الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأبوة التائهة

آية عبد الرؤوف
آية عبد الرؤوف

العديد من الآباء لا يدركون أهمية تواجدهم معنويا ونفسيا بجانب أطفالهم وتحديدا الفتيات، فلم يتوقع الأب ما تجنيه بناته نتيجة أفعاله وأفكاره وتصرفاته داخل الأسرة، يتخذ الرجل قرار بالزواج والإنجاب دون التفكير لو للحظات في ثمار ذلك.

 

الفتاة كائن رقيق المشاعر ضعيف القلب و صاحب إحساس عالي تبحث دائما عن الدفء والعطاء والحنان، تبحث أيضاً عن القوة والأمان ومصدر الثقة والاحترام والطاقة لها، نرى العديد من سيدات المجتمع ومن الناجحات وممن حققن العديد من الإنجازات ولكن لم نرى ما بداخلهم فتتعرض المرأة إلى كثير من التحديات الداخلية النفسية نتيجة تواجدها في أسرة بها خلافات قد تظهر عادية ولكنها تترك أثراً سلبياً ويصل إلى الدمار النفسي والمعنوي في بعض الأحيان، فينقسم الآباء في مجتمعنا إلى عدة أقسام لم نجد منها من يهتم بابنته والاقتراب منها والتواجد معها في تفاصيلها إلا قليلا وقد يكون منعدما في كثير من الأحيان.

 

لم أنكر أن الشباب قد تتأثر أيضا ولكن لم يكن ذلك بنفس القدر الذي تتعرض له الفتاة من انكسار ووحده وفقدان الشعور بالأمان والثقة والحنان والدفء، ولكن في النهاية الطرفان يتعرضان لضرر نفسي خطير يشوه تصرفاتهم الشاب بعدم مراعاة ضميره تجاه الفتاة والبنت التي تكون مذبذبة واختياراتها خاطئة.

 

وينقسم الآباء إلى من تطحنه الحياة ما بين عملين وأكثر لتكفية الاحتياجات المادية لأسرته، وبين جاهل لا يعلم قيمة تواجده بجانب القلب الضعيف الذي أتى به إلى هذا العالم المخيف، ومنهم من يبحث عن نفسه فقط وإرضاء ما يتمناه ويبحث عنه سواء مع أصدقاء أو صديقات أو غيره من الأمور الخاصة به والتي تسعده، ومنهم من يحب ويخاف لدرجة القسوة، ومنهم من يحب ويدلل ويعطي حرية كاملة دون رقابة، وأخيراً وليس آخرا من ترك مسؤوليته تجاه أسرته وفر هاربا فهو لم يتخلى عن واجباته المادية فقط بل يدمر أساس الأسرة ويشتتها داخلياً وخارجياً.

 

وفي جميع حالات تخلي الآباء عن مسؤولياتهم لم تجد البنت الضعيفة ضلعها القوي الذي يرشدها ويعطيها ما تحتاج إليه من حنان ودفء وقوة تجعلها ثابته أمام ألاعيب قد تتعرض لها أو الدخول في علاقات فاشلة وغير صحيحة سواء عاطفية أو غيرها من اختيارات في حياتها أبسطها أصدقاء غير صالحين ويجعلها تسير بخطى غير ثابتة تجاه مستقبلها فهي تبحث عن الأب المفقود بين جميع الرجال بأي شكل ولكن من الصعب الكذب أو ممارسة الألاعيب تجاه فتاة حظت على القدر الكافي من العطاء الأبوي.

 

أوجه رسالتي اليوم إلى كل رجل قرر بناء أسرة وحياة وإنجاب فتاة إلى هذا العالم أن يسأل نفسه قبل القدوم على هذه الخطوة التي يراها بسيطة وعادية وطبيعية، هل أنا على استعداد لتحمل هذه المسؤولية أم لا؟ هل استطيع حماية ابنتي مما ستتعرض له؟ هل استطيع تحقيق الاكتفاء لها في كل جوانب الحياة؟، وبعد أن تجيب على هذه الأسئلة التي قد تبدو لك بسيطة اتخذ قرارك وتحمل مسؤوليتك تجاهه، وأتمنى أن تضاف مادة دراسية في المدارس والجامعات عن الحياة الاجتماعية والأسرية لمعالجة الانهيار الأسري الذي يتعرض له المجتمع من زيادة حالات الطلاق وعدم التوافق والاختيارات الخاطئة التي تنتج عنها أبناء وأجيال مشوهة نفسيا.