رمضان في السنغال.. موسم للتصالح وإنهاء الخصام ورعاية الأسر الفقيرة

لكل بلد عاداته وتقاليده المتوارثة عن الأجداد والآباء والتي يحرص على إحيائها والالتزام بها، وهذا ما يجعل شهر رمضان له في كل بلد طعم مميز ورونق خاص.. وفي السطور التالية نتجول معًا في دولة السنغال لننقل صورة سريعة عن الاحتفالات الرمضانية التي تقام في هذه الدولة التي تقع في غرب القارة السمراء.
يبدأ السنغاليون في الاستعداد لاستقبال شهر رمضان منذ أواخر شهر شعبان المبارك، ويكون ذلك عن طريق تزيين الشوارع بالأنوار، وكذلك تزيين المحال التجارية والمساجد والعمل على إنارتها ونظافتها.
كما يحرص المسلمون في السنغال في بداية شهر رمضان الكريم من كل عام على عادة مهمة لديهم وهي تعد من أهم مظاهر احتفالاتهم بهذا الشهر المبارك، حيث يقوم كل مسلم بزيارة أي شخص كان بينه وبينه أي سوء تفاهم أو خصام بغرض مصالحته وإرضائه وكسب وده واستعادة ثقته، فيطلبون من بعضهم البعض الغفران والسماح مع بداية هذا الشهر الكريم.. وهكذا يستقبل مسلمو السنغال رمضان بصفحة بيضاء.
وتحمل كل أسرة مسلمة قادرة في السنغال على عاتقها مسؤولية أسرة مسلمة فقيرة، حيث تعتني وتهتم بها وتعمل على إمدادها بكل ما تحتاج إليه وكل ما تريده من غذاء وملبس، هذا بخلاف ما تقدمه لها من صدقة أو زكاة فطر وتكون مسؤولة عنها مسؤولية تامة خلال هذا الشهر الكريم.
ويواظب أهالي السنغال في شهررمضان على عادة الذهاب إلى المساجد والمكوث بها لفترة طويلة لأداء الصلاة في أوقاتها والإكثار من الاستغفار والاستماع إلى قراءة القرآن الكريم وتلاوته وأيضًا التعرف على السيرة النبوية الشريفة، وفي الساحات العامة والشوارع تقام الصلوات الخمس، وكذلك صلاة التراويح التي تؤدى بعد صلاة العشاء ويحرص على أدائها كل مسلم في شتى بقاع الأرض خلال شهر رمضان.
أما بالنسبة لمائدة الإفطار في رمضان فيحرص المسلمون في السنغال على تناول التمر والماء في بداية الإفطار، ثم يبدؤون في تناول وجبة الإفطار الأولى بعد صلاة المغرب، وتسمَّى (اللاخ) وهي عبارة عن نوع من الحلوى المصنوعة تتكون من الدقيق المطبوخ من اللبن والسمن والسكر، وهي تشبه إلى حدٍّ كبير حلوى (سدّ الحنك) التي تعرف بمصر وشمال أفريقيا.
وتعد الوجبة الرئيسة والأساسية للإفطار عندهم تلك التي تلي صلاة العشاء، وتكون مكوَّنة من الأرز والسمك، وتعتبر هذه الوجبة هي عماد الأطباق التي يتناولونها على مدار العام.
ومن الجدير بالذكر أن الشعب السنغالي يتنوع في إعداد وطبخ الأسماك والابتكار في طرق طهيها، وذلك لكون صيد الأسماك والزراعة أبرز الأنشطة الاقتصادية هناك.
«المسجد الكبير»
يعد من أكبر المساجد في أفريقيا، يبلغ طول منارته 83 مترًا، يوجد فيه ضريح الشيخ أحمد بامبا –مؤسس المريدية- وأربعة من كبار الخلفاء الذين تعاقبوا على قيادة الحركة، ويصطف زوار المسجد بصفوف طويلة منذ الصباح الباكر وعلى مدار ثلاثة أيام للدخول إليه وأداء طقوس الزيارة، ومن الأمور المهمة التي يجب فعلها قبل الدخول إلى المسجد خلع النعلين، وهناك من يخلعهما وهو حتى في الشارع المحيط، وإن لم يفعل ذلك فيجد عند المدخل أحد المنظمين يطلب منه خلعهما وآخر عند النساء يطلب منهن وضع غطاء للرأس قبل الدخول أيضاً.
وعندما يدخل المريد إلى المسجد يقوم بترديد بعض الأدعية والأوراد الخاصة بالطريقة، بالإضافة إلى قصائد الشيخ أحمد بامبا التي تدور كل موضوعاتها حول مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم.