبحسب المجلة، فإن إندونيسيا اقترحت بالفعل توسيع الحظر المفروض على مسئولي المجلس العسكري، وفي المقابل يحث النشطاء الآن إندونيسيا على الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية الموازية، على أمل تمهيد الطريق لمساعدات عسكرية كبيرة تمكنهم من مواجهة الانقلاب العسكري، وتشير اللغة المتغيرة في قرار قادة الآسيان الأخيرة بشأن خطة السلام ذات الخمس نقاط إلى أن الآسيان تتخذ نهجا أكثر مرونة مع تشديد نسبي للهجة الخطابات ضد المجلس العسكري.
وعلى الرغم من التدفق المستمر للنقد والتقارير التي تفيد بأن المجلس العسكري على وشك الانهيار، إلا أن الحرب الأهلية في ميانمار حاليا ليس لها نتيجة متوقعة، ومع ذلك فإن البلاد في حاجة إلى رؤية مدى فعالية اتباع نهج أكثر صرامة في وقف إراقة الدماء، خاصة وأن كل من المجلس العسكري وحكومة الوحدة الوطنية يعتقد أنه قادر على إلحاق الهزيمة بالجانب الآخر عسكريا، بل ويدعي كلا المعسكرين أنهما "يفوزان" على الأرض، حتى مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين وتزايد الضغط على المواطنين من جميع الأطراف، لكن الحقيقة أن الخطابات العلنية الصادرة عن كلا المعسكرين تحوي إشارات ضمنية على الحاجة إلى إعادة تقييم الوضع.
وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أن حكومات الدول الأعضاء في رابطة الآسيان تعتقد، على الأرجح، أن المجلس العسكري لا يزال له اليد العليا في الصراع وأن أي قراءة خاطئة من جانب الآسيان للأوضاع في ميانمار قد تحرم المجموعة من أي دور يمكن أن تلعبه، والأسوأ من ذلك أنه قد يمهد الطريق عن غير قصد أمام أطراف خارجية لزيادة تقويض وحدة الآسيان وسط التوترات الجيوسياسية المتزايدة، لافتة إلى أن تهديدات الآسيان بالاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية تعكس حاجتها للضغط على المجلس العسكري للوفاء بالتزاماته.
وشبهت المجلة رابطة الآسيان بشخص يديه مُقيدتين عند التفاعل مع المعسكرين المتصارعين في ميانمار. وأضافت أن المجموعة تستثمر انخراطها في الصراع كوسيلة للتخفيف من حدة التصعيد، بينما يتعامل المعسكران المتصارعان مع الاعتراف بهما من قبل الآسيان باعتباره خطوة ستساعد كل طرف على كسب الصراع.
وعن خيارات الآسيان في التعامل مع المجلس العسكري لميانمار، أوضحت "ذا ديبلومات" أن قوى الانقلاب تبنت بالفعل أيدولوجية الانعزال، لذلك فإن أي تهديدات بالعزلة لن تجبرها على التراجع، موضحة أن العزلة كانت هي القاعدة التي نشأ بموجبها كبار المسئولين العسكريين في ميانمار خلال دكتاتورية الجنرال ني وين، الذي رفض الانضمام إلى الآسيان عام 1967، وفي المقابل فإن التهديد بالطرد من الآسيان قد يأتي بنتائج عكسية وقد ينسحب المجلس العسكري بسعادة من الآسيان، مما ينزع عنها أي نفوذ على الإطلاق على ميانمار.
وترى المجلة أن رابطة دول جنوب شرق آسيا ما زالت المنصة الوحيدة التي يمكن للأطراف المتحاربة في ميانمار التعامل معها، لكن التعامل مع فصيل واحد فقط من الأطراف المتنازعة، سواء كان المجلس العسكري أو المقاومة، لن يحقق أي أهداف، لذلك ينبغي أن ينصب التركيز الرئيسي لأي تفاعل مع أي من الجانبين على تهدئة العنف وتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية.
وشددت على أنه لا ينبغي أن تنحصر خيارات الآسيان في الاعتراف بطرف واحد فقط من أطراف الصراع والتعامل معه دون الآخر، بل ينبغي تعيين مبعوث خاص للرابطة، غير مرتبط بتداول الرئاسة السنوية للمجموعة، من أجل هذه الأزمة؛ الأمر الذي من شأنه المساعدة في تقديم حراك ما أكثر واقعية.