وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا اتفاق سلام في العاصمة الأمريكية واشنطن، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وبحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، فيما يُتوقع أن يلتقي الطرفان لاحقًا بالرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وسبق لترامب أن وصف الاتفاق بأنه "معاهدة رائعة"، رغم أن تفاصيل التنفيذ لا تزال غامضة.

سلام بلا ضمانات
الاتفاق يهدف إلى إنهاء صراع دموي عمره ثلاثة عقود، تفاقم منذ عام 2021 بعد الهجوم الكبير الذي شنته حركة "M23" المسلحة.
ورغم أن الاتفاق ينص على نزع سلاح هذه الحركة وتفكيكها، إلا أنه يفتقر إلى آليات واضحة لتنفيذ ذلك على الأرض، ما يثير الشكوك حول مدى صموده في مواجهة واقع ميداني معقد.

أصواتٌ عديدة، بينها الخبير السياسي يوفن مويا، حذرت من أن الاتفاق قد يكون هشًا إذا لم تُظهر الحكومتان التزامًا جديًا بالتنفيذ.
كما أشار توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى غياب أي التزامات صريحة بحماية المدنيين، وخاصة من العنف الجنسي الذي استُخدم كسلاح حرب من قبل جماعات مسلحة.
مقاربة اقتصادية مثيرة للجدل
الوثيقة تتضمن إشارات إلى "إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي"، ما فسره مراقبون بأنه صفقة اقتصادية بامتياز تهدف إلى فتح موارد المنطقة المعدنية الغنية، لا سيما الكوبالت والذهب، أمام الاستثمار الأمريكي، في ظل سعي واشنطن لمنافسة النفوذ الصيني المتزايد في إفريقيا.
هذا البعد "الترانزاكشيوني" (القائم على المصالح المتبادلة) أثار مخاوف من أن يكون الاتفاق مجرد هدنة مؤقتة مقابل مكاسب اقتصادية، دون معالجة الجذور الاجتماعية والإنسانية للنزاع، خاصة قضايا اللاجئين والنازحين الذين يعيشون أوضاعًا إنسانية كارثية.
تغييب إفريقي وتحديات في الأفق
رغم البعد الإقليمي للصراع، غابت عن الاتفاق جهات إفريقية محورية مثل جماعة شرق إفريقيا (EAC) ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (SADC)، التي سبق أن لعبت أدوارًا جوهرية في محاولات سابقة للحل.

ويُعد هذا التغييب مؤشراً على إعادة رسم موازين النفوذ الإقليمي والدولي في القارة الإفريقية.
ويشكل الاتفاق بين رواندا والكونغو انفراجة سياسية واعدة، لكنه يظل حتى اللحظة أقرب إلى إعلان نوايا من كونه تسوية حقيقية. وبين الطموح الأمريكي في إفريقيا والتحديات الإنسانية على الأرض، يبدو أن نجاح هذا الاتفاق سيُختبر في ساحات التنفيذ لا في قاعات التوقيع.
مصر ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا
أعربت جمهورية مصر العربية عن ترحيبها بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا، والذي تم التوصل إليه برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وجرى توقيعه رسميًا في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الجمعة الموافق 27 يونيو 2025.
واعتبرت مصر أن الاتفاق يشكل خطوة محورية نحو إنهاء الأزمة الممتدة في شرق الكونغو، مشيدة بما يمثله من تقدم نوعي في جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، شددت القاهرة على أن تحقيق السلم والأمن في القارة الإفريقية يتطلب إرادة سياسية صادقة والتزامًا جماعيًا بتنفيذ الاتفاقيات ومتابعة مخرجاتها. وأكدت أن الالتزام الجاد ببنود اتفاق واشنطن من شأنه أن يضمن استدامة السلام ويضع حدًا للصراعات المتكررة التي أرهقت شعوب المنطقة.
وجددت مصر دعمها الكامل لكافة المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تسوية النزاعات في إفريقيا من خلال الحلول السلمية واحترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الاتحاد الإفريقي، معتبرة أن ذلك يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي على حد سواء.
كما أعربت مصر عن استعدادها للمساهمة في أي جهد إفريقي أو دولي يُعزز تنفيذ الاتفاق، سواء عبر آليات مراقبة أو دعم لوجستي أو سياسي، في إطار حرصها الدائم على ترسيخ السلم والتنمية في القارة الإفريقية، التي تُعد ركيزة أساسية في السياسة الخارجية المصرية.