EN 
يعيش السودان أوضاعًا مضطربة على خلفية الاشتباكات الدامية المندلعة منذ السبت، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وميليشيا الدعم السريع بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو "حميدتي".
مصر والأزمة في السودان
وجاء الموقف المصري منذ الساعات الأولى من بدء الاشتباكات في السودان، متناغمًا مع الموقف الأممي، إذ ناشدت مصر الأطراف المتحاربة التوقف فورًا عن إطلاق النار وتغليب المصلحة العامة والحفاظ على أمن البلاد.
ولم يتوقف نشاط الخارجية المصرية منذ وقوع الأحداث؛ ففي اليوم الأول لاندلاع الاشتباكات، السبت 15 أبريل، صدر بيان يدعو "كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وإعلاء المصالح العليا للوطن".
وهاتف وزير الخارجية، سامح شكري نظيره السوداني للتعبير عن قلقه من استمرار اشتباكات، ولتأكيد الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسلامته.
ودعت القاهرة والرياض، بعد ساعات من توتر الأوضاع داخل الخرطوم، إلى عقد اجتماع طارئ في الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، وطالب مندوب مصر في الجامعة العربية عبيدة الدندراوي، خلال الاجتماع الذي عُقد الأحد 16 أبريل، جميع الأطراف السودانيين إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وتسوية النقاط الخلافية.
ومن جانبه، أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، عن قلقه من تطورات الموقف في السودان، مؤكداً خطورة التداعيات السلبية للأحداث على استقرار السودان، مطالباً الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار.
ومع عصر اليوم الثاني من اندلاع الأحداث، أعرب الرئيس السيسي ونظيره سلفا كير رئيس جنوب السودان، خلال اتصال هاتفي جمع بينهما، عن استعداد البلدين للقيام بالوساطة بين الأطراف السودانية، مؤكدين أن تصاعد العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة.
تعامل القاهرة مع الأزمة
وتحدث سامح شكري، الثلاثاء، حول التوترات المتصاعدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قائلاً إن مصر على اتصال مباشر مع الطرفين، للحثّ على ضبط النفس ووقف النشاط العسكري والعودة إلى الحوار.
وأكد شكري، خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إنه "كنا على اتصال دائم على مدار الساعة للدعوة إلى وقف إطلاق النار، ونأمل أن يصمد هذا الاتفاق مع الجانبين لوقف الأعمال العدائية لمدة 24 ساعة، ويفتتح المزيد من أبواب الاتصال التي يمكن أن تؤدي إلى حوار سلمي متجدد لحل هذا الوضع".
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت مصر تدعم الجيش السوداني، قال شكري: "علاقتنا مع السودان تاريخية وتقليدية مع جميع الكيانات السياسية المختلفة في السودان"، مشيرًا إلى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي حول طبيعة الصراع باعتباره "صراع داخلي"، لذلك فإن مصر تلتزم الحياد.
وأكد مجددًا: "نحن نتواصل مع كل مَن له تأثير في هذا الصراع سواء كان الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع، ونأمل أن يلتفتوا لنداءاتنا من أجل الهدوء وضبط النفس ووقف الأعمال العدائية".
وتلقى سامح شكري وزير الخارجية، الإثنين، اتصالا هاتفيا من نظيرته الفرنسية كاترين كولونا وزيرة خارجية فرنسا، وذلك للتشاور وتبادل التقييم بشأن التطورات الجارية في السودان.
وأعربت وزيرة خارجية فرنسا خلال الاتصال عن قلق بلادها العميق نتيجة المواجهات العسكرية الجارية وتأثيرها المتفاقم على أرواح وسلامة المدنيين.
شكري ونظيرته الفرنسية
واتفق الجانبان على ضرورة العمل من أجل التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار في أقرب وقت وحل الخلافات بين أطراف النزاع من خلال المفاوضات، بما يحقن دماء الشعب السوداني، ويعيد البلاد للمسار السياسي السلمي.
وأكد الجانبان خلال الاتصال على أهمية امتناع أي طرف خارجي عن التدخل في هذا النزاع بصورة تفاقم من حدته، وبما يسهم في استعادة السودان لأمنه واستقراره في أقرب وقت.
وحرص الوزير شكري، وفقاً لتصريحات المتحدث الرسمي، على إحاطة نظيرته الفرنسية بالجهود التي تبذلها مصر من اجل وقف النزاع الجاري، بما فى ذلك نتائج وتوصيات اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الأخير.
كما تلقى شكري اتصالاً هاتفياً يوم الثلاثاء، من وزير خارجية المملكة المتحدة "جميس" كليفرلى" بشأن تطورات الأزمة في السودان.
وأعرب الوزير البريطاني عن قلق بلاده البالغ من تطورات الأحداث في ظل ما تشير إليه كافة المؤشرات من تدهور كبير للأوضاع الأمنية، طالباً التعرف على تقييم الوزير سامح شكري لمجريات الأزمة.
وقام الوزير سامح شكرى باستعراض محصلة الاتصالات والتقييم المصري للوضع الراهن في السودان بشكل مفصل، منوهاً بأهمية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في أقرب وقت، كما شدد الوزير شكري على ضرورة التحدث مع الطرفين المتنازعين للاستماع لصوت العقل وحقن دماء الشعب السوداني الشقيق.
إسبانيا وأزمة السودان
وأكد شكري أيضاً على ضرورة التعامل مع النزاع القائم باعتباره شأن داخلي، وامتناع أي طرف خارجي عن التدخل بشكل يؤجج الصراع بالإضافة إلى أهمية تكامل جهود ومساعي الأطراف الدولية والإقليمية لاحتواء الأزمة. وقد اتفق الوزيران على استمرار التنسيق والتشاور خلال الفترة القادمة لمتابعة جهود احتواء الأزمة.
كما تلقى شكري اتصالاً هاتفياً يوم الأربعاء 19 أبريل، من وزير خارجية إسبانيا ”خوسيه مانويل ألباريس”، وأعرب الوزير الإسباني عن قلق بلاده البالغ من تداعيات المواجهات العسكرية الجارية، وتأثيرها على المدنيين من أبناء الشعب السوداني والجاليات الأجنبية المتواجدة هناك، معرباً عن تطلعه للتعرف على تقييم الوزير سامح شكري ورؤيته بشان تطورات الأحداث.
وتناول الوزير سامح شكري الجهود التي تبذلها مصر من خلال الاتصالات التي تجريها مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، مشدداً على أهمية العمل على استغلال فرصة اقتراب عيد الفطر المبارك من أجل وقف إطلاق النار وحقن دماء الشعب السوداني.
كما أكد وزير الخارجية على ضرورة امتناع أي طرف خارجي عن التدخل بشكل يفاقم من حدة الصراع، وبما يسهم في إنجاح جهود الوساطة الهادفة لإخراج السودان من هذا المأزق، وفي نهاية الإتصال، اتفق الجانبان على استمرار التنسيق والتشاور خلال الفترة القادمة.
كما أجرى شكري اتصالاً هاتفياً الأربعاء، مع وزير خارجية تشاد محمد صالح النضيف، بشأن تطورات الوضع في السودان.
وشهد الاتصال تبادل الطرفين وجهات النظر حول تطورات الازمة، حيث اتفقا بشأن ضرورة العمل على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار على وجه السرعة، بما يضع حداً للخسائر في الأرواح والممتلكات، ويحقن دماء الشعب السوداني الشقيق، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
مصر والخارجية الهولندية
وشدد شكري، على أهمية تكامل جهود ومساعي الأطراف الدولية والإقليمية لاحتواء الأزمة، مشيراً إلى ضرورة التعامل مع النزاع القائم باعتباره شأن داخلي، وامتناع أي طرف خارجي عن التدخل بشكل يعيق جهود الحل السلمي.
وتلقى سامح شكري اتصالاً هاتفياً اليوم الخميس، من وزير خارجية هولندا فوبكه هويكسترا؛ لتناول مستجدات الوضع فى السودان.
واستعرض شكري خلال الاتصال الجهود التي تبذلها مصر واتصالاتها مع مختلف الأطراف للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار، مشدداً على ضرورة الاستمرار فى تشجيع الأطراف السودانية على الاستماع لصوت العقل وحقن دماء الشعب السوداني من خلال تطبيق وقف فوري وسريع لإطلاق النار.
من جانبه، أعرب الوزير الهولندي عن تقدير بلاده للجهود التي تبذلها مصر من أجل وقف إطلاق النار في السودان، معرباً عن قلق بلاده العميق من تأثير العمليات العسكرية على المواطنين السودانيين والرعايا الأجانب المتواجدين هناك.
كما طلب الوزير الهولندي التنسيق مع مصر من أجل الإسهام في توفير الحماية للرعايا الهولنديين المتواجدين في السودان، وهو ما رحب به الوزير سامح شكري، حيث اتفق الجانبان على استمرار التنسيق والتشاور خلال القترة المقبلة.
كما تلقى شكري اتصالاً هاتفياً اليوم الخميس، من وزير خارجية الهند سوبراهمانيام جايشانكر؛ لتناول تطورات الأوضاع في السودان.
موقف الهند من السودان
وشهد الاتصال استعراض الجهود التي تقوم بها مصر من خلال اتصالاتها مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار.
وأوضح أن الوزير سامح شكري شدد على ضرورة تكامل الجهود وحث الأطراف السودانية على الوصول لهذا الهدف حفاظاً على أرواح وممتلكات الشعب السوداني الشقيق.
من جانبه، ثمن الوزير الهندي جهود الوساطة التي تضطلع بها مصر من أجل وقف إطلاق النار في السودان، مشيراً إلى قلق بلاده البالغ من تداعيات المواجهات العسكرية الجارية، وتأثيرها على المدنيين من أبناء الشعب السوداني والرعايا الأجانب المتواجدين هناك.
وأعرب عن تطلع الهند للتنسيق مع مصر من أجل المساهمة فى توفير الحماية لرعايا الهند المتواجدين في السودان، وهو ما رحب به الوزير سامح شكري، واتفق الجانبان على استمرار التنسيق والتشاور خلال الأيام القادمة.
ومن جانبه قال الدكتور فارس حامد، أستاذ العلاقات الدولية، إن مصر لديها سياسة واضحة في التعامل مع الأزمات الدولية والإقليمية، على اعتبار أن من أهم ثوابت السياسة الخارجية المصرية هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإٌقليمية.
وأضاف حامد في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه من ضمن الثوابت أيضا التأكيد على حفظ واستقرار الدولة العربية، خاصة دولة السودان الشقيقة، على اعتبار أنه ما يحدث بها اليوم يعد تأثيرا مباشرا على الأمن القومي المصري، وبالتالي هذه الكلمة تأتي لوضع النقاط على الحروف في الأقاويل التي تشير إلى أن مصر تتدخل في الشؤون الداخلية بالسودان من صراع مسلح بين طرفين وهو "شأن داخلي لا تسمح مصر بالتدخل به".
مصر تلعب دورا محوريا
وأشار حامد، إلى أن مصر تلعب دورا محوريا والعمل على حلحلة جميع القضايا العربية بشكل كبير، وذلك دورها التاريخي في دعم العمل العربي المشترك ودعم استقرار ووحدة الدول العربية، حيث أن مصر من أوائل الدول التي تحافظ على وحدة واستقرار الدولة السودانية، وبالتالي هذه الأقاويل "ليس لها أي أساس من الصحة".
واختتم حامد أن مصر تنأى بنفسها بعيدا عن التدخلات الخارجية في الشئون الداخلية للدولة السودانية، وهناك قوة إقليمية وخارجية معروفة بعينها تريد أن تجعل الدولة المصرية طرفا في هذا الصراع، على الرغم من تأكيد الرئيس السيسي أنها ليست طرفا في هذا الصراع.
