الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسرار التوجه إلى بيت الله الحرام .. علي جمعة يكشف عنها

بيت الله الحرام
بيت الله الحرام

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن من أسرار التوجه إلى بيت الله الحرام، إننا نتوجَّه في الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام الذى هو مَحَلُّ نَظَرِ اللهِ، فيه الصلاةُ بمائةِ أَلفِ صَلاةٍ، وفيه يُستَجابُ الدُّعاءُ ، مَن تَعَلَّقَ بأستارِه أو وَقَفَ عندَ ملتزمه فإنَّه يكونُ مُجابَ الدُّعاءِ، بَيتٌ النَّظَرُ إليه عِبادة، وهذه أسرارٌ لا يعرفُها غيرُ المسلمين. فغيرُ المسلمين يَعتَقِدُونَ أنَّها مُجَرَّدُ حِجارة، والمسلمُ يَنظُرُ إليها وفي ذِهنِه ما يُروى عن رسولِ الله ﷺ في شأنِ الكعبةِ: "النظر إلى الكعبة عبادة".

واستشهد علي جمعة، في منشور له ، بما ورد عن الحسنِ البَصرِيِّ رضى الله عنه -وهو مِن أئمّة التّابعين تَرَبّى في بَيتِ أمِّ سَلَمة رضي الله عنها-: (إنَّ صَدَقة دِرهَمٍ فيها بمائةِ أَلفٍ)، أي لو تَصَدَّقتَ وأنتَ في مَكّة فلَقِيتَ فَقِيرًا فأعطَيتَه شَيئًا فإنَّه يُحسَبُ لك بمائةِ ألفٍ، (وكذلك كلُّ حسنةٍ بمائةِ ألفٍ)، يعني عندما تُصَلِّي ركعتين فإنَّ أجرَهما يَعدِل أجرَ مائتى ألفِ رَكعة؛ ويُقالُ إنَّ السيئاتِ تَتَضاعَفُ بها كما تَتَضاعَفُ الحسناتُ؛ فلو أتَيتَ بسَيِّئة فإنَّها تُحسَبُ عليك بسَيِّئَتَينِ، سيئةٍ للذَّنبِ، وسيئةٍ لعَدَمِ احتِرامِكَ للمَكانِ.

وذكر علي جمعة، أن جمهور العلماءِ على أنَّ مكةَ أفضلُ مِنَ المدينةِ، وكثيرٌ مِنهم فَضَّلَ المدينةَ على مكةَ، وذلك للجوار الشريف، ولأنَّ النبيَّ مع حُبِّه لمكّة فإنَّه رجعَ مع الأنصارِ وقال: "كيف أنتم والناسُ يذهبون بغنائمِهم وتذهبون برسول الله" ، ففضَّلَ المدينةَ على مكةَ عَمَلاً وفِعلاً، حتى انتَقَلَ إلى جِوارِ الرَّفِيقِ الأَعلى فيها، فبُورِكَت به إلى يَومِ الدِّينِ.
 

وما بعدَ مكةَ بُقعة أفضَلَ مِن مدينةِ رسولِ الله، هكذا يقولُ الإمام الغزاليُّ، فالأعمالُ فيها أيضًا مُضاعفةٌ، قال رسول الله : "صلاةٌ في مَسجِدي هذا خَيرٌ مِن أَلفِ صلاةٍ فيما سِواه إلا المسجدَ الحرامَ) ؛ لأنَّ الحسنةَ فيه بمائةِ ألفٍ، وبعدَ مدينتِه في الفضل تأتي الأرضُ المُقَدَّسة: أي المَسجِدُ الأقصى، فرَّجَ اللهُ عنه وحَرَّرَه، فإنَّ الصلاةَ فيه بخَمسمائةِ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجدَ الحرامَ، وما بعدَ هذه البقاعِ الثلاثَ فالمواضعُ في الفضل مُتَساوِية إلا الثُّغُورَ؛ أي مدن الجهادَ في سبيلِ اللهِ، وأماكنَ صَدِّ العُدوانِ ورَفعِ الطُّغيانِ؛ فإنَّ المُقامَ بها للمُرابَطة فيه فَضلٌُ عظيمٌ. ولذلك قال ﷺ في شأنِ البَحثِ عن أفضَلِ الأماكنِ ومحاولةِ التِماسِ البَرَكة والثَّوابِ فيها: "لا تُشدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجد: المسجدِ الحرامِ ومسجدي هذا والمسجدِ الأقصى"، يَعنِي إذا أرَدتَ تَكثِيرَ الثَّوابِ فيجوز لكَ أن تَنتَقِلَ إلى هذه البلدانَ ابتِغاءَ الثَّوابِ؛ فالمساجد بعدَ المساجدِ الثلاثةِ إنَّما هي مُتَماثِلة في الثَّوابِ.
 

أسرارُ الوَقتُ

 

كما أن من أسرار الوقت ، أي دُخُولُ أَشهُرِ الحَجِّ، وهي شَوّال وذو القَعدة، وذو الحِجة، فعندما تُعلَنُ رُؤية هِلالِ شوال فقد دَخَلَ وَقتُ الحَجِّ؛ فيجوزُ للإنسانِ حينئذٍ أن يُحرِمَ بالحَجِّ، فلَو أَحرَمَ قَبلَ المغربِ مِن آخِرِ يَومٍ مِن رمضانَ، فلا حجّ له.

وقال بعضُ الصّالِحينَ: إذا تَقارَبَ الزَّمانُ يُسِّرَ على النّاسِ ثلاثةٌ لعلهم يَهتَبِلُونَها: الحَجُّ والعِلمُ والوِلاية. اهـ. ثلاثةُ أمورٍ تُيَسَّرُ: فالحجُّ بَدَلاً مِنَ استِغراقِه شُهُورًا حتى يَصِلَ الحاجُّ إلى مكةَ وهو يسيرُ راكِبًا الإبِلَ أصبَحَ الآنَ لا يَستَغرِقُ سِوى ساعاتٍ قليلةٍ، وأصبَحَ هناك الآن ما يُعرَفُ بـ"الحج السريع"؛ وفيه لا تستغرقُ رحلةُ الحجِّ كاملةً أكثرَ من ثلاثةِ أيامٍ، إذن فالاختِبارُ هو كَم مِنَ الحجيجِ يكونُ حجُّه مقبولاً، فيجبُ أن يكونَ قلبُك صافيًا وتُقاوِمَ نَفسَك وشَهَواتِك، وتُخلِصَ للهِ الدِّينَ؛ لأنَّه يَسَّرَ لك الحجَّ لهذه الدَّرَجة التي أفادَت جِسمَكَ لكِن ربما لم تُفِد نَفسَك وقَلبَك، ربما ثَقُلَت على نَفسِك لأنَّه يَجِبُ عليك أن تَحمَدَ اللهَ سبحانه وتعالى كثيرًا، فأوَّلُ آياتِ القرآن {الْحَمْدُ لِلَّهِ} أي أنَّ الأمرَ كُلَّه قائِمٌ على حَمدِ اللهِ تعالى على السَّراءِ والضَّرّاءِ وكافّة أمورِنا، أي إنَّ اللهَ مُستَوجِبٌ لكُلِّ حَمدٍ، وأنَّ كُلَّ الحَمدِ حَقِيقَتُه أنَّه للهِ، وعَلامة قَبُولِ الحجِّ أن تُخلِصَ للهِ في نَفسِك.