الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لورانس العرب.. أسطورة الشرق المسبب الأول للثورة العربية الكبرى

صدى البلد

يصادف في مثل هذا اليوم  16 أغسطس 1888 ميلاد لورنس العرب ( الجاسوس الناعم )، توماس إدوارد لورنس ، هو ضابط بريطاني نال شهرة كبيرة و خلد اسمه في التاريخ العربي بسبب مساعدته للقوات العربية خلال الثورة العربية الكبرى عام 1916 ضد الإمبراطورية العثمانية لأنه أدرك أنها الخطوة الأولى التي ستمكن بلاده من إحكام قبضتها على الدول العربية و قيام دولة لليهود بفلسطين ، و قد صُور عن حياته فيلم شهير حمل اسم "لورنس العرب" أنتج عام 1962م من بطولة النجم العالمي عمر الشريف و الممثل الإيرلندي بيتر أوتول.

بدا لورنس مولعًا بحضارة الشرق منذ البداية حتى أنه اقترح على استاذه العالم الأثري المعروف "هو غارت" أن يقوم بزيارة لمنطقة الشرق لأنها مشهورة بحضاراتها و حفرياتها ، و قام لورنس بالاعداد لرحلته بتعلم بعض قواعد اللغة العربية التي تساعده على التواصل مع الآخرين ، و تقدم لمدير الكلية الياسوعية بجامعة أكسفورد بطلب للاتصال بالسلطات التركية بهدف تزويده بكتاب تاريخي و أثري يسهل مهمته.

و عند اندلاع الحرب العالمية الأولى راحت كل من الدول الكبرى : فرنسا و بريطانيا و روسيا و ألمانيا تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة و التي منها : توسيع رقعة نفوذها و السيطرة على الأماكن الإستراتيجية و على منابع النفط ، لذلك أخذت بريطانيا ترسل عملاءها إلى المنطقة ، فاستدعت القيادة الإنكليزية أصحاب الخبرة في البلاد العربية و منهم "لورنس" الذي التحق بسلك المخابرات العسكرية ، و عندما دخلت تركيا الحرب ضد الإنجليز في أواخر عام 1913 عُيّن لورنس في القاهرة مشرفاً على شبكة للتجسس كان هو يختار أعضاءها بنفسه ، و لكي يقوم بوظيفته تلك على أكمل وجه تمّ إعداده ، فنُظِّمت مطالعاته لاسيما فيما يتعلّق بالتاريخ الحربي حتى يقال إنّه قرأ كل ما له علاقة بالفروسية و بحروب القرون الوسطى ، و قرأ حوالي 25 مجلّداً خاصاً بنابليون بونابرت.

طرد الأتراك

دخل لورنس العرب الجزيرة العربية و بالطبع كان الهدف الأساسي أمامه طرد الأتراك من الجزيرة العربية و هيمنة القوات البريطانية و التمهيد لمشروع الدولة اليهودية الذي صاغه ثيودور هرتزل ووعد به آرثر جيمس بلفور وزير خارجية إنجلترا في سنة 1917 فيما يعرف بوعد بلفور.

الثورة العربية الكبرى

و بمبادرة من الشريف حسين أمير مكة و بالتحالف مع الأمير فيصل و نوري السعيد بدأت الشرارة الأولى للثورة العربية الكبرى في الحجاز و التي كان من الأحرى تسميتها بالخديعة الكبرى ، و هي ثورة مسلحة قامت ضد الخلافة العثمانية ، و ذلك قبل فجر يوم التاسع من شعبان 1334هـ - الثاني من يونيو 1916 و امتدت الثورة ضد العثمانيين بعد إخراجهم من الحجاز حتى وصلت سوريا العثمانية ، و تم إسقاط الخلافة فيها، وفي العراق.

اتفق لورنس مع الأمير فيصل على تنفيذ خطة معده مسبقاً ، تقوم الخطة على تنفيذ هجوم من بلدة أريحا في الخامس من مايو 1918 و احتلال مدينة السلط و بلدة معان و تدمير خط السكك الحديدة جنوب عمان ، و قد أعد لورنس مع "نوري السعيد" القوات المتأهبة للحرب.

و قد شهدت هذه الحرب الكثير من المذابح التي يندى لها الجبين و التي راح ضحيتها الكثير من الأطفال و النساء دون أدنى احترام للعهود و المواثيق.

و هكذا نجح لورنس في مهمته التي جاء من أجلها و هي تحريض القبائل العربية و زعمائها ضد الدولة العثمانية و دفعها إلى التمرد عليها ، و بالفعل نجحت الثورة و انتهت بعد تنصيب فيصل ملكا على العراق و الأمير عبد الله ملكا على الأردن.

عاد لورنس إلى إنجلترا بعد أن أدى مهمته و التحق بعد ذلك تحت اسم مستعار بسلاح الجو الملكي ، و الواقع أنه عانى كثيرا من الضغط العصبي جراء الحياة الصعبة التي عاشها و خصوصاً بعد أن أصبح مطلوباً من العرب المعارضين لثورة الشريف حسين و انكشاف أنه عميل للمخابرات البريطانية و جاسوس.

صدر له عام 1922 كتاب "أعمدة الحكمة السبعة" ( بالإنجليزية : Seven Pillars of Wisdom ) ، وضع فيه لورنس خلاصة تجربته السياسة في إدارة أنظمة دول الشرق الأوسط بعد قيام الثورة العربية و سقوط الدولة العثمانية ، و يدور في مجمله حول تاريخ الجزيرة العربية.

و في عام 1934 تم إعفائه من سلاح الجو الملكي مما أدى إلى إصابته بانهيار عصبي و قضي لورنس بقية حياته في كوخ في شمال "بوفينجتون" ، و في عام 1935 توفي عن ستة و أربعين عاما بعد سقوطه من دراجته النارية التي كان يقودها بسرعة كبيرة في محيط مدينة اكسفورد و هو عائد إلى منزله بحادث قيل وقتها أنه مدبرا.

 دفن في مقبرة موريتون بعد تشييعه في جنازه مهيبه حضرها شخصيات سياسية و عسكرية مهمة و رموز للمجتمع البريطاني الأرستقراطي مثل ونستون شرشل ، لورد لويد ، ليدي آستور ، الجنرال وفل ، اغسطس جون و غيرهم.

و قد تم تشييد تمثال نصفي له أمام كاتدرائية القديس بول في لندن.