الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاعتدال وعدم التدخل بشؤون الغير.. 3 مبادئ حمت مصر من صراعات الجوار

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

تربط مصر والسودان، الذي يعاني من صراعات طاحنة هذه الأيام، علاقات شديدة الخصوصية ممتدة لمئات السنين، الأمر الذي جعل القاهرة تقف إلى جوار البلد الشقيق بقوة؛ كي يتجاوز أحزانه وأزماته في مرحلة فارقة من تاريخه السياسي.

الرئيس السيسي

سياسة التوازن والاعتدال

وكانت أول زيارة للرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2014، إلى السودان ضمن جولة شملت ثلاث دول، وأيضًا بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية عام 2018، توجه إلى السودان في أول زيارة خارجية يقوم بها.

وتحرص الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس السيسي ومنذ بدء الأزمة في السودان منتصف أبريل 2023، بسبب التوترات بين الجيش السوداني وميلشيا الدعم السريع، على اتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.

وتحدث الرئيس السيسي، خلال جولة تفقدية بالأكاديمية العسكرية المصرية، عن الأوضاع في المنطقة، قائلا: "زي ما بقول دائما مصر لها ثوابت في سياستها تتسم بأنها تكون عامل استقرار في محيطها، ومصر تتسم بالتوازن والاعتدال ولا نتدخل في شئون الآخرين، ونكون عامل إيجابي في حل الأزمات وهي كتير، دول الجوار عندنا والأشقاء في ليبيا والسودان، الأزمات دي لها تأثير علينا أيضا، بنحاول نكون عامل إيجابي لحل هذه الأزمات".

وأضاف الرئيس السيسي: "يمكن أنتو كنتوا متابعين خلال الفترة إللي فاتت مؤتمر دول الجوار، وكان الهدف منه بالتنسيق مع دول جوار السودان إننا نوجد مخرج أو حل سلمي لهذه الأزمة حتى تنتهي معاناة الأشقاء وتنتهي الأزمة السودانية خلال فترة قصيرة إن شاء الله، ده تقريبا ملخص الموقف، ودائما بقول اطمئنوا، مش عشان إحنا موجودين، لا، عشان أنتو موجودين، وقبلنا كلنا فيه ربنا موجود، وإحنا دائما بنقول إن ربنا مطلع وشاهد على إننا في بلدنا رغم الظروف الصعبة، حريصين ومُصرين على العمل والعمل بجد في كل القطاعات".

وثّمَّن السماني عوض الله، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع الحاكم نيوز السوداني، الدور المصري الإيجابي المتبع منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، حيث كان الرئيس السيسي على اتصال دائم مع دول الجوار لإيجاد حل لهذه الازمة باعتبار أن دول الجوار السوداني تؤثر وتتأثر بالأحداث في السودان، ونتجت هذه الاتصالات بعقد قمة دول الجوار السوداني في القاهرة، وأعقب ذلك تشكيل لجنة أو آلية لهذه القمة، وتم وضع خارطة طريق لحل الازمة في السودان تبنى على 3 محاور أساسية وهي وقف إطلاق النار والوضع الإنساني والعملية السياسية.

وأضاف الصحفي السوداني - خلال تصريحات لـ"صدى البلد" أن تصريحات الرئيس السيسي اليوم تأتي في إطار التحركات على المحاور الثلاثة التي أقرتها قمة دول الجوار السوداني، وهذه التحركات قد تقضي لإيجاد حل لمشكلة السودان والتي خلفت أوضاعا إنسانية صعبة للغاية، حيث ارتفعت الأسعار بصورة كبيرة للغاية، وكذلك انعدام المواد للغذائية في معظم ولايات السودان، لذلك التحرك المصري تحرك إيجابي.

ومن جهته، قال مكي المغربي الكاتب الصحفي السوداني، إن العلاقات المصرية السودانية أثبتت صمودها وعمقها، في الوقت الذي تهاوت فيه علاقات أخرى، مشيرا إلى أن مؤتمر دول الجوار السوداني الذي قادته مصر في تدشينه الأول، قد وضع الجهود الخارجية في المسار السليم، الذي يحترم الإرادة السودانية، والسيادة الوطنية، بينما كانن هناك مبادرات وتحركات قبله، ضد هذا التوجه.

وأضاف مكي المغربي، خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن الأزمة الإنسانية تفاقمت؛ بسبب الحرب ولكن لا بد من تشغيل الاقتصاد السوداني، لأن السودان أصلا بلد منتج ومصنع للغذاء، بل وحتى الأدوية، ووصل للاكتفاء الذاتي في سلع وأصناف مهمة جدا، ولا بد من أفكار جريئة لإعادة الحياة في المجالات التي تضررت في الخرطوم في ولايات اخرى، بمعنى تحويل الاستثمارات الى الولايات، ولا بد أن يشكل الفريق البرهان حكومة تصريف أعمال ويراجع أداء حكام الولايات ومدراء المحافظات، لأنه لا يمكن تدوير عجلة الاقتصاد السوداني دون حكومة مركزية وحكومات ولايات قدر التحدي.

مصر والسودان

احتواء الأزمة في السودان 

يذكر أنه منذ اندلاع التوترات في السودان في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، حدثت موجة من النزوح وترك آلاف السودانيين موطنهم واتجهوا إلى الدول المجاورة كملاذ آمن، حيث تسببت الاشتباكات في نزوح أكثر من مليوني نازح ولاجئ.

وقالت منظمة الهجرة الدولية في بيان صادر عنها في يوليو 2023، إن عدد النازحين وصل إلى نحو 3 ملايين شخص داخليًا وعبر الحدود بسبب الصراع في السودان، في أقل من ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى أكثر من 2.2 مليون نازح داخليًا، فر نحو 700 ألف آخرين إلى البلدان المجاورة، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة.

وأضافت منظمة الهجرة أن معظم النازحين في السودان فروا من ولاية الخرطوم 67% ودارفور 33%، نحو الولاية الشمالية 16% ونهر النيل 14% وغرب دارفور 7% والنيل الأبيض.

وتم ملاحظة تحركات نزوح عبر الحدود إلى مصر (40%) وتشاد (28%) وجنوب السودان (21%) وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى، حيث كان من بين ال 697،000 شخص الذين عبروا الحدود إلى الدول المجاورة، 65% سودانيون و35% يقدرون بأنهم عائدون ومواطنون من دول ثالثة، معظمهم في ظروف شديدة الخطورة.

وكان أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، قدم الشكر لمصر على استقبالها عشرات الآلاف من المواطنين السودانيين الوافدين عبر الحدود، مؤكدا استعداد الولايات المتحدة لتقديم الدعم اللازم لمصر؛ لتسهيل اضطلاعها بهذه المهمة.

كما وجه ماكس شوت، مدير مكتب المنسق الإقليمي للأمم المتحدة في مصر الشكر لما تتيحه مصر من لتسهيلات للنازحين، مشيدا بما وفرته السلطات المصرية من مياه وغذاء وإسعافات للفارين من السودان.

قد قامت الدولة المصرية بجهود كبيرة فى محاولة لاحتواء الأزمة، وذلك في إطار ريادة القاهرة ودورها الإقليمي المعهود داخل القارة السمراء، وتمسكها بمبادرة "إسكات البنادق"، تلك التي تبنتها الدولة المصرية في فبراير عام 2019، لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة.

فيما قدمت وزارة التضامن الاجتماعي - من خلال جمعية الهلال الأحمر المصري بالتنسيق مع نظيرتها السودانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والسفارة المصرية في السودان - كل أشكال الإغاثة الإنسانية والطبية والاجتماعية للفارين من مناطق الصراع عند اندلاع عمليات القتال، والتي شملت: استقبال جميع العالقين وإنهاء جميع الإجراءات المالية بأيسر السبل، بالإضافة إلى تجهيز وسائل النقل من المعبر إلى مدينة أسوان والمحافظات الأخرى، توفير وسائل الاتصالات من خطوط تليفون وإنترنت كي يطمأن العالقون على ذويهم.

كما قام الهلال الأحمر المصري بتنفيذ حملة إلكترونية استهدفت الطلبة والطالبات والجاليات العربية للتوعية بمعايير السلامة والصحة المهنية، استقبال الشكاوى من النازحين من خلال غرفة العمليات التي تعمل على مدار الساعة لتقديم الدعم النفسي، وتوجيههم للطرق الآمنة للخروج طبقا لما أقرته الدولة المصرية".

قمة دول جوار السودان

وكان رؤساء دول وحكومات جمهورية أفريقيا الوسطي، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان، قد شاركوا- بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي- في قمة لدول جوار السودان بالقاهرة والتي عقدت يوم 3 يوليو 2023 بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية، لبحث كيفية معالجة الأزمة السودانية، حيث توافق المشاركون على ما يلي:

  • الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات .
  • التأكيد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها .
  • التأكيد على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل.
  • أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل يأخذ في الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطاً إضافياً على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسئوليتهما في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو 2023 بحضور دول الجوار .
  • الإعراب عن القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية، ومناشدة كافة أطراف المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين الأبرياء .
  • الاتفاق على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجاً داخل السودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية .
  • التأكيد على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار .
  • الاتفاق على تشكيل آليه وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في ندجامينا، لوضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الايجاد والاتحاد الأفريقي ، وتكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية إلى الشعب السوداني ، و تعرض الآلية نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان.