الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسرائيل في أدغال أفريقيا.. القصة الكاملة لأزمة طرد وفد الاحتلال من قمة الاتحاد| الحصاد المر لعقدين من الزمن

الاتحاد الأفريقي
الاتحاد الأفريقي

 

- مسئول أفريقي يعترف بتوجيه دعوة لسفير إسرائيل بالإتحاد ورئيس المفوضية يقول لم نرسل شيئا

-التحقيق في دخول المسئولة الإسرائيلية بدون دعوة والشبهات تحوم حول أثيوبيا كمنظم للحدث

-إسرائيل حصلت على صفة المراقب بـ2021 وعلق بـ2022 والقرار النهائي يحسمه 7 زعماء

- رئيسها افتتح السفارة بتل أبيب ومسئولها أصدر منح صفة المراقب .. هذا دور تشاد بالأزمة

- خلال عقدين من الزمن تحولت إسرائيل من المنبوذة بأفريقيا إلى معترف بها من 44 دولة

 

من ظن أن ما حدث داخل أروقة اجتماع الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا، هو عبارة عن أمر عارض نتيجة خطأ دبلوماسي، أو بطولة من دولة أو اثنين فرضا رأيهما على الاجتماع، فهو مخطئ، فيبدو أنه حان الآن حصاد غفلة عقدين من الزمن، وحالة الثبات التي يعاني منها الوطن العربي، فالأزمة كانت عاكسة لجولات الكيان الإسرائيلي داخل أدغال أفريقا، حتى استطاع ترويد أسودها.

 

هنا نرصد تفاصيل الأزمة، ونجيب على الأسئلة الحائرة، وكيف يسمح لشخص بالدخول لاجتماع رسمي وهو غير مدعو له، وما قصة حصول إسرائيل على صفة مراقب، ومن يحق له منح تلك الصفة، وهل كان لأثيوبيا دورا في تلك الأزمة، وما قصة تشاد وتأثيرها، وكيف كانت اللاعب الأساسي بالأزمة، والسؤال الأهم، ما هو حجم إسرائيل داخل القارة.

 

لحظة انفجار الأزمة كانت مع طرد دبلوماسية إسرائيلية 

 

البداية لانفجار تلك الأزمة أمام الرأي العام، كان مع تعرض دبلوماسية إسرائيلية للطرد من قمة لقادة دول الاتحاد الأفريقي في إثيوبيا، لأنها ليست الشخص المعتمد لتمثيل إسرائيل، وفي مقطع فيديو متداوَل عبر الإنترنت، تظهر الدبلوماسية الإسرائيلية شارون بار-لي بينما يجري إخراجها على يد حارس أمن من اجتماع الاتحاد الأفريقي.

ويظهر في الفيديو المتداول حارس أمن مقتربا من الوفد الإسرائيلي بينما يجري الحفل الافتتاحي للاجتماع السنوي، ثم يحدث نقاش مع حارس الأمن قبل أن تغادر معه بار-لي القاعة، وتشغل شارون بار-لي منصب نائب المدير العام للشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الإسرائيلية.

 

إسرائيل تتساءل .. لماذا الطرد والمسئولة تحمل شارة رسمية ؟

 

وهنا ووفقا للتفكير المنطقى، فالجميع يتفق مع السؤال الذي طرحته دولة الكيان الصهيوني، وهو لماذا يتم طرد المسئولة بوزارة الخارجية الإسرائيلية، وهي تحمل شارة رسمية عند دخولها للقاعة، فقد نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن المتحدث باسم الخارجية ليؤور هايات القول إن "إسرائيل تنظر بعين الجدّ إلى الحادث الذي شهد وقائع طرد السفيرة شارون بار-لي من قاعة الاتحاد الأفريقي رغم وضعها كمراقب معتمد ورغم أن معها شارات دخول".

 

وفي محاولة لإظهار الموقف كخطأ من دول تعادي إسرائيل وموقف عنترى، ألقى المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية باللائمة فيما وقع لسفيرة بلاده على كل من الجزائر وجنوب أفريقيا، قائلا إنهما فعلتا ذلك "بدافع من الكراهية"، وهنا التسائل يكون منطقيا وهو كيف دخلت بالفعل إلى القاعة إذا كانت لم تكن مدعوة بشكل رسمي؟

 

 

تضارب في تصريحات الإتحاد الأفريقي .. وشبهات حول دور أثيوبيا 

 

 

ولكن تسائل الكيان الصهيوني يجيب عليه التضارب في تصريحات المسئولين داخل الإتحاد الأفريقي، فوفقا لتصريحات مسؤول في الاتحاد الأفريقي نقلتها صحيفة bbc البريطانية، قال إن بار-لي طُلب إليها المغادرة لأنها لم تتلق دعوة للحضور، وإن الدعوة الوحيدة كانت قد وُجّهت للسفير الإسرائيلي لدى الاتحاد أليلي أدماسو، وهي دعوة لا يمكن تحويلها لشخص آخر لاستخدامها.

 

ولكن في تناقض مع تصريحات المسئول داخل الإتحاد، نفى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، تقديم دعوة للاحتلال الإسرائيلي لحضور القمة الأفريقية من الأساس، مضيفا أن طريقة دخول الوفد قيد التحقيق، وأن قبول الكيان عضوا مراقبا في الاتحاد معلق لحين بتّ لجنة السبعة التي شُكلت لهذا الغرض، وقال فكي في مؤتمر صحفي: “نحن نقوم بالتحقيقات الضرورية لأنها شخصية لا تقيم هنا وجاءت من إسرائيل، ولا يمكن أن يصل أحد إلى هنا إلا بدعوة من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ونحن لم ندعُ أيَّ مسؤول، ولاحظنا ما حدث وسنقوم بالتحقيق لتحديد المسؤوليات”، وتلك التصريحات تعد اتهام غير مباشر لأثيوبيا كونها هي الدولة المستضيفة للاجتماع.

 

تلك تفاصيل أزمة حصول إسرائيل على صفة المراقب 

 

 

وعن حقيقة حصول إسرائيل على صفة المراقب داخل الاتحاد وما مصير هذا القرار، أوضح رئيس المفوضية للاتحاد الأفريقي، أنه بالفعل تم منح إسرائيل صفة مراقب في 2021، ولكنن ناقشنا العام الماضي وضع إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي، وبعد هذه النقاشات المختلفة قرر المؤتمر تشكيل لجنة من رؤساء الدول بشأن هذه المسألة، وحسم استمرار إسرائيل بتلك الصفة،  وهذا يعني أن الوضع القانوني معلق حتى تفصل هذه اللجنة.

 

وهذا ما قالته المتحدثة باسم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي إيبا كالوندو، في نفيها توجيه أي دعوة أو ترخيص بحضور قمة الاتحاد في أديس أبابا، لممثلة الاحتلال الإسرائيلي، وقالت كالوندو ردّا على تغريدات لناشطين وصحفيين في تويتر:”لم يرخّص الاتحاد الإفريقي، ولم يوجّه دعوة للشخصية التي تمّ طردها من حضور قمة الاتحاد، أن ترشّح الاحتلال لنيل صفة العضو المراقب في الاتحاد الإفريقي، لم يفصل في شأنها بعد".

 

 

من الذي أعطى صفة مراقب لإسرائيل قبل تعليقها؟ وهل هو مخالف؟

 

 

إذا كيف تم منح إسرائيل تلك الصفة دون علم أعضاء الاتحاد الأفريقي، وبالبحث تبين أن من قام بإصدار هذا القرار، هو موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وهو دبلوماسي وسياسي تشادي، تولى منصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي 2017، وكان رئيس وزراء تشاد ما بين 2003، و2005، وقد قام بإصدار هذا القرار بصفته داخل الاتحاد في 2021، وهو ما وضحه في كلمته التي ألقاها العام الماضي عند الحديث عن تلك الأزمة.

 

وذكر التشادى فكي، أنه اتخذ القرار بصفته الممثل الشرعي للاتحاد، وأن عمله يتسق مع هذه الاعتبارات والشواغل، وأضاف : "أنني أصدرت القرار بناء على طلب من دول عديدة، وبعد تفكير عميق، وذلك بعد ان عرضته على المجلس التنفيذي في 14-15 اكتوبر 2021، عملا بالمعايير المقرة والمعروفة في سرت، ووفق صلاحيات الرئيس في مجال منح صفة المراقب لدولة غير افريقية".

 

 

تشاد وتقاربها مع إسرائيل .. وتلك مبررات رئيس المفوضية 

 

 

وبمراجعة حجم العلاقات بين دولة تشاد وإسرائل، تبين أن موقف مسئولها بالاتحاد الأفريقي يتوافق مع توجهات دولته، فالرئيس التشادي قام بنفسه بحضور احتفالية فتح سفارة لدولته داخل تل أبايب، هذا بخلاف حجم العلاقات بين البلدين على كافة الأوجه، وقد انعكست تلك العلاقات في كلمة ئيبس مفوضية الاتحاد الأفريقي لتبرير قراره بمنح إسرائيل صفة مراقب، حيث قال في كلمته المنشورة على صفحة الاتحاد الأفريقي، إن هناك أربعة عناصر أساسية اقنعتني بوجاهة قرار منح إسرائيل صفة مراقب، رغم أنني كنت شخصيا ولسنوات عديدة أعارض اعتراف بلدي التشاد بدولة اسرائيل.

 

وتابع: "العنصر الاول الذي اقمت عليه قراري فهو عدد الدول الاعضاء في الاتحاد الافريقي التي اعترفت بدولة اسرئيل، فالواقع يكشف أن 44 دولة – من أصل 55 دولة عضو بالاتحاد - عضو في منظمتنا تعترف باسرائيل و تقيم علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة، وأن هناك 17 دولة لديها سفارات بتل ابيب، و12 لديها قنصليات عامة، ناهيك عن ان عددا كبيرا منها فتحت اسواقا وفضاءات اقتصادية للشركات الاسرائيلية ووقعت على اتفاقات تعاون في مجالات متنوعة بل وحساسة".

وأكمل فيني: "العنصر الثاني الذي بنيت عليه قراري فهو عدد الدول الاعضاء التي طالبت صراحة بهذا الاعتماد، وفي الوقت الذي أتفهم ان ترفض دولة، من بين 11 دولة لا تعترف باسرائيل، منح صفة المراقب لهذه الاخيرة، غير أنه يصعب علي فهم انسجام هذا الرفض مع اعتراف دولة عضو باسرائيل، ايا كانت، و أن يرفرف علمها الوطني في قلب تل أبيب و يستقبل في عاصمتها علم اسرائيل، فما هو هذا المنطق الذي يسمح لدولة عضو بالتمتع باعتراف دوله لديها ورفض ذلك للمنظمة التي تعترف أغلبية أعضائها بهذه الدولة؟".