الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكشف عن كنز أثري جديد في مصر.. إيه القصة وكم يوفر دولارات؟

جانب من الاكتشافات
جانب من الاكتشافات

مرور آلاف السنين لم يكن كافيا كي تبوح منطقة سقارة بكل أسرارها وتكشف الأرض فيها عما بداخلها من كنوز وأثار تدل على عظمة وروعة وإبداع المصري القديم، فالاكتشافات الأثرية لا تتوقف يوما في هذا المكان، ويعلن عن جديد كل من حين إلى آخر.

كشف أثري جديد بسقارة

أعلن أحمد عيسى وزير السياحة والآثار في مؤتمر صحفي عالمي عن  كشف أثري جديد بمنطقة آثار سقارة، حيث نجحت البعثة الأثرية المصرية، في العثور لأول مرة على ورشتين تحنيط إحداهما آدمية والأخرى حيوانية، ومقبرتين وتماثيل أثرية، وذلك خلال استكمال أعمال حفائر البعثة بجبانة الحيوانات المقدسة (البوباسطيون) بمنطقة آثار سقارة، للعام السادس على التوالي.

حضر مراسم الإعلان عن الكشف اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، والدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، و47 سفيرا من الدول الأجنبية بالقاهرة وزوجاتهم، ومديري المعاهد الأجنبية بالقاهرة، وعدد من قيادات الوازرة، والمجلس الأعلى للآثار، وأكثر من 200 وكالة أنباء، وصحف مصرية، وعربية، وعالمية.

وتعتبر ورشة التحنيط الآدمية التي تم الكشف عنها عبارة عن مبنى مستطيل الشكل من الطوب اللبن، مقسم من الداخل إلى عدد من الحجرات والتي تحتوي على سريرين للتحنيط الآدمي، وتتراوح أبعاد السرير نحو مترين طول ومتر عرض و50 سم ارتفاع، وهو مكون من عدة كتل حجرية مغطى من أعلى بطبقة من الملاط بها ميول ينتهي بميزاب.

وتم الكشف داخل الورشة على عدد كبير من الأواني الفخارية، من بينها أواني على شكل إناء الحس منتشرة في جميع الحجرات، والتي ربما كان يتم استخدامها في عملية التحنيط.

كما تم الكشف عن بعض الأدوات والأواني الطقسية وكمية كبيرة من الكتان ومادة الراتينج الأسود المستخدمة في التحنيط، الأمر الذي يشير إلى أن عمليات التحنيط التي كانت تتم بتلك الورشة لأدميين.

أما عن ورشة التحنيط الحيوانية، فهي عبارة عن مبنى مستطيل الشكل مبني من الطوب اللبن يتوسطهما مدخل له أرضية من الحجر الجيري من الداخل مقسمة إلى عدد من الحجرات والصالات، حيث تم الكشف داخلها على عدد كبير من الأواني الفخارية وبعض الدفنات الحيوانية مختلفة الأشكال والأحجام ،كما عثر على بعض الأدوات الخاصة بالتحنيط الحيواني كالكتان وبعض الأدوات البرونزية.

تفاصيل الاكتشاف الأثري

وتحتوي الورشة على 5 أَسرة من الحجر الجيري، وهي غائرة في الأرضية ومختلفة نسبيا عن تلك الأسرة الموجودة في ورشة التحنيط الآدمية، كما تشير اللقى الأثرية التي تم الكشف عنها داخل هذه الورشة إلى أن الورشة كانت تستخدم على الأرجح في تحنيط الحيوانات المقدسة المرتبطة بالإلهة باستت.

كما نجحت البعثة في الكشف مقبرتين المقبرة الأولى لشخص يدعي "نى حسوت با"، وهو أحد موظفي عصر الدولة القديمة من الأسرة الخامسة (نحو 2400 ق. م)، ويحمل العديد من الألقاب الدينية والإدارية أهمها كبير عشرة الجنوب، مدير الكتبة، كاهن الاله حورس والالهة ماعت، والمسئول القانوني عن شق الترع والقنوات.

أما المقبرة الثانية، فهي لشخص يدعي "من خبر"، من عصر الدولة الحديثة من الأسرة 18 (1400 ق. م)، وكان يحمل لقب كاهن الإلهة قادش، وهي معبودة أجنبية من أصل كنعاني من منطقة سوريا كانت تعبد في مدينة قادش، وعبدت في مصر في عصر الأسرة 18، وكانت المعبودة الخاصة بالخصوبة، وسيدة نجوم السماء عظيمة السحر.

ومقبرة "ني حسوت با"، هي عبارة عن مصطبة مستطيلة الشكل، مدخل غرفة الدفن بها يقع في الركن الجنوبي الشرقي للمصطبة، يبدأ بواجهة حجرية منقوشة من الجانبين تحمل مناظر لصاحب المقبرة وزوجته "تب ام نفرت"، ويعلو الواجهة نصوص هيروغليفية تحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة وزوجته، وأسفل ذلك مناظر لحاملي القرابين.

ويؤدى المدخل إلى صالة عرضية أبعادها جدرانها مزينة بمناظر للحياة اليومية، والأحراش، والزراعة، وصيد الأسماك، وفي منتصف الجدار الغربي للصالة يوجد باب وهمى علي جانبيه مناظر جنائزية، وقوائم قرابين وذبح الأضاحي، ومناظر الحفلة الموسيقية.

والمقبرة الثانية وهي مقبرة صخرية أغلبها منحوت في الحافة الصخرية وبها جزء مبني من الحجر الجيري وهي تتكون من بوابة مبنية من الحجر الجيري عبارة عن كتفين وعتب منقوشين باسم والقاب لـصاحب المقبرة "من خبر" وزوجته وابنه، يلي ذلك صالة مربعة الشكل على جدرانها بقايا طبقة من البلاستر مرسوم عليها مناظر لصاحب المقبرة وزوجته جالسين أمام مائدة قرابين.

مقبرتان عامرتان بالكنوز

وقد عثرت البعثة على نيشة في الجدار الغربي من الناحية الشمالية يصل ارتفاعها إلى نحو 130 سم بعمق نحو 70 سم وعرض حوالى 50 سم، حيث عثر بداخلها على تمثال من الألباستر بحجم كبير بارتفاع حوالى متر، يصور التمثال لصاحب المقبرة جالس على كرسي ويرتدى باروكة شعر ويمسك بزهرة اللوتس بيده اليسرى على صدره.

كما أن اليد اليمنى مفرودة على فخذه الأيمن ويرتدى رداءً طويلًا يمتد حتى الساقين ونقش على صدره وكتفيه 4 خراطيش ملكية يقرأ منها: تحتمس الثالث والرابع، وعلى جسم التمثال 3 أسطر من الكتابة الهيروغليفية ملونه باللون الأزرق في وضع رأسي تحمل اسم وألقاب صاحب المقبرة، كما تم العثور على لوحة جنائزية من الحجر الجيري عليها نقوش، وأجزاء من بردية تحمل اسم صاحب المقبرة.

قال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة العاملة في سقارة، إن البعثة عثرت في الكشف الأثري الجديد على مقبرة "ني حسوت با' من الدولة القديمة وهو كبير الكهنة والمسؤول عن شق الطرق وتمهيدها - مسؤول المحليات - وبها مناظر للذبح والأضاحي وحفلة موسيقة.

ولفت إلى أن المقبرة صغيرة وليست كبيرة، مصيفا وكذلك عثرنا على ورشتين للتحنيط آدمية وحيوانية، وعلى مقبرة  أخرى لرجل يُدعى من "خبر رع" من الأسرة الحديثة.

من جانبه، قال الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن الورشتين المكتشفتين تعودان لأواخر عصر الأسرة 30 وبداية العصر البطلمي، كما تمكنت البعثة من كشف مقبرتين من عصري الدولتين القديمة والحديثة، وعدد من اللقى الأثرية.

وأشار إلى أن تلك الاكتشافات توضح أن سقارة كانت مكاناً مهماً الدفن عبر كل العصور المصرية القديمة إلى نهايات العصور اليونانية الرومانية، وأن اكتشاف تلك الورشة يؤكد أهمية الدفن للبشر والحيوانات في تلك العصور واستمرارية المعتقدات المصرية القديمة في تلك العصور.

سر الدفن بمقابر سقارة 

وأضاف عبدالبصير - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن اكتشاف المقابر يؤكد عظمة وأهمية منطقة سقارة كمكان لمقابر النبلاء في مصر القديمة عبر عصورها التاريخية العديدة، وكذلك تؤكد الاكتشافات عظمة الأثريين والمرممين المصريين والذين فاقوا في أعمالهم الأجانب وأننا أصحبنا ننقب عن آثارنا بأنفسنا بعد أن كنا نتعلم من الأجانب ونعمل مساعدين لهم.

وتابع: تشجع هذه الاكتشافات من السياحة الثقافية الوافدة لمصر وتجعل اسم مصر يتردد في كل مكان في العالم دون أن نتكلف دولارا واحدا للدعاية لمصر في القنوات والمواقع العالمية.

ونجحت البعثة في عام 2020، في الكشف أكثر من 100 تابوت خشبي مغلق بحالتهم الأولى من العصر المتأخر داخل آبار للدفن، و40 تمثالًا لإله جبانة سقارة بتاح سوكر بأجزاء مذهبة، و20 صندوقا خشبيا للإله حورس.

وقد تم تصنيف هذا الكشف كواحد ضمن أهم عشرة اكتشافات أثرية لعام 2020، والأكثر جذبا للأنظار طبقا لمجلة الآثار الأمريكية Archaeology magasine.

وتمكنت البعثة خلال موسم الحفائر في العام الماضي، من الكشف أول وأكبر خبيئة تماثيل برونزية بجبانة البوباسطيون بسقارة، تحوي على 150 تمثال برونزي لآلهة مصرية قديمة، بالإضافة إلى 250 تابوت خشبي ملون مغلق يحتوي على مومياوات.

ومن المقرر أن تستكمل البعثة أعمالها بالموقع خلال مواسم الحفائر القادمة في محاولة للكشف المزيد من خبايا وأسرار هذه المنطقة.