الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القارة الأفريقية سنوات من المعاناة.. تكالب عليها الاستعمار وسرق مقدراتها| قراءة تاريخية

القارة الافريقية
القارة الافريقية

انطلقت أعمال  القمة الأمريكية الإفريقية الثلاثاء، بالعاصمة واشنطن، بمشاركة وحضور أكثر من 50 قائدا وزعيما أفريقيا من بينهم الرئيس عبدالفتاح السيسي.

القمة الأمريكية الأفريقية 

وتناقش القمة ملفات متعددة، من بينها تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي للقارة السمراء، والتحديات الأمنية والسياسية للاقتصاد العالمي، فضلًا عن ملفات الاستثمار، والديمقراطية والحوكمة، وأزمات التغير المناخي والصحة والأمن، وتبادل الخبرات العلمية، وذلك وفق برنامج القمة الوارد في منشور رسمي للبيت الأبيض.

وخضعت القارة الإفريقية خلال الثلث الأخير من القرن الـ 19 ومطلع القرن الـ 20 لاجتياح كاسح من قبل الامبريالية الأوربية التي عملت على استغلالها طبيعيا وبشريا، مما خلف انعكاسات اقتصادية واجتماعية.

وكانت القارة الإفريقية مطمع لقوى  الاستعمار الغربي لسنوات طوال نظرا لما تتمتع به من موارد طبيعية حابها الله بها دون غيرها من القارات، كالأراضي الصالحة للزراعة والمياه والنفط والغاز الطبيعي والمعادن وغيرها كثير، إضافة إلى القوى البشرية الهائلة.

حالة الثراء والغناء بالموارد الطبيعية جعلت القوى الاستعمارية تتهافت وتتكالب على القارة الإفريقية وتسلب مقدراتها، وتتركها فريسة للفقر والجوع والمرض والنزاعات والإرهاب، وغيرها من آفات ساهمت في معاناة شعوبها وتخلفها وتباطأ فرض التنمية داخلها وتثقيل كاهلها بالهموم.

وصدر كتاب في عام 2015 للصحفي توم بورجيس وعنوانه الأصلي هو "آلة النهب: أسياد الحرب، الأوليجارشيون والشركات والمهربون، وسرقة ثروات إفريقيا" في 368 صفحة.

وقدم الكتاب شهادات موثقة حول سرقة الثروات الطبيعية لإفريقيا بواسطة الشركات الضخمة المتعددة الجنسية، وبعض الذين زرعهم الاستعمار الأوروبي قبل رحيله بعد أن لقنهم أساليب النهب والسلب وطرق التآمر على شعوبهم، وبث الفتن والحروب الأهلية بينهم وبين أبناء الدولة الواحدة، بل والقبيلة الواحدة، حتى يستمر نزيف الدم الأفريقي، وينشغل أبناء القارة بحروبهم وضحاياهم عما يجري من استنزاف لثرواتهم.

التجارة في النفط والغاز

وأشار الكتاب إلى أن التجارة في النفط والغاز، والأحجار الكريمة والمعادن النادرة، أشاعت الفوضى الكبيرة في إفريقيا، فخلال السنوات التي طوّرت فيها البرازيل والهند والصين وغيرها من "الأسواق الناشئة" اقتصاداتها، ظلت الدول الإفريقية الغنية بالموارد مقيّدة بسلسلة الإمدادات الصناعية، وعانت أزمات سياسية وصراعات عرقية.

وحسب الكتاب في الوقت الذي تمثل إفريقيا نحو 30 في المئة من احتياطات العالم من النفط والغاز والمعادن، و14 في المئة من سكان العالم، بلغت حصتها من التصنيع العالمي في عام 2011 – كما كانت في عام 2000 – واحداً في المئة.

وتحدث مؤلف الكتاب عن الأمراض التي أصابت القارة خلال السنوات العشر الأخيرة مثل الإرهاب والمتطرفين أدعياء الإسلام الذين يزرعون أحقادهم ويبثون سمومهم، ويقتلون النساء والأطفال ويغلقون المدارس والمستشفيات، ويشعلون نيران الكراهية بين أبناء الوطن الواحد والقبيلة الواحدة، مثل الإخوان المسلمين في الشمال وبوكو حرام في الجنوب، وداعش، الذي نشر سمومه في الشرق الأوسط ويتجه مؤخراً إلى القارة الإفريقية.

وسرد الكاتب آراء الباحثين الذين يرون أن أفريقيا رغم الاستقلال يتصورون أن بصمات تجارة العبيد الأفارقة يمكن قياسها في الدول التي كانت فيها تلك التجارة مزدهرة، واصفين أن الدول التي انتعشت فيها هذه التجارة هي الآن الأقل نمواً والأكثر اضطرابا وتخلفا.

ويرى باحثون أن الأسباب تنحصر في عدد من العوامل الخارجية مثل مساندة الدول الأوروبية القوية للحكومات الدكتاتورية التي كانت تقهر شعوبها خلال سنوات الحرب الباردة، والسياسات الاقتصادية التي فرضتها على الأفارقة في الثمانينات المؤسسات المالية الغربية والتي طالبتهم بعدم الاستثمار في التعليم والصحة وبقية الخدمات التي هي ضرورية للمواطن الإفريقي.

وفي هذا الصدد تقول الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة فى الشؤون الإفريقية، إن الاستعمار في شكله التقليدي الذي بدأ بموجب  اتفاقية برلين، والذي قسم الدول الأفريقية بين القوى الاستعمارية سبب رئيسي في تخلف القارة، وأدى إلى انقطاع التطور الطبيعي للنمو السياسي والاقتصادي والتنموي في القارة الإفريقية، كما أنه خلق نظم سياسية مغايرة للدول الأفريقية.

نزوح الموارد الطبيعية 

وأضافت "الطويل" - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، إن الاستعمار كان سببا كبيرا في نزوح الموارد الطبيعية من القارة، حيث استفادت منها دول أخرى وبنت منها إمبراطوريات كإمبراطورية بريطانيا العظمى، كما تم تقسيم الحدود بين الدول الأفريقية بشكل لا ينسجم مع الانقسامات القبلية والاختلافات الثقافية مما خلق نوعاً من الصراع المسلح الممتد بين الدول الأفريقية وبعضها البعض.

وأكدت أن الاستعمار عطل أشكال التطور الديمقراطي في أفريقيا، مشيرة إلى أنه كان هناك تنظيما برلمانيا في تونس انتهى عام 1907 مع وجود الاستعمار الفرنسي وتشكيل كيان بديل يكون بمثابة هيئة استشارية للفرنسيين.

ووصفت "الطويل" - مرحلة التحرر الوطني لأفريقيا بأنه "استقلال صوري" بسبب التدخلات الخارجية، حيث تم ربط اقتصاديات بعض الدول الأفريقية بالدول المستعمرة.

ولفت الخبيرة فى الشؤون الإفريقية، إلى أن هناك ما يسمى بالاستعمار المستتر، وهناك شركات أجنبية عابرة للجنسية ساهمت في استنزاف الموارد الأفريقية عن طريق عوائد غير عادلة تعطل التصنيع في أفريقيا.

واختتمت: في تسعينيات القرن الماضي ومع فقر الدول الأفريقية أصبحت تحتاج لتمويل لمواجهة التحديات الداخلية التي تواجه القارة، وبالتالي تم فرض شروط غربية على الدول الأفريقية فيما يتعلق بإصلاحات الهياكل الاقتصادية، وبدأ التحول لـ"الخصخصة"، مما سبب أزمات كبيرة مثل أزمة دارفور، وأزمة التصحر والإرهاب، ووجود شركات أجنبية كثيرة  تمول المنظمات الإرهابية.